22 ديسمبر، 2024 1:58 م

بطانة السلطة بين العدالة وبين الظُّلْم

بطانة السلطة بين العدالة وبين الظُّلْم

ينهج معظم ” بطانة السلطة / شيوخ وفقهاء وقضاة ورجالاتالحكم ، للحقب الأسلامية المتعاقبة ، منذ بواكير الأسلام والى عهدنا الحالي ، دورا ليس له من العدل من صفة ، غير لبوسه الظاهري – هو الشريعة ، أما فحواه فهو خدمة الحاكم ، والتملق له / لنيل العطايا والمناصب ، أو خدمة لأواصر القربى ، أو طمعا لمواقع سياسية أو لمرامي نفعية أخرى ..   في بحثنا المختصر هذا ، سنتناول هذا السياق ، وفق حقب زمنية مختلفة قدر الأمكان . ومن ثم سأسرد قراءتي الشخصية.                                                             الموضوع :                                                                                                                              1 . مقتل عمر بن الخطاب 23 هج ، من موقع / المعرفة ، سأنقل كيف أنتقم عبيدالله بن عمر ، من كل من له علاقة بقاتل أبيه { ولدى سماعه بمقتل أبيه ، قام عبيد الله بن عمر – هو غير أخيه عبدالله ( بقتل أناس ذوي علاقة بأبي لؤلؤة . بعض الضحايا المحتملين ضموا زوجة أبي لؤلؤة وابنته وابنيه ورجل مسيحي يدعى جفينة والهرمزان من خوزستان ( الذي كان قد أسلم وأقام بالمدينة ) . وقد عفا الخليفة عثمان بن عفان عن عبيد الله .. } . والتساؤل كيف تم العفو عن عبيدالله ! ، بعد قتله أفرادا كانوا أقرباءا للقاتل ! تشير المصادر بدور لعبه داهية العرب عمرو بن العاص مع الخليفة عثمان ، فبعد التصفية الدموية التي قام بها عبيدالله { .. ثم أقبل عبيدالله ، بالسيف صلتا في يده وهو يقول : والله لا أترك في المدينة سبيا إلا قتلته وغيرهم .. حتى أتاه عمرو فقال : أعطني السيف يا ابن أخي ، فأعطاه إياه ، ثم ثار إليه عثمان فأخذ برأسه فتناصيا حتى حجز الناس بينهما ، فلما ولي عثمان قال : أشيروا علي في هذا الرجل الذي فتق في الإسلام ما فتق / يعني عبيد الله ،فأشار عليه المهاجرون أن يقتله ، وقال جماعة من الناس : أقتل عمر أمس وتريدون أن تتبعوه ابنه اليوم .. فقام عمرو بن  العاص فقال : يا أمير المؤمنين إن الله قد أعفاك أن يكون هذا الأمر ولك على الناس من سلطان ، إنما كان هذا الأمر ولا سلطان لك ، فاصفح عنه يا أمير المؤمنين قال : فتفرق الناس على خطبة عمروبن العاص / نقل من موقع أسلام ويب } .                                                                  * هنا عمرو أفتى كقاض – حينما قيام عبيدالله بالقتل ، عثمان لم يكن خليفة ، لأجله فالله قد أعفا عثمان من هذا الأمر .. هكذا يبان التلاعب بالوقائع والحقائق ، فكيف لقاتل ، صفى دمويا عائلة وأقرباء وأتباع قاتل أبيه ، ويفلت من حكم الله .

2 . الخليفة هارون الرشيد (149 هـ – 193 هـ) / هو الخليفة العباسي الخامس .. القاضي أبو يوسف ” ( 731 – 798 م ) هو يعقوب بن إبراهيم الأنصاري المشهور بـأبي يوسف وهو من تلاميذ الإمام أبي حنيفة النعمان . هو الإمام المجتهد العلامة المحدث قاضي القضاة“. نظرا لأنشغال الخلفاء بالمجون والخلاعة من جواري وغلمان ، فلا بد من حاجتهم لفقيه أو قاضي ، يكييف لهم أوضاعهم ، وسأستعرض واقعة ، أنقلها من موقع / المنتدى الرسمي للعتبة العباسية المقدسة ، وبأختصار { حينما تقرأ تاريخ أبو يوسفوسيرته كان يتلاعب بدين الله كما يشاء لكي يرضي الحاكم . كان يصانع على دين الله .. ففي كتاب ( تاريخ الخلفاء ) للسيوطي الذي كان يؤرخ فيه لخلفائهم . ففي ص ٢٣١ أخرج السلفي في الطيوريات بسنده عن ابن المبارك / وهو فقيه ومحدث ـ قال : لما أفضت الخلافة للرشيد وقعت في نفسه جارية من جواري المهدي أبيه . وهي لاتجوز له لانّ والده قد وطئها ، ولكنّ الخليفة مصر على رغبته بتلك الجارية : فراودها عن نفسها . فقالت الجارية : لا أصلح لك .. لأن تأتيني فقد أتاني والدك .. لكن الخليفة قد شُغف بها فأرسل إلى أبي يوسف فسأله أعندك في هذا شيء؟ ـ اي هل عندك حيلة ومخرج ؟ فقال أبو يوسف : يا أمير المؤمنين أكُلما دَعَت أمة شيء يجب أن تُصدق ؟ ـ أي هل يتحتم علينا أن نصدق شيئا تدعيه اي جارية ونُسلم بصحة إخبارها ؟ .. أي لا تأخذ بقولها ولا تصدقها فإنها ليست بمأمونة ولا صادقة .. بناءا على قول وفتوى القاضي أبي يوسف ، ذهب هارون الرشيد ووطأ جارية أبيه } .                                                                                                                     * نلحظ بهذه الرواية ، أن القاضي أبا يوسف حلل الأمر ، طمعا بعطايا ورضا الرشيد ، المسحور لبه بوطأ جارية أبيه . وهذا خلافا للآية ﴿ وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۚ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا / 22 النساء .

3 . أما السلطنة العثمانية ، فأن تاريخها كارثي ، وقضاتها ليس لهم دين يتبعوه ، سوى دين سلاطينهم ، وأنقل من موقع أضاءات / بقلم – أكرم بوغرا إكنجي ، بعض اللمحات عن عملية قتل الأخوة { بلا شك أن مسألة قتل الإخوة من أكثر القضايا إثارة في التاريخ العثماني ، فقد منح دستور السلطان محمد الفاتح (1481) إعدام الأفراد الذكور من العائلة الحاكمة ؛ تجنبًا لحصول حادثة الفوضى التي نشأت عن فترة خلو العرش في عهد بايزيد الأول .. وكان السلطان عثمان الثاني (1622) يريد إعدام أخيه ، عندما أراد الذهاب في حملة «خوطين» العسكرية ، وذلك تحرزًا من أي عملية انقلاب خلفه ، عندها رفض شيخ الإسلام ، أسعد أفندي ذلك الطلب ، ولم يعطه فتوى القتل ، مما حدا السلطان بأن يأخذ الفتوى من قاضي عسكر الروم إيلي ( قاضي الجند ) طاش كوبرى زاده } ونلاحظ أن القضاة يوفقون ذلك شرعيا ، ويسترسل الكاتب {{ شرح العلماء العثمانيون مسألة قتل الإخوة من خلال الآية القرآنية في سورة الكهف (18/80-81) ، على لسان رفيق موسى : {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا} ، فأجابه موسى عند انتقاد رفيقه له في السفر نتيجة هذا القتل : {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا، فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا} . }} هنا أن قضاة المسلمين يوفرون للحاكم الغطاء الديني للقتل ، حتى أن كان المقتول أخ السلطان ! وأختم بمؤشر يناقض وقائع القتل من أجل السلطة بحكم آل عثمان { بصعود السلطان أحمد الأول إلى العرش ، عام 1603، لم يقتل إخوته ، ومن بينهم الأمير مصطفى ، وهو مؤشر على أنه شخصية متسامحة . وكان درويشًا صوفيًا ، ولم يكن لديه أي طفل لتولي عرش السلطنة . وتصرفه قد يكون مرتبطًا بالسخط العام نتيجة إعدام والده محمد الثالث إخوته الـ19 عند توليه الحكم } .

4 . الأمير محمد بن سلمان  1985 م – / ولي عهد المملكة العربية السعودية . هذا الأمير أحدث أنقلابا أجتماعيا ودينيا وسياسيا .. في المملكة ، فقد حجم من دور المؤسسة الدينية ، التي كان يتحكم بها أحد أحفاد الشيخ محمد بن عبدالوهاب – مؤسس المذهب الوهابي ، وهو الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ . فجمد ما كان يعرف بمؤسسة ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) . أضافة الى أنه شطب ما يسمى بأحاديث الآحاد ، وأبقى على أحاديث التواتر ( فالحديث المتواتر : هو ما يرويه جماعةٌ من العدول الثقات عن مَنْ هم مثلهم في هذه الصفات حتى يصل السند إلى النبي ، وحديث الآحاد هو ما رواه واحد أو اثنان أو عددٌ لا يصل عددهم إلى حد التواتر وهم عُدولٌ ثِقات ، عن من هم مثلهم في الصفات والعدد ، وهكذا حتى يصل إلى النبي ../ نقل من موقع موضوع ) .. وفي المجال الأجتماعي ” سمح بأقامة الحفلات الغنائية والمهرجانات ، السماح للمرأة بسياقة السيارة ، وحضور النساء للحفلات والمباريات الرياضية وتوليهن المناصب وسفرهن دون محرم .                     * كل شيوخ السلطة ، ومعظم المؤسسة الدينية / بل كلها ، بما فيها مفتي المملكة ، لم يجرأ أحدا على مخالفة أوامر الأمير ، الذي ألغى معظم ما سنته المؤسسة الدينية لعقود طويلة ، من أنظمة تكبل المملكة أجتماعيا وحضاريا وعقائديا .. هذا هو وضع رجال الدين ، عندما يصطدم الأمر بالمناصب والأموال ، فالدنيا خير من الأخرة ! .. ولا خروج عن طاعة الحاكم ! .

القراءة :                                                                                                                                  1 . بطانة السلطة من شيوخ وقضاة هم في خدمة الحاكم ، يحرمون الحلال ويحللون الحرام ، في سبيل أرضائه ، وهذه الشلة من المؤكد لهم مسبباتها وحججها ، ويعزون ذلك الى بعض النصوص القرآنية ، وما جاء في السنن النبوية ، فمن موقع / أبن باز أنقل التالي ، بصدد أطاعة الحاكم ، وشيوخ السلطة رقعوا التالي تلبية لما يطلبه الحكام ( فقد قال الله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء: 59] ” ، فهذه الآية نص في وجوب طاعة أولي الأمر ، وهم : الأمراء والعلماء ، وقد جاءت السنة الصحيحة عن رسول الله تبين أن هذه الطاعة لازمة ، وهي فريضة في المعروف ) . من جانب أخر ، ذات الشيوخ في تعاملهم مع العامة ، فالأمر يختلف ، فهم يطبقون الأحكام بصرامتها ولا جدال في فرضها .          2 . ولا نستغرب من أن هذا الوضع كان منذ زمن الحقبة المحمدية ، فتذكر المصادر التاريخية ، أن الرسول محمدا كان قد تزوج صفية بنت أحيي / بعد أن أشتراها من دحية الكلبي بعد فتح حصن خيبر ، وذلك بعد قتل زوجها وكان قد قتل والدها وأخيها ، ولم تتم عدتها ، مخالفة للنص القرآني ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ۖ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير234 / سورة البقرة ) هنا أن محمدا هو الرسول والحاكم والقاضي ، ولا يحتاج لمن يفتي له ، ومن يجرأ فيمخالفته فيما أصاب أو كان قد أخطأ.