الأحداث التي عاناها العراقيون، أجهضت المشروع الثقافي، من وجوهه كافة، حيث بات التشكيليون والمسرحيون والادباء وسواهم، في مأزق محير، ولم يبقَ أمامهم سوى أن يدوروا على السفارات؛ يطرقون أبوابها علّ ملحق ثقافي يقتني لوحة او معارض يلتزم مسرحية فيها إسقاطات لصالح قضيته ضد بلده!
فبعد أن عاش الرسام والنحات والخزاف والممثل والقاص والشاعر والاعلامي، في رغد، مما تدره عليهم أعمالهم، من مال وشهرة.. “ريح وريحان وطيب مقام” الآن لا معرض يقام ولا مسلسل تلفزيوني يصور.. غابت فرص العيش الثقافية.. الشاعر لن يعيش من قصائده والقاص لن يطبع رواية تكفيه رفاها مقيما.
فالرسام يرجع الى أبيه عشاءً باكيا: “منع الكيل منا” لم تشترَ أية لوحة، او منحوتة، او قطعة سيراميك، من معرضي، وهذا يعني أن عائلته لن تأكل… والممثل لن يجد كاميرا تصور أحداث مسلسل فيقبض من المنتج قيمة مالية توقر موهبته التي أنفق سنوات من عمره وجهده في صقلها أكاديميا.. إننا في بطالة ثقافية وعطالة معيشية.. لا جدوى!
تنهمر التساؤلات: هل نحن في مجتمع متحضر يرعى الجمال؟ وهل يخطط لمستقبلنا أناس متعلمون مسحورون برسم حروف الإبهار على صفحة التاريخ؟ أم “هاك يه إشته طعامك – أي: إذهب أنت وربك؛ فقاتلا، إنا هنا قاعدون”؟
وتلك القاعدة لا تصح مع الثقافة، بإشتمالاتها كافة.. الادب والفن والاعلام والأكاديميا؛ لأنها البنت المدللة، العيال على ميادين الحياة السياسية والاقتصادية والصناعية والزراعية.. كلها تنفق على الجمال؛ كي يزداد بهاءً، عملا بقول الشاعر: “دع الجمال يثرثر”.
لكن ما عادت الثقافة الحسناء تتجمل، مزهوة بفتنتها؛ لأنها مهملة، لا يجد الفنان والاديب والاعلامي والاكاديمي قوت عياله، في زمن الفساد والإرهاب…