23 ديسمبر، 2024 10:50 ص

بطاط (العرب السنة ) في حضرة لقاء النجيفي واوباما….!

بطاط (العرب السنة ) في حضرة لقاء النجيفي واوباما….!

في حركة من حركات الجهل السياسي المعهود بالسيد رئيس مجلس النواب العراقي اسامة النجيفي , المغرور المتجهم دائما , نراه ونحن في خضم واحدة من اكبر الازمات السياسية والانسانية التي يتعرض لها الوطن بشكل عام والمكون الطائفي الذي يمثله ( العرب السنة ) بشكل خاص , هذا المكون الذي كفل له بحجمه وثقله الجيوسياسي المهم منصبه كرئيس لمجلس النواب , وهو المنصب الاعلى والاهم للعرب السنة في اطار المحاصصة التي تعده اضافة الى منصب رئيس الوزراء بيضتي القبان التي تستغرق كل منهما مايعدل نصف الحصة العامة من الاستحقاق المناصبي للمكونيين الرئيسين في التشكيلة السياسية العراقية بشقيها التشريعي والتنفيذي , ورغم الاهمية المشار اليها والحضور المفترض والفعل والاثر المنتظر من شاغله في تحريك وتوجيه وتصويب الواقع السياسي بما يخدم الوطن ويعبر عن شريحته الجماهيرية الا اننا لم نلاحظ ابدا مثل هذا الفعل والتاثير للسيد النجيفي رغم مرور اربع سنوات على تسنمه المنصب , وقد اختار النجيفي ان يختم حضوره السلبي الذي هو اقرب للغياب بتجاهل موجة الاحداث الخطيرة والفوضى الامنية والسياسية التي يمر بها الوطن هذه الايام والتوجه لزيارة الولايات المتحدة الامريكية في وفد لانعرف ماذا يمكن ان نطلق عليه في ظل تشكيلته الغريبة ومهمته الصامتة غير واضحة الملامح اذ ضم الوفد احد اشقاءه وابن شقيقه الاخر وابنه واحد قيادات كتلة متحدون وشخص اخر تحوم حوله عشرات الملفات المشبوهة , ويبدو ان مستشاري النجيفي ومعلميه السياسيين قد اقترحوا عليه هذه الزيارة لانها قد يبدو عليها في توقيتها السئ هذا انها تحمل ايحاء البحث عن حلول ومخارج لأزمة وصراع طال زمنه وعقمت حلوله رغم كثرة اللاعبين خارجيا وداخليا , ويبدو انهم لم يقدّروا شكل الانطباع العام الذي خلفته هذه الزيارة والذي لم يكن في صالح التوقعات المتفائلة للنجيفي ومستشاريه , حيث لم تفسر الا كنوع من الهروب والتنصل والبحث عن منافذ ودواعم لطموحات سياسية معلقة بخيوط امل واهية في المعركة الانتخابية القادمة , وقد عُدّ سفر النجيفي هذا تخليا عن ذروة معارضة وصراع ومقاومة طويلة قدمت فيها تضحيات كثيرة من اجل حقوق مهدورة لجماهير مكونه الطائفي دفاعا عن وجود مهمش مضطهد بكثير من الممارسات الظالمة للحقوق وعن دماء غزيرة هدرت وعن مقدسات غالية اهينت وقيم عزيزة انتهكت في ظل تعنت وتجبر ممثلي وقادة المكون الاخر الممسك بعنق الحكومة التنفيذي وذراعها المسلح لتحقيق اجندة عقائدية خاصة مثقلة بكثير من التاثير الاقليمي المعروف , لقد ادار النجيفي ظهره لاعتصامات دامت مايقرب من عام كامل ببرده وحره وحلوه ومره في كل محافظات العرب السنة وابرزها اعتصامات محافظة الانبار التي لاقت عنتا وعنادا شديدا من رئيس الوزراء نوري المالكي في تحقيق أي من مطاليبها التي تبدأ بالمطالبة باطلاق المعتقلات النساء من السجون الحكومية الرهيبة وتنتهي بمحاولة تاكيد اهميتهم كمكون في الوجود الوطني بعد سنوات تهميش واضطهاد مفرطة القسوة , وقد فات النجيفي الذي شد رحاله فجأة الى بلاد العم سام ان الامور مرشحة في اية لحظة الى انفجار كبير وحرب اهلية عاصفة قد تودي بالبلاد والعباد الى هاوية لاقرار لها وتحرق الاخضر واليابس , خاصة في ظل تصرفات هوجاء اقدم عليها رئيس الحكومة عبر استعمال قوة الجيش ثقيلة التسليح في التعامل مع معتصمين سلميين لم يظهر منهم خلال عام كامل اي رد فعل عنيف رغم طول مدة الاعتصام مما يمكن ان يشخص كدرجة عالية من درجات ضبط النفس لشريحة جماهيرية كبيرة تعاني كل هذه المعاناة قياسا الى اية ممارسات مماثلة في شعوب ودول قريبة مشابهة لها في الملامح الاجتماعية والمكونات العرقية والدينية والثقافية .
ربما سيحاول البعض من حسني النية ايجاد مبررات معقولة لهذه الزيارة , فيقولوا ان السيد رئيس مجلس النواب بصفته التمثيلية لكل الشعب ذهب ليبحث عن حل هذه المعضلة لدى الولايات المتحدة الامريكية وهي العراب الاكبر وحلال المشاكل الكبار الذي يحسن ان تفعل مايعجز عنه الاخرون وتملك ان تقوم بما لايجرؤ عليه غيرها بل وان تتصدى للاعب الآخر بالغ الخطورة والتاثير في الشأن العراقي وهو ايران .
وقد يتفيقه المتفيقهون فيؤكدوا ان هذا التوقيت يعد الامثل للحل وان أي تأخير قد يتسبب في كارثة , خاصة ونحن مقبلون على انتخابات بعد اشهر قلائل , وسيكون من المفيد ان ندخلها متسلحين بالتأييد والدعم الدولي بل الامريكي بصراحة اكبر .
وربما زاد المزايدون فذهبوا الى ان هذه الزيارة قد تكون جس نبض من النجيفي للامريكان حول حلمه باعتلاء عرش رئيس الجمهورية , في ظل غياب مرشح كردي واضح مناسب للمنصب الذي خلا منذ اختفاء الرئيس جلال الطالباني المتأرجح بين اخبار الموت والحياة منذ سنة كاملة.
ورغم ان لنا وجهة نظر قد تبتعد او تقترب مع المبررات الآنفة الذكر الا اننا نضع خطا احمر كبيرا معترضا تحت احدها وهو طموح النجيفي وطمعه بمنصب رئيس الجمهورية , فنحن لم نر منه خلال اربع سنوات مضت لا قمحا ولا شعيرا وهو رئيس برلمان حتى يمكن ان نأمل منه وهو رئيس جمهورية , خاصة وان هذه المنصب اعتباري بروتكولي باهت الحضور والتاثير في الفعل السياسي .
اننا نعتقد ان تهافت النجيفي وراء هذا المنصب لايعكس الا طمعا وجاهيا مريضا لرجل يحمل في داخله ارث مرارة الاقطاع الذي ازالت عنه سطوته وسلطانه الحكومات الاشتراكية والثورية المتعاقبة ولفترة طويلة تقرب من 40 سنة .
ولكن الاكثر غرابة من دوافع واسباب زيارة رئيس البرلمان الى امريكا هو شكل الوفد الذي اختاره النجيفي لها , فقد كان ظهور اعضاء الوفد المرافق للنجيفي لدى استقبال الرئيس الامريكي باراك اوباما لهم في البيت الابيض مدعاة لكثير من الاستغراب والاسئلة بل الاستهجان ايضا , فلم يكن الوفد برلمانيا يمثل البرلمان العراقي ولاحزبيا يمثل كتلة متحدون التي يتزعمها السيد اسامة النجيفي , بل كان مزيجا غريبا لايمكن ان نطلق عليه الا ( خلطه بيطه ), وأغرب ما في هذه الخلطة اننا رأينا لاعبا جديدا في الفريق لم نكن قد تشرفنا بوجوده من قبل ولا نعرف له تصنيفا في المجموعة او تبريرا في الحضور لا سياسيا ولا بروتكوليا و لاقانونيا ولا عرفيا , وهو شخص يدعى أنس التكريتي ,, الذي ظهر الى يمين النجيفي في اللقاء بينما كان سليمان الجميلي يقف على يساره رغم انه المعلم والمستشار السياسي الاول للسيد اسامة النجيفي , في ترتيب واضح الدلالة عن اهمية أنس التكريتي لديه على الرغم من ان الجميلي تنطبق عليه مقولة ( ان حضر لايعد وان غاب لايفتقد ) ولمن لايعرف سلمان فنقول انه الداعم الاساس والرئيس لوزير الكهرباء عبدالكريم عفتان الذي بكى في حضرة مختار العصر عندما ارداوا سحب الثقة منه وكلاهما الجميلي وعفتان ( ثور الله بارض الله )…!! اي هذا يعني اننا لانستغرب في القريب ان نرى نوري المالكي مصطحباً واثق البطاط الى البيت الابيض لمقابلة اوباما او بايدن او جون كيري…!!
ولمن لايعرف انس التكريتي هذا ….اقول انه عراقي الاصل من مواليد 1970 يحمل الجنسية البريطانية و حاصل على شهادة الدكتوراه في السياسة , وقد هاجر مع عائلته الى انكلترا سنة 1972 وكان طفلا في الثانية من عمره مما يعني انه لايعرف العراق شيئا ولايربطه به الا الوثائق الرسمية حسب , وابوه هو الدكتور اسامة التكريتي المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين فرع العراق والامين العام السابق للحزب الاسلامي العراقي , وقد كان عضوا في البرلمان العراقي بدورته السابقة عن كتلة التوافق , ولكن السؤال الذي يحضر بقوة هنا هو : ما دخل كل هذا في معنى وسبب حضوره مثل هذا الاجتماع مع رئيس اكبر واهم دولة في العالم وباية صفة ؟؟
ومما يدعو الى مزيد من الريبة ايضا هو ترؤس أنس التكريتي لمؤسسة يحوم حول اعمالها كثير من اللغط والشكوك والشبهات وهي مؤسسة قرطبة للحوار العربي والاوربي كما يقول عنوانها العريض و مقرها لندن وتعدّ الذراع السياسي الاهم لجماعة الاخوان المسلمين العالمية . وفي مراجعة سريعة لنشاط السيد انس التكريتي المعلن نجده :
1-عضو مجلس شورى الرابطة الاسلامية في بريطانيا
2-عضو الهيئة الاستشارية لوحدة الاستشراف والدراسات في جهاز التخطيط العالمي لجماعة الاخوان المسلمين .
وقد كان له ولمؤسسته قرطبة نشاط كبير في السنتين الماضيتين في دعم حكومة الاخوان المسلمين في مصر والدفاع عنها وعن الرئيس محمد مرسي عبر استخدامه لشبكة واسعة من علاقاته الشخصية بكثير من مراكز القوى والدوائر المتنفذة في اكبر دول العالم .
وكل هذا ايضا لا يعطي السيد انس التكريتي صفة تمثيل العراق مع رئيس مجلس نوابه امام القوة العظمى والدولة الاكبر والاهم , ترى كيف استطاع النجيفي ان يمرره في الاجتماع , وكيف قبله الامريكان رغم تاريخه السياسي المريب وملامحه العقائدية والايدلوجية الشائكة,, هل اراد النجيفي ان يقدم نفسه من خلال أنس التكريتي كراعي للطائفة السنية في العراق , خاصة وان الرجل يعد وريثا لقيادة اقدم الاحزاب السنية في البلد وهو الحزب الاسلامي الذي يمثل الواجهة السياسية الوحيدة لجماعة الاخوان المسلمين في العراق , وهل يظن النجيفي ان دعم انس وابيه له عبر شبكة علاقتهم الدولية يمكن ان يعيد النضارة الى وجهه السياسي بعد ان شابه كثير من الكلاحة والشحوب والجفاف , اعتقد ان اسامة النجيفي نسي ان الدعم الدولي بل والدعم الامريكي بوجه اخص لن يستطيع ان يؤثر في الارادة القوية في اوساط جماهير مكونه الطائفي خاصة وانهم يرسلون اشارات واضحة بافعالهم الرافضة واعتصاماتهم وثورتهم المشتعلة الان تقول انهم قد عقدوا العزم على اسقاط جلّ الطبقة السياسية التي مثلتهم سابقا من حساباتهم السياسية والانتخابية بعد ان لم يجدوا منهم نفعا او طائلا في السنوات الاربع العجاف الماضية , وعلى رأسهم اسامة النجيفي الحاضر الغائب المتجهم المتعالي الذي لا يشع الا نفورا وسلبية في وجوه ناظريه .
اعتقد ان وعّاظ النجيفي وحاملي مباخر مدحه سيحاولون ان يخففوا من وقع هذه القضية واعني بها اصطحابه لانس التكريتي وتجاهله قائمة طويلة من اعضاء البرلمان او اعضاء متحدون في تعبيرعن تفرد ودكتاتورية ارادة واضحة , وسيخترعون له الاعذار والمبررات بل ربما سيقولون ان حضور (انس) باهمية حضور النجيفي في هذا الاجتماع , الا اننا نقول للسيد رئيس البرلمان : لست حرا في قراراتك في مثل هذا الامر ولايمكن لك ابدا ان تلعب بهذه الخطورة في شؤونا السياسية خاصة وانت تحمل صفتك الرسمية التي وصلت اليها بارادتنا واصواتنا ولم ترثها من اقطاع اسلافك واهلك , وانك لولا هذه الصفة وهذا المنصب لما كان لك ان تقابل رئيس الولايات المتحدة الامريكية وانت بكامل الهيل والهيلمان , فلا تستخدم سلطاتنا وصفاتنا لتمرير صفقاتك المشبوهة واطماعك , وان يوم الانتخابات القادمة لقريب وهو يوم لن ينفعك فيه انس ولا ابوه , لان ارادة الشعب اكبر من احلامك واحلافك و طموحاتك , وستكتشف ساعة يوضع صندوق الانتخابات ان صوت الشعب اكبر من كل داعميك , وسوف نراكم جميعا في الغد القريب أي منقلب تنقلبون ,الا تعتقد معي ان غدا لناظره قريب بل قريب جدا .