26 نوفمبر، 2024 1:52 م
Search
Close this search box.

بصراحة عن “السنة والشيعة”

بصراحة عن “السنة والشيعة”

 تاريخيا يوجد بلا ادنى شك خلاف مذهبي بين الشيعة والسنة ليس في العراق وحسب بل هو في كل العالم الاسلامي. لكن في العراق يبدو امر هذا الخلاف مختلفا الى حد كبير. حيث انه سرعان ما يتحول الى صراع طائفي حين  يكون هناك مؤثر خارجي. ونتيجة لهذا المؤثر الخارجي يتحول العراق الى ساحة لتصفية الحسابات يدفع ثمنها الشيعة والسنة على حد سواء. حصل هذا اثناء الاحتلال العثماني للعراق الذي دام اربعة قرون. كما يحصل اليوم بعد الاحتلال الاميركي للعراق عام 2003 وفشل اميركا في بناء نموذج دولة على غرار ما فعلته بريطانيا عند احتلالها العراق اثناء الحرب العالمية الاولى حيث تم تجنب الدخول في صراع طائفي شبه مفتوح مثلما يحصل اليوم. لا احد يملك حلا واقعيا او سحريا لهذا المستوى من الصراع الطائفي الذي يطلق عليه الكثيرون من باب التخفيف الطائفية السياسية.
هناك من يرى ان الحل يمكن في العودة الى القبضة الحديدية, وهو ما يعني الانقلاب العسكري ولو على غرار ما حصل في مصر على يد السيسي. لكن من يتمنى ذلك يتناسى ان السيسي ترجم ارادة 35 مليون مصري خرجوا ضد ديمقراطية ارادت ان تتمكن قبل ان تحقق أي انجاز. وهناك من يرى ان حداثة التحول والتجربة الديمقراطية التي رافقته ربما تسمح بهذا الهامش الدموي الى ان تستقر الاوضاع حتى ولو بعد حين.
هناك ايضا مقترحات لحلول اخرى مثل الفيدرالية طبقا للنموذج الاميركي الذي اوصل مهاجرا اسود (باراك اوباما) الى منصب رئيس جمهورية من البيض. او النموذج الهندي الذي اوصل عدة مواطنين مسلمين الى منصب رئاسة الجمهورية في بلد لايشكل المسلمون فيه سوى اقلية سكانية. المثقفون والمفكرون العراقيون ممن بدات ترتفع اصواتهم يسعون الى ترسيخ مفهوم المواطنة الذي يلغي بالضرورة الهويات الفرعية الدينية والعرقية والمذهبية والعشائرية. سبق للملك فيصل الاول ان تبنى في ثلاثينات القرن الماضي مشروعا مشابها لكنه اعرب عن خيبة امله في امكانية تحقيقه. الظروف الان تسمح باعادة التاكيد على اهمية ذلك من منطلق انه لم يعد امام العراقيين للتخلص مما باتت تطلق عليه المنظمات الدولية حرب “الابادة الجماعية” التي يتعرضون لها.
الواقع ان طبيعة التحديات التي تواجهنا كعراقيين تتطلب استجابة نوعية لمجابهتها والا فان مصيرنا المشترك لن ينتهي عند حدود التفتيت والتجزئة والاقلمة وما الى ذلك من خيارات مرة بل يمكن ان ينتهي الى ماهو أسوأ من ذلك بكثير.
ما نحتاج اليه الان هو استجابة مجتمعية شريطة ان تنضج على نار هادئة مع تكوين راي عام ضاغط باتجاه تعميق رفض طبيعة وجوهر الصراع الشيعي ـ السني بكل ارثه المدوناتي المختلف على كل تفاصيله مع الاتجاه بتعميق روح المواطنة لاسيما ان هناك شعورا مجتمعيا عاما يدفع بهذا الاتجاه لكنه يحتاج الى قوة ارادة وراي عام ضاغط ومؤثر وفعال. 

أحدث المقالات