18 ديسمبر، 2024 10:05 م

بصراحة ..انهارت كل المحاور.. ومن حقنا أن ننتقد..!!

بصراحة ..انهارت كل المحاور.. ومن حقنا أن ننتقد..!!

بلا شك ما نطرحه من اراء بشأن ضرورة الاسراع بموضوع الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي ، وما يعادلها من امورنا التربوية والصحية ،هو احساس مطلق بمدى الانهيار التام لكل هذه المحاور التي تجاوزت خطوطها الحمر ، ولم يعد بإمكاننا على حل ومعالجة على اقل تقدير ولو  واحدة منها ،لنضع الاخريات في قائمة اهتماماتنا ليتسنى للسياسيين  بلورة افكار جديدة التي تصب في مصلحتنا الوطنية لتجاوز ما نشكوه ونعانيه منذ عشر سنوات..
تواضعنا في عدم اثارة تلك المسائل بصورتها الحقيقية هو حرص منا على غلق منافذ القيل والقال ، لان البعض يرى في صراحتنا الدائمة ، واقولها بأسف استهانة لمكانتهم وطعن لشخصيتهم السياسية ضاربين بعرض الحائط حق المواطن في معرفة ما هم عليه من ابهة وثراء ، ومعرفة ما يدور في مضاجعهم الصيفية والشتوية التي توزعت بين لبنان والقاهرة وقبرص ويونان ، وكيف تكونت لديهم  كل هذه الثروات خلال سنوات قليلة ..؟؟حتى اصبح الثراء الغير المشروع  عند الاغلبية من السياسيين مسالة يحتم الباحثين بدراستها لإيجاد لغزها المحير التي من الصعوبة للفرد البسيط منا الوصول اليه ..
لذلك فحين التقي بالزملاء والاخوة الاصدقاء من الكتاب وهم منقسمون  ، اجد البعض يجعل من التلميح وسيلة لإفهامنا أو بالأحرى استدراجنا من باب الحرص على شخصيتنا الى لغة  الاعتقاد بان ممارسة النقد لمناهج الدولة ونظامها السياسي وشخوصه ، هي من الممنوعات ولا يجوز تخطيها بهذه الدرجة من النقد والصراحة ، لأنها مكلفة في بعض الاحيان ،  فيما يرى البعض الاخروهو الاعتقاد  الصحيح ان في ثورتي وانفعالاتي حقيقة واحدة ، في باطنها وظاهرها طموح وطني صادق في نظام سياسي متزن فعال  في  بناء مؤسسات الدولة قادرة على التدبير ومعالجة الاخطاء ، وتنظيم الحياة العامة على اسس عصرية حديثة اسوة بدول الجوار الذين لا يملكون ما نملكه نحن من ثروات وواردات ،  وهذا البعض من الزملاء يعتقدون ان هذا النوع من المقالات قد تكون البداية ، ولكنها ينبغي ان تكون مقدمة وسياسة لي ولغيري للمطالبة بالإصلاح السياسي ، وضرورة ابعاد الوجوه التقليدية الباهتة عن الساحة السياسية الذين لم يقدروا خلال الفترة المنصرمة ان يقدموا شيئا ، بل كانوا ولا يزالوا عبئا ثقيلا على العملية السياسية ، ومن جراء افعالهم واجتهاداتهم  التي كلف العراق الكثير من الثروات والاموال وضاعت بسببها فرص الارتقاء والتقدم  ، ونجد ان العملية التي يسمونها بالديمقراطية تحتضر ، وربما اذا بقيت الحال فإنها تهلك ..!!
لذا فان في انتقادي للمسار السياسي لأشخاص العملية السياسية ان كانوا في اقليم كوردستان أو من سدنة حكومة المركز ، فانه لا تنم من عداوة شخصية او حقد او كره احمله تجاههم ، بقدر ما هو مصلحة وطنية ينبغي ان يدركونها قبل ان تحل الكوارث ، لان الشعوب قررت ان لا تخاف ، ولا تجامل حكام نظمها السياسية ، ولا تساوم لاحقتيها في نيل مطالبها  المشروعة ، خصوصا ونحن مقبلون على خوض الانتخابات العامة المزمع اجراءها مطلع العام المقبل ، والذي ينطلب ان يكون الفائزون بمقاعدها وجوه جديدة لا هاجس يشغلهم عن الوطن…
المقربون مني يقولون لي همسا انك تحرق نفسك مع الذين لا حول لهم ولا قوة ، لا حكومة ارضيت وسياسيين كبار كسبت ، وستكون نهايتك ان تبقى تقرا ما تكبته ، ولا احدا ينصت لك ، أو تكون ..تكون ..تكون..، ولكن الثابت بالنسبة لي هو انني مقتنع بما اكتبه ، وفي عقلي شيء غير الذي يغامر به البعض ،  لا اريد سوى الانقاذ السريع، السنوات العشر التي مضت على تغيير النظام لايمكن ان نقبل لتكون بعد الان قابلة للمجاملة والمزايدة بكم جديد من الشعارات واللافتات ،..!! قد يضحك البعض مني اذا قلت انني في اغلب الاحيان لا أنام الليل لكثرة الهواجس التي تنتابني ، فإنني منذ ان ابحرت في عالم الكتابة كنت اخشى دائما من عالم الثقافة المغشوشة التي تؤدي  الى الخضوع للماديات والمغريات  ، ومنها تأتي الفتن والنزاعات التي تقطع روح الوصال  والتالف ، وبدات رافضا لها ولا زلت لأنني مؤمن تماما بان الوطن هو أكبر من ان نحشره في اجتهادات ضيقة  التي تؤدي به الى المزيد من الكوارث….
لذلك ففي خضم معاناتي الانسانية أتحسر على وطن مزقته الاديان والاجتهادات الصوفيهوالفقية ،في وقت والعالم تتجه صوب  بناء انسانها على اسس علمية وثقافية التي تجنبه من خطر الهلاك ، في حين نجد في المقابل سياسيينا وقد امتطوا صهوة مصالحهم ومنافعهم الشخصية ، ويرفضون الترجل منها بدعوى ان (وطنهم يتمزق) في ظل غيابهم عن الساحة ، وكأن الوطن مملوك خاص لوحدهم ، وهم أولى بتمزيقه  ،  ولهذا نجدهم يراوحون في المربع الاول ، ولا يملكون ما يضيفونه من علم وثقافة ووعي سياسي ينتشلون به  ما  بقي من ارثنا  الثقافي والاجتماعي ، في وقت والفرصة التي تهيأت قد انتهت واضمحلت ، وما كانت تفوت لو استفاد منها القائمونعلى قيادة البلاد لأصبحت أحوالنا افضل مما نحن عليه الان ، والذين وضعوا انفسهم في دوائر ضيقة انعدمت فيها الادوار حتى باتت العقبات التي تواجه عملية بناء الدولة من اصعب العقبات لا يمكن تخطيها (بموضة) التحالفات أو (بالتوافق) الذي يمررون به صفقاتهم السياسية التي لا يمكن اعتبارها الا كلعبة سياسية ذكية  لحماية ما اكتسبوها من مكاسب مادية ونفوذ ، ولهذا من البديهي ان نؤكد ان الفساد المستشري في دولة مثل العراق لا يمكن تجاوزه الا  بتطهير مؤسسات الدولة ومرافقها (ان وجدت) من الطارئين الذين جاءت بهم اللعبة الامريكية الذكية للوصول الى منابع النفط ، والتمركز قرب المياه الدافئة في الخليج ، لاحتواء المفاجآت التي تغلي قرب سواحل المنطقة ..
ولهذا فما اراه مناسبا ان اقول ، الذين يخافون النقد على افعالهم وتوجهاتهم  ويعادون اصحابه  فهم  اشباه أولئك الذين لا يركبون البحر الا من أجل المنافع  الشخصية ، آن الأوان لهم  ان يتفرغوا  لتجارتهم ، بناء البنوك ، وانشاء المعامل ، واقامة الحقول الزراعية والحيوانية ، وبناء مجمعات سكنية  ، فتح محلات الصيرفة الخاصة بالعملة الاجنبية ، الدخول كطرف في الشركات الاستثمارية العالمية ، وشراء اساطيل النقل البرية والبحرية للاستيراد والتصدير، بناء المشافي الخاصة واستخدام اطباء اجانب في ادارتها ،فضلا من انشاء الاسواق الكبيرة ذات المواصفات العالمية ،فبلا شك ان هذه الاختصاصات تفقد الرجل السياسي خصوصا اذا كان ذو منصب القدرة على التفكير بالمصلحة الوطنية  ، وربما ان الوطنية ليست بمهنة  مربحة كما يبتغون فعليهم ان يختاروا الاصوب والاسلم في ظل  ثورة البراكين التي تغلي كل يوم وفي كل مكان تحت  الاقدام دون سابق انذار….
ومن هنا يتزايد الحاجة للبحث عن ما يجمع العراقيون على حب الوطن والتعايش تحت ظلاله ، لكي يدرك كل عراقي منا دون المرور بالتسميات ان العراق ليس بحاجة لأحد ان يكون وصيا او مرشدا عليه ، بقدر ما هو بحاجة الى عقول ناضجة تنقذه من خطر اصحاب الدعوات التحريضية , وانصار التخويف من الوحدة الوطنية ورص الصفوف الذين يميلون الى بث الفتن والفرقة ، ويتاجرون بموجوداتهم الفاسدة املا ببلد ممزق الاشلاء ، وما أكثرهم فهم الهدامون الذين يهدمون رغبة في الهدم والخراب أو الانتقام ….
حالات متشابهة لا تخلو منها دولا كثيرة سقطت نظمها السياسية ووقعت في الانفاق المظلمة ، الا انها تحررت من سوادها دون ان تزرع عبوة ناسفة على قارعة طريق لتقتل الاطفال ، وهم في طريقهم للمدرسة ، او تجلب من هنا وهناك شاحنة ملغومة بالموت والدمار ، بل تجاوزتها شعوب تلك الدول من اجل رفعة بلادها ، واستطاعت ان تعيد العافية بشكل ملفت للنظر…
لذلك فان الفساد والتسيب وعدم الشعور بالمسؤولية قد ابتلينا بها ، بل وزادت على المعدل المتعارف، زيادة تنذر بالخطر ، خصوصا حين انتقلت تلك الاوبئة من الادارة والمؤسسات الى الحياة السياسية والحزبية ، وهذا باعتقادنا شيء خطير جدا ،فعندما ينتقل المرض الى الطبيب المعالج يصبح الأمر اكثر مأساة ، لأنه ما هو معروف ان الاحزاب ومن صميم اعمالها معالجة الفساد وتعرية الفاسدين بما يستحق امام جماهير الشعب ، ولكن الاحزاب نفسها بقيت تراوح في ذات المربع ، وهي عاجزة عن اداء دورها لعدة اعتبارات ..
 ومن هنا ما احوجنا الآن وليس غدا ان نمارس النقد بعقلية وطنية خالصة لنضع حدا للتجاوزاتعلى حقنا الوطني الذي هو ملكنا ،فلولانا لما اصبحوا جزءا منه ، ونغادر عبادة الاشخاص  ،  وتمجيدهم  الذي لا يزيدهم الا غرورا وعظمة ، وتمهد  لهم السبيل لممارسة الظلم والطغيان ويخرجوا من ثوب بشريتهم المعتادة ليتحولوا الى كابوس يقطع سبل تحررنا من ذاتنا المشبع بالخوف من مستقبلنا المجهول ……