تصرفت روسيا، بحكمة عالية، في صد الضربة العسكرية.. دبلوماسيا.. عن سوريا، من خلال الاحتكام لمنطق العقل، في الحد من جنون الحروب.. الداخلية والخارجية.
دبلوماسية وقائية، وظفتها روسيا، في تجنيب سوريا حربا تضعها في الكفة المقابلة للعالم كله، بزعامة الولايات المتحدة الامريكية.
وهي الكفة الاوهى حتما، حتى لو وقفت ضد امريكا لوحدها.. بل ليس امريكا، انما اي من الدول التي تتبناها امريكا، اذا وقفت بكل ثقلها معها، لن تخسر حربا.
وهذا ما حصل للعراق طيلة حرب الطاغية المقبور صدام حسين، ضد الدولة الاسلامية في ايران، اذ ظلت امريكا تدعم العراق، كي تساوي كفته مع ايران المتفوقة عسكريا وتسليحيا واقتصاديا، وتنظر بعين الموازنة كي لا ينتصر اي من الطرفين.
وتلك الحقيقة بدأت تتجلى في العراق وتونس وليبيا ومصر وسوريا، التي يراد لها.. عالميا، ان تظل تصطرع من الداخل: شيعة ضد السنة ومسيحيون ضد المسلمين وعرب ضد الكرد وكرد ضد التركمان وعلويون ضد الدروز و… ثنائيات اثنية تتناحر من الداخل في البلد الواحد.
ثبت للشعوب العربية المنتفضة، ان ليس بالامكان اكثر مما كان، فتخبطات الحكومة العراقية، حاليا، ونظام المحاصصة وصياغة الدستور بتكييف قانوني يتستر على فساد الوزراء والنواب واتباعهما، اعطى تصورا بان الحروب الهوجاء التي قادها صدام، هي وحدها مبعث كره الشعب له، اما على صعيد المتحقق، فليس بالامكان اكثر مما كان، جراء قفز نهازة الفرص على الامر واستحواذهم على التجربة، بحيث الكهرباء التي كانت تنقطع ساعتين في اليوم، كأنموذج من عقوبة انزلها صدام بالعراقيين؛ لأنهم ثاروا عليه في انتفاضة آذار 1991، لم تعد تسري في الاسلاك المنزلية، الا مرتين في الاسبوع.. بعد الاكل.
والقضية تكررت مع تونس وليبيا ومصر وسوريا الان.
ما يثبت، أن بشاراً.. على علاته.. شين التعرفه احسن من زين الذي يؤدي بسوريا الى ما آل اليه العراق وتونس ومصر…
بمجرد زوال حكم بشار الاسد، سينبثق السلفيون بارهابهم، من بين يدي الشعب السوري ومن امامه ومن دبر ومن بين الاليتين والاقدام.
الابقاء على بشار حماية لسوريا، مما هو اسوأ وليس لأنه حسن؛ الاسوأ جاهز.. مكشرا انيابه، بانتظار اللحظة الحاسمة.
وهذا ما اشارت اليه روسيا، فبخت بماء العقل، جمر المتوعدين.. ويلا وثبورا للاسد الجريح، استخدمت الوقائع في اثبات وجهة نظرها، مستفيدة من الماضي القريب، وهي تحذر بشارا، من (ملاعيب) صدام الذي ظل يماطل لجان التفتيش الدولية، الى ان وجد نفسه في الحفرة طريدا على هامش مسقط راسه.. تكريت التي ابت استقباله، الا بعد ان اعدم ولم يعد يشكل خطرا، بل امسى برهانا يتعظ به بشار وسواه؛ كي لا تجرهم رعونة الطغيان الى مغبة المشاكسة.. يستفزون المجتمع الدولي بكيمياوي ونووي وبايلوجي و(منظومة صواريخ العابد) التي لم نسمع لها صوتا، برغم القصف المتواصل على بغداد…
نهازو الفرص الذين يصبون الزيت على النار، فبركوا قضية الكيمياوي، محاولين اظهار بشار بمظهر صدام وهو يضرب شعبه بالاسلحة الكيمياوية، فلم يضبطوا الاتجاهات، وثبت ان الضربة آتية من (صوب) الجيش الحر، وليس جيش بشار النظامي، فادرك المجتمع الدولي، ان معارضة تضرب شعبها بسلاح كيمياوي كي تلقي باللوم على الرئيس، ماذا ستفعل بالشعب اذا تسلمت السلطة.
كما ادرك المتحمسون لاسقاط بشار، ان بقاءه على الحكم، يقي سوريا من ورطة الاخوان الذين احبطوا فرحة الشعوب العربية كافة بزوال غمة حسني مبارك، وندمونا على صيحة الفرح حين اعلن نائبه تنحيه.
فالاخوان اسفروا عن وجه كيمياوي في سوريا، لن يبقي في المنطقة حجرا على حجر، ما جعل الدول الكبرى والامم المتحدة، تتوقف عند فكرة بشار ضعيف خير من معارضة اخوانية بدأت بضرب الشعب سلاحا كيمياويا قبل تسلم السلطة، فكيف اذ تسلمتها.
ما يعني ان روسيا، اتجهت بالموقف العالمي الى الصواب، عندما اوقفت الضربة العسكرية، التي ارتقبها المتدفئون على جمر حرائق الشعوب.