لم يتبق احد “ما لعب بينه لعب” شرقا وغربا. لكن ان يصل الامر الى منظمة كنا نتصورها الانضج والانزه والازكى بين منظمات العالم وهي برنامج الغذاء العالمي فان المسالة “بيها الف ان وكاف”. صحيح اننا “فالتوة” و”دولة دكاكين” مثلما وصفها السيد بهاء الاعرجي وحكومتنا التي هي فعلا وقولا وقلبا وقالبا وشكلا ومضمونا حكومة شراكة ومشاركة ومحاصصة ومناصفة ومقاسمة ومنازهة ومفاسدة الا ان يتم استغفال ثلاث وزارات على صعيد قصة البسكويت منتهي الصلاحية الذي اكتشف على الاراضي الاردنية ومن قبل الارادنة صحافة ومجلس نواب تدل على ان “سستم” الدولة عندنا يسير وفق نظرية “حاج ما يدري بحاج”. فالوزراء المسؤولون الثلاثة “التربية والتخطيط والصحة” ظهروا على شاشات التلفزة في مؤتمرات صحفية وبلجان تحقيقية وكل واحد منهم يثبت بما لايدع مجالا للشك انه غير مسؤول عن العملية.
ليس هذا فقط فالقصة تحولت الى نوع من المزايدات والمناقصات. فالجميع شكلوا لجانا الحكومة والبرلمان والوزراء المعنيين. والجميع اعلنوا انهم سوف لايترددون في الكشف عن اسماء المتورطين واحالتهم الى القضاء. اذن من المتورط ومن المسؤول؟ من جانبنا كمواطنين كرام وصالحين مثلما تطلق علينا الحكومة لانعلم ان كان هذا البسكويت مادة طبية ام غذائية؟ كما لانعلم هل دخل الى البلاد واكله العباد ام لا؟ كما لانعلم من هو المسؤول عن الفحص .. أهي وزارة التربية ام الصحة ام التخطيط ام الامانة العامة لمجلس الوزراء ام “ماري انطوانيت” ام “ام اللبن” ؟ ان كل هذه “الهللات” تعني ان اية صفقة فساد ايا كانت ليس بمقدور حتى “الجن الازرق” كشفها وتحديد من هو المسؤول او المقصر.
المهمة الوحيدة لدولة الدكاكين هي حماية مفسديها وفاسديها لان نظام الدكان لا ينسجم مع بنية الدولة الحديثة وما تتطلبه من سياقات ادارية وتنظيمية وقوانين واجراءات وفي المقدمة من كل ذلك الضمير الحي. ففي دولة الدكاكين من يتحدث بالصفقة طرف ومن ياتي بالوسطاء طرف ومن يبرم الصفقة طرف ومن يوقع طرف ومن يحول الفلوس طرف ومن يستقبل طرف ومن يدخلها المخازن طرف ومن يوزعها طرف ومن يقسم الغنيمة طرف ومن ياكل طرف ومن “يتريع” طرف ومن “يتقيأ” اخر الليل طرف. لكن هناك طرفا غائبا في هذه المعادلة هو الشعب الذي لايعرف ان “ينطي” وجهه. هذا الشعب الذي ذهب متحديا الارهاب بـ “رجليه” و”فوكاها” فرحان و”مكيف ويهلهل” لمرتين في غضون عقد من السنين حتى ينتخب طبقة لاتعرف تحمي لا سجن الحوت ولا ابو غريب ولا العدل ولا الطوبجي. كما لاتعرف تحمي لا مول المنصور ولا ساحة كهرمانة ولا وادي حوران ولا كراج العلاوي ولا علوة الرشيد ولا سوق السمك ولا وزارة العدل ولا تقاطع الدرويش ولا ساحة عدن. حمايتهم ودولتهم وباجاتهم وارهابهم وكبابهم ينتهي عند حدود المنطقة الخضراء فقط.