بسبب الخوف من المجهول حاول الانسان منذ بدء نشأته البحث عمّن يحميه والتشبث به
وهنا تفتّق ذكاء بعض البشر ليبتدعوا (فكرة الدين) ليحتمي بها من الظروف القاهرة للطبيعة ومن الظلام ومن الموت وما بعد الموت
وأن يكون للدين (وسطاء) وأن يتقمصوا هم دور الوسيط بين البشر وبين خالق البشر وخالق الأكوان وباسط الأمان والملجأ في الشدائد كما يتصورون
ولإقناع البشر بدورهم واتصالهم بتلك القوة الغيبية المجهولة عمدوا الى إستعمال وسائل مختلفة وأشكالا متنوعة (توحي) لهم بالمعجزات وتصّور لهم مصداقيتهم فيما يقولونه أو يأتون به
إن امكانيات الانسان في (التغرير) بغيره من البشر لاتقف عندها حدود وتشتمل على طرق فنية كثيرة في الخداع و الإيهام والتحايل والتضليل
وبسبب ماعاناه البشر من ظلم وتعسف لجأ (مرة أخرى) الى التمسك بالمُنقذ التي أشاعها (رجل الدين)
وبدأ تصوير مفهوم (المُنقذ المُنتظر) حسب المعتقدات المختلفة من الديانات بصورٍ كثيرة
واليوم نرى تلك الأفكار (سائدة في مجتمعنا) بشكل واضح بسبب ما آلت اليه الاوضاع فيه من فقر وظلم وجوع ومرض وتخلف وقهر
ونشاهد أن تلك الافكار تجد طريقها (بسهولة) الى قلوب الناس وعقولهم لتوفر الأرضية المناسبة والاوساط الخصبة لها
والناس جميعاً معذورون بسبب تلك الظروف القاهرة التي تحيط بهم َو(حلمهم) المستديم في التخلص منها وبسبب إمكانية رجل الدين في إقناعهم بقرب قدوم المُخلّص او المهدي فتنطلي عليهم المكائد وبعد ذلك ليس من مخرجٍ أمامهم غير الانضواء تحت التجمعات القائمة والمثول لها والطاعة لتعليماتها بما فيها إسترخاصهم لأرواحهم والتضحية بالاهل والمال من أجل تلك القضية الموهومة
فخرجت علينا مجاميع كثيرة تطلق على نفسها أسماء متعددة منها (جند السماء) وغيرها الكثير
وبدلاً من مراعاة الاوضاع النفسية للمجتمع وتحسين المستويات التثقيفية لهم بسبب حالة التجهيل الغالبة على أفكارهم ومحاولة إنقاذ الناس مما يحيط بهم من أفكار شاذة ومنحرفة وتبصيرهم بأمرهم
ذهبنا الى مُباغتتهم ومُقاتلتهم من أجل فنائهم وإبادتهم وهذا ماحصل في مدينة الناصرية والتي راح ضحيتها الكثير منهم بسبب مداهمتهم من قبل بعض الجهات الحكومية والتي تطوّع فيها المدعو (ابو لقاء) لينال حتفه
وكان حزب الدعوة الخبيث وهو يتصيد في المياه العكرة والراكدة الفاسدة قد إستغل تلك الفرصة ليقضي على خصومه ومنهم أبو لقاء مُستغلا إحتدام القتال الدائر بين تلك المجاميع وبين الجهات الامنية الحكومية فكمَن لهم بعض عناصره المسلحين ليطلق عليهم وابل قذافه ويقتنص رؤساء المجاميع العسكرية ليلقي تبعة وتهمة تلك الجرائم على عاتق تلك المجاميع من جند السماء وكان فيهم عدد من الضباط منهم العقيد الصالحي وعبد الامير عبد منادي الذي زجّ نفسه في تلك الصراعات في الوقت الذي كان تخصصه الرياضي المحترم يستوجب عليه أن يكون بعيدا عن إقحامه في المجال العسكري لينخرط في صفوف الاحزاب الاسلامية فينال رتبة عسكرية بدرجة مقدم
وقد ذهب ضحية تلك الاعمال التي تأججت قبل عدة سنوات الكثير من الأبرياء بما فيهم إبنة صديق محلتنا التي اخترقت صدرها رصاصات غادرة وطائشة تسللت اليها وهي في غرفتها داخل بيتهم
وتتكرر تلك الواقعة المأساوية مرة اخرى وبشكل دموي أكثر للإجهاز على قرية الزرگة على يد المجرم نوري المالكي الذي استخفّ بكل العهود والمواثيق الدولية في حقوق الانسان وهنا كانت الابادة جماعية قد شملت النساء والاطفال بذرائع كاذبة والتي منها تلك المزاعم التي تقول في محاولتهم للقضاء على مراجع الدين في النجف !
وكان التعتيم على هذه الاحداث كبيرا لدرجة لم يعد هنالك توثيقا دقيقا لها
ويبدو أن أحد أسباب زيف ماينقله لنا التأريخ من وقائع عبْر الأزمنة وغابر العصور هو تسلط الحكام الظلمة على كتابته من خلال الأقلام المأجورة غير المُنصفة في تشويه الحقائق