23 ديسمبر، 2024 4:01 م

بسام الراوي ..الضحيّة !!

بسام الراوي ..الضحيّة !!

هدأت العاصفة أو في طريقا إلى الهدوء التام ، عاصفة المزايدات الوطنية والفهم المشوه للهوية الوطنية ..
أفرغنا جام غضبنا وفشلنا وغوصنا في مستنقعات الرثاثة السياسية والإجتماعية والإقتصادية بل وحتى الأخلاقية ، وعلّقنا كل ذلك على الشاب بسام الراوي الذي أدى دوره وواجبه كلاعب يحمل الجنسية القطرية بعد أن لفظه الوطن بأدواته الأكثر رثاثة من مشهد سياسي بائس نحن جميعاً ضحاياه !
نسينا وتناسينا إن سرّاق البلاد طولاً وعرضاً وهم يحملون مسبحات الورع والتديّن ، من حملة الجنسية العراقية مع جنسيات إحتياطية لوقت الشدّة وربما الفرار ..من يدري ؟
أغلقنا أعيننا عن فشل عمره ستة عشر عاما ، أنتج لنا كل هذا الخراب في بلاد الرافدين، فأتخمت بالجهل والأمية والمرض وتدمير الهوية الوطنية ، وذهبنا كاللائذين من مواجهة الحقائق الدامغة والمخزية والفضائحية لنوجه أصابعنا بالعشرة على وهم من مشاجب تعليق الأزمات وقلنا صارخين مستنجدين للهوية والوطن الضائع على أيادينا ..
بسام الراوي هو السبب ؟؟
كنت أقرأ وأستمع الى كل ذلك الهراء وفي صدري غصّة لهذا الهروب الجماعي والإسقاط الواعي منه وغير الواعي ، المتعمد منه وغير المتعمد ، الطائفي منه وغير الطائفي ، وتكوير إنتاج أزمة مماثلة لما صنعناه بالشاب بسام الراوي وهو مؤتمن على عمل تم تكليفه به فأداه على أحسن وجه ..
كان علينا أن نصب غضبنا على من جعل من موهبة مثل الراوي تستبدل جنسيتها بأخرى ؟
كان علينا أن نسأل من كانوا السبب في كل الإستبدالات الأخرى في أرض الله الواسعة ، فقدموا مجهوداتهم للشعوب والدول الأخرى حين لم يجدوا مكاناً لهم في هذا الوطن وبين سياسيين فاشلين الآن وسابقا وربما لاحقا ً..
مواهب وكفاءات عراقية هم ضحايا هذا الإسفاف السياسي في البلاد ، إسفاف أنتجته طبقة سياسية غير قادرة على رعاية نعجة وليس شعب ..!
عمر الراوي منح بعقليته عاصمة النمسا “فيينا” لقب الافضل مكاناً للعيش في العالم للسنة الخامسة على التوالي ، هل سألتموه ، لماذا لم يكن له مكاناً في الوطن وفي الهوية الوطنية ؟.
زها حديد التي أبهرت العالم بجمالية وجنون تصاميمها أغلقوا في وجهها الأبواب والشبابيك وماتت في بلاد الغربة متحسرة على وطن أضاعوه من بين يديها وقلبها وعقلها ..!
القائمة ليست طويلة فقط وإنما لانهاية لها ، حين يكون من يكتب تسلسلها وسطورها مجموعة من الجهلة واللصوص ..
هنا تكمن الأزمة وليس في الشاب الموهوب بسام الراوي ولا في زها حديد ولا في الآلاف من العراقيين الذين يقدمون خدماتهم المميزة لأوطان وشعوب فتحت لهم الأبواب والشبابيك في حين أغلقناها بأيادينا وعقولنا التي تبحث في نتائج الأزمات وليس في أسبابها !
هدف الراوي نغز الوعي الحقيقي الجواني الشعبوي لدينا ، ولم يتبيّن لنا جمهوراً ونخباً ، إن أزمة الهوية الوطنية أكبر مما فعلناه في لحظات عاطفية إتفقنا عليها ،فأنتجنا خطاباً ووعياً يعبران حقيقة عن الأزمة الحقيقية للهوية الوطنية في البلاد !!