17 نوفمبر، 2024 6:47 م
Search
Close this search box.

بري والسلام البارد بين طهران والرياض !

بري والسلام البارد بين طهران والرياض !

تأتي دعوة رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري خلال المؤتمر الإقتصادي الأغترابي لسلام بارد  في منطقة الشرق الأوسط، كواحدة من أنضج الدعوات العقلانية التي تصدر عن شخصية سياسية “شيعية”، يمكن معها الحديث عن ضرورة اعادة الحياة لتيار الاعتدال العربي، في مواجهة تغول التشدد السياسي الذي ينذر بوقوع كارثة كبرى في  المنطقة، بعد ان باتت طبول الحرب تقرع بشدة بين ايران والسعودية، فالأخيرة طوت صفحة الصراعات بالإنابة مع رحيل الملك المعتدل عبد الله بن عبد الغزيز، وتتجه تحت القيادة الحالية لأخذ زمام الأمور حتى وان كانت تقود للحرب المباشرة، حدث ذلك في اليمن ويحدث في سوريا، ومن المتوقع ان تتجه الرياض الى مواجهة ساخنة في العراق لربما !
في هذا السياق، فأن  اياً من حفاء كلا البلديين، الأقليميين لا يبدو قادراً على فعل اي شيء، او قيادة اي مبادرة سوى الاحتشاد خلفهما، والدفع للمواجهة، ولهذا يبدو صوت بري الذي انطلق اليوم نحو قيادة مبادرة سلام وصفه بالبارد، في اشارة الى انه اشبه بالهدنة، واقرب منه للتهدئة من الاتفاق، لتشكل علامة او اشارة من حليف بالضرورة للمحور الايراني  المقاوم”، للبناء عليها من اجل تشكيل جبهة سياسية قادرة على الوصول بطرفي الأزمة الى حل وسط، يوقف التداعي الذي تعيشه بلدان العراق وسوريا واليمن والبحرين وغيرها.
دعوة الرئيس بري تبدو في وقتها، وتبدو الحاجة الى تفعيلها، وتعضيد اي دعوة تشابهها، بمثابة القشة التي يتمسك بها الغريق، علها تفلح في أنقاذه، فالحرب بين القطبين اللدودين، ستعني بالضرورة قيادة كل دول المنطقة الى المواجهة الساخنة، وستعني ضياع القوى الأضعف، بل وتهشمها من الداخل، لاسيما البيئات السياسية المنقسمة، كما هو الحال في لبنان والعراق، فالأستقطاب في هاتين الدولتين يبدو انه وصل لنهاياتهِ، الأمر الذي يعني ان اي احتكاك مباشر بين طهران والرياض، سيعني حرباً اهلية فيهما، ولذا فأن الدعوة للحوار وتغليب لغة العقل، تبدو منطقية جداً من طرف يدرك ان الحرب ان وقعت فلن تختار غير ساحات العراق وسوريا واليمن ولبنان جبهةً للمواجهة.
ان ما تتطلبهُ مبادرة بري في ايجاد تهدئة او تسوية باردة بين ايران والسعودية، هو ان تواجه برغبة مماثلة من حليف للرياض، يبحث عن مصالح محوره بالدرجة الاساس قبل اي شعارات كما رفضها بري في دعوتهِ، وكان ينطلق بها من منطلق برغماتي (مصلحي)، بعد ان اضحت شعارات الوحدة الاسلامية او المصير المشترك، او العدو الموحد، مركونة الى أجل غير مسمى في متاحف الأنظمة، وصار الواقع يفرض منطقه بالبحث عن اي فرصة او دعوة تجنب المنطقة ويلات الحروب والدمار، فهل هناك مستع من الوقت لسماع صوت العقل، قبل أصوات المدافع ؟.

أحدث المقالات