في حديثه مع قناة الجزيرة دافع بول بريمر الحاكم العسكري الأمريكي للعراق أيام الاحتلال عن قرار حل الجيش العراقي، ونفى أن يكون ذلك قراره وبدون علم الرئيس الأمريكي جورج بوش، مُكذبا بذلك ما أعلنه السفير الأمريكي الأسبق في العراق زلماي خليل زادة في حديث تلفزيوني آخر مؤخرا.
وفي لقائه مع الجزيرة كرر بريمر القول بأن أكثر الذين أصروا على حل الجيش والأمن والشرطة والمخابرات ووزارات الداخلية والدفاع والإعلام هم “أعضاء الفريق الذي كنا نعمل معهم”. ويقصد الكبار السبعة، جلال الطالباني ومسعود البرزاني وعبد العزيز الحكيم وابراهيم الجعفري وأحمد الجلبي وموفق الربيعي وأياد علاوي.
وهنا أجد أن من الواجب نشر ما علمته وما خبرته عن تلك المسألة قبل بدء الغزو الأمريكي بأسابيع، من خلال علاقة مهمة نشأت بيني وبين رئيس أركان الجيش العراقي المُقال والهارب من العراق الفريق الأول الركن نزار الخزرجي.
والحقيقة أن أي علاقة من أي نوع لم تكن لي مع الفريق الخزرجي، ولكن الإشاعات التي دارت حوله وحول دوره في “مجزرة حلبجة” دفعتني إلى التحقق من تاريخه، ومن حقيقة الدور المزعوم فيها.
وقبل أن أتحدث معه، هاتفيا وهو في الدنمرك، سألت أشخاصا كثيرين أثق بشهاداتهم من معارفه العرب والكورد الأكثر اطلاعا ومتابعة لتاريخ الحرب العراقية الإيرانية وغزو الكويت وحرب الخليج الأولى وما أعقبها من أحداث دامية أسست لخراب الدنيا العراقية الذي شهدناه ونشهده منذ عودة الكبار العراقيين السبعة من مقاهي دمشق ولندن وطهران ليتسلموا الوطن وأهله وأرضه وماءه وهواءه ويعيثوا فيه ما لذ لهم من فساد.
وأول ماعلمته هو أن الدكتور إياد علاوي “أمين عام الوفاق الوطني” هو الذي تولى إقناع الخزرجي بالهرب من بغداد إلى كردستان، ومنها إلى عمان، على أمل أن يضمه إلى “الوفاق”. لكن الخزرجي رفض الانضمام إلى الحركة متذرعا بأنها حركة صغيرة لا تليق بقائد عسكري من وزنه وبرتبته وتاريخه المهني الطويل.
وقيل لي إن “إياد” كان هو السبب في تخلي الأميركان عنه، الأمر الذي حمله على اتخاذ قرار الرحيل من الأردن إلى الدنمارك كلاجيء سياسي.
أما عن علاقة نزار الخزرجي بـ “مجزرة حلبجة”، فقد حصلتُ على رسائل موقعة من الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الوطني الكردستاني والحركة الإسلامية الكردية، ومقرها حلبجة، ومن عدد آخر من الأحزاب والتنظيمات المعارضة تشهد ببراءته من تلك التهمة. بل إن كبار القادة الكورد تعاونوا مع “الوفاق”، وسهلوا أمر هروبه في 4 نيسان/إبريل 1996، واستضافوه.
ثم حين حاولت شخصيات سياسية كوردية (دانمركية) مقاضاته، وهو في الدانمرك، عن دوره المزعوم في حلبجة قيل إن وراءها معارضين عراقيين كبارا، تدخل جلال ومسعود، شخصيا، لوقف تلك المحاولات.
وفي ضوء هذه المعلومات والشهادات اتصلت بالفريق الخزرجي وأجريت معه حديثا إذاعيا مطولا عن تلك المجزرة أكد لي فيها أن الجيش النظامي العراقي، والذي هو رئيس أركانه، كان بعيدا عن العمليات السرية التي قام بها النظام بأوامر مباشرة من صدام حسين شخصيا. وقال إنه علم بالمجزرة بعد حدوثها، وأبلغ بها عدنان خير الله وزير الدفاع آنذاك، والذي لم يكن قد استشير بشـأنها، بل لم يُبلغ بحدوثها. ثم أكد أيضا أن العملية تمت بإشراف علي حسن المجيد المعين قائدا للمنطقة الشمالية.
ولم أكتف باللقاء الإذاعي ذاك بل طلبت منه أن يكتب لي هذا الكلام بخط يده ويرسله إلي عن طرق الفاكس. بعد ذلك تواصلت المكالمات الهاتفية بيني وبينه ولم تنقطع. ففي كل مناسبة وطنية كنا نُشركه في برامج إذاعتنا إما بتصريح أو بلقاء على الهواء.
وقبل اندلاع العمليات العسكرية الأميركية البريطانية في 20 آذار/مارس 2003، وبالتحديد في منتصف كانون الثاني/يناير تلقيت من الفريق الخزرجي مكالمة هاتفية مفاجئة يوضح لي فيها أنه لا يستطيع أن يظل مكتوف اليدين لا يقدم شيئا ذا قيمة لوطنه وشعبه في هذه الظروف الخطيرة. وطلب مني مفاتحة المسؤولين السعوديين بإمكانية منح ولده تأشيرة للحضور وشرح التفاصيل.
وقد حضر ولده الأصغر محمد لأداء فريضة الحج، بعد ذلك بأيام قليلة. وفور وصوله التقى، بحضوري، مع مسؤول أمني سعودي كبير أبلغه فيه بتفاصيل رسالة والده.
قال ” إنه تلقى رسائل عاجلة من قادة صنوف متعددة في الجيش العراقي متواجدة في أنحاء مختلفة من العراق يشرحون له فيها حقيقة الوضع الدقيق للحالة المعنوية للضباط والجنود، ويؤكدون فيها أنهم وضباطهم وجنودهم لن يقاتلوا الأمريكان، لعدم تكافؤ القوتين، ولعدم حماسهم في حماية نظام آيل للسقوط لا محالة، وثالثا لأسباب أخرى تتعلق بالإهانات المتكررة التي كانت توجه لقادة الجيش من أفراد محسوبين أعلى عشيرة صدام أو مخابراته.
وأكد أن كثيرين من الضباط والجنود عازمون على مغادرة ثكناتهم إلى منازلهم إذا ما بدأت الحرب.
ونظرا لسمعته وخبرته وتاريخه العسكري فإنهم يطلبون منه الحضور لكي يلم شمل الجيش، ويحول دون تفتته وتشرذمه، في حال حدث الاجتياح الأميركي للعراق. وطلب ما يلي:
– مفاتحة الأميركان واستحصال موافقتهم على السماح له بمحاولة الحفاظ على تماسك قطعات مهمة من الجيش، لضبط الأمن الداخلي في المرحلة الانتقالية، على الأقل.
– وأكد أن الجيش لا ينوي أبدا ممارسة العمل السياسي، بل سوف يكتفي بتهيئة الظروف الآمنة لإجراء انتخابات نزيهة تتمخض عنها حكومة ذات شرعية حقيقية تتسلم السلطة، ثم تعود القطعات العسكرية بعد ذلك إلى ثكناتها.
– طلب تقديم بعض الدعم المالي لتغطية تكاليف سفره وسفر عدد من الضباط العراقيين المنتشرين في دول مختلفة من العالم، والجاهزين للانطلاق معه في هذه المهمة التاريخية الصعبة.
– تسهيل مهمة خروجه من الدنمارك بجواز سفر سعودي.
– حث أجهزة الإعلام العربية على دعم تحركه عندما يحين الوقت اللازم لذلك.
وفي اليوم التالي جاء الرد الأميركي التالي:
“لا نثق بأي عسكري عراقي في الخارج. (ربما لهذا الموقف علاقة بخلافات أياد علاوي وأحمد الجلبي مع الخزرجي)، لكن إذا كان الخزرجي متأكدا من قدرته الفعلية على عمل شيء يحفظ تماسك الجيش ووحدته، فإننا لن نعرقل جهوده، وليفعل أولا لكي نرى، وبعد ذلك نقرر الخطوة التالية”. ثم اعتذر السعوديون عن المشاركة في عملية تهريبه من الدنمارك ورفضوا منحه جواز سفر.
بعد ذلك بأيام قليلة خرج الخزرجي من الدنمارك بجواز سفر سويدي إلى إسبانيا، ومنها إلى المغرب. ومن المغرب إلى القاهرة، ومنها إلى دمشق، في أوائل آذار /مارس 2003.
وهو في سوريا اقترحتُ عليه أن يصدر بيانا سياسيا يوضح فيه موقفه من الأحداث، ويدعو الجيش العراقي إلى التماسك، وعدم التخلي عن الواجب. وبعد مشاورات مع بعض أعوان الفريق الخزرجي والجهات العراقية الأخرى المؤيدة للعملية، كُتب البيان، على ألا يذاع وينشر إلا بعد عبور الفريق وأعوانه إلى العراق وبدء نشاطاتهم.
لكنه رفض الموافقة على نشره، معترضا على عبارة تضمنه البيان تحث الجيش على الدع إسقاط النظام، مبررا رفضه بأنه ورفاقه الضباط ا لا يريدون أن يَظهروا وكأنهم متواطئون مع الاحتلال. ولكن عددا من أنصاره ومساعديه والمتضامنين معه لم يوافقوا على تبريره لرفض توقيع البيان. وكان تحليلهم للحالة يتلخص بما يلي:
– إن الغزو أصبح مؤكدا، وإن النظام ساقط لا محالة، وعدم تضمين البيان دعوة للمشاركة في إسقاطه ستدفع الأمريكان، والسياسيين العراقيين القادمين معهم، إلى اعتبار قيادات الجيش صدامية بعثية، الأمر الذي سيدفع بهم إلى حل الجيش.
– إن قوات الاحتلال لن تقوم بمهمات أمنية، وهي منشغلة بتنفيذ أوامر قياداتها وإسقاط النظام فقط دون التدخل في أمور أمنية من أي نوع، وعليه فإن المهمة ملقاة على عاتق العراقيين أنفسهم.
والحقيقة أن تحرك الفريق الركن نزار الخزرجي جاء متأخرا كثيرا. فقد تسارعت الأحداث.
وكما توقع كبار القادة العسكريين المتفاهمين مع الخزرجي فقد أصر العراقيون السبعة الكبار، عبد العزيز الحكيم وجلال الطالباني ومسعود البرزاني وإبراهيم الجعفري وأحمد الجلبي وموفق الربيعي وأياد علاوي، على ضرورة إقناع الأمريكان بحل الجيش، وتشكيل جيش جديد، بذريعة أنه جيش صدام حسين، وأنه خطر على النظام الديمقراطي الجديد الذي ينوون إقامته في العراق. وقد حقق لهم بول بريمر ما يريدون.شهادة حول الجيش العراقي عام 2003
إبراهيم الزبيدي
في حديثه مع قناة الجزيرة دافع بول بريمر الحاكم العسكري الأمريكي للعراق أيام الاحتلال عن قرار حل الجيش العراقي، ونفى أن يكون ذلك قراره وبدون علم الرئيس الأمريكي جورج بوش، مُكذبا بذلك ما أعلنه السفير الأمريكي الأسبق في العراق زلماي خليل زادة في حديث تلفزيوني آخر مؤخرا.
وفي لقائه مع الجزيرة كرر بريمر القول بأن أكثر الذين أصروا على حل الجيش والأمن والشرطة والمخابرات ووزارات الداخلية والدفاع والإعلام هم “أعضاء الفريق الذي كنا نعمل معهم”. ويقصد الكبار السبعة، جلال الطالباني ومسعود البرزاني وعبد العزيز الحكيم وابراهيم الجعفري وأحمد الجلبي وموفق الربيعي وأياد علاوي.
وهنا أجد أن من الواجب نشر ما علمته وما خبرته عن تلك المسألة قبل بدء الغزو الأمريكي بأسابيع، من خلال علاقة مهمة نشأت بيني وبين رئيس أركان الجيش العراقي المُقال والهارب من العراق الفريق الأول الركن نزار الخزرجي.
والحقيقة أن أي علاقة من أي نوع لم تكن لي مع الفريق الخزرجي، ولكن الإشاعات التي دارت حوله وحول دوره في “مجزرة حلبجة” دفعتني إلى التحقق من تاريخه، ومن حقيقة الدور المزعوم فيها.
وقبل أن أتحدث معه، هاتفيا وهو في الدنمرك، سألت أشخاصا كثيرين أثق بشهاداتهم من معارفه العرب والكورد الأكثر اطلاعا ومتابعة لتاريخ الحرب العراقية الإيرانية وغزو الكويت وحرب الخليج الأولى وما أعقبها من أحداث دامية أسست لخراب الدنيا العراقية الذي شهدناه ونشهده منذ عودة الكبار العراقيين السبعة من مقاهي دمشق ولندن وطهران ليتسلموا الوطن وأهله وأرضه وماءه وهواءه ويعيثوا فيه ما لذ لهم من فساد.
وأول ماعلمته هو أن الدكتور إياد علاوي “أمين عام الوفاق الوطني” هو الذي تولى إقناع الخزرجي بالهرب من بغداد إلى كردستان، ومنها إلى عمان، على أمل أن يضمه إلى “الوفاق”. لكن الخزرجي رفض الانضمام إلى الحركة متذرعا بأنها حركة صغيرة لا تليق بقائد عسكري من وزنه وبرتبته وتاريخه المهني الطويل.
وقيل لي إن “إياد” كان هو السبب في تخلي الأميركان عنه، الأمر الذي حمله على اتخاذ قرار الرحيل من الأردن إلى الدنمارك كلاجيء سياسي.
أما عن علاقة نزار الخزرجي بـ “مجزرة حلبجة”، فقد حصلتُ على رسائل موقعة من الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الوطني الكردستاني والحركة الإسلامية الكردية، ومقرها حلبجة، ومن عدد آخر من الأحزاب والتنظيمات المعارضة تشهد ببراءته من تلك التهمة. بل إن كبار القادة الكورد تعاونوا مع “الوفاق”، وسهلوا أمر هروبه في 4 نيسان/إبريل 1996، واستضافوه.
ثم حين حاولت شخصيات سياسية كوردية (دانمركية) مقاضاته، وهو في الدانمرك، عن دوره المزعوم في حلبجة قيل إن وراءها معارضين عراقيين كبارا، تدخل جلال ومسعود، شخصيا، لوقف تلك المحاولات.
وفي ضوء هذه المعلومات والشهادات اتصلت بالفريق الخزرجي وأجريت معه حديثا إذاعيا مطولا عن تلك المجزرة أكد لي فيها أن الجيش النظامي العراقي، والذي هو رئيس أركانه، كان بعيدا عن العمليات السرية التي قام بها النظام بأوامر مباشرة من صدام حسين شخصيا. وقال إنه علم بالمجزرة بعد حدوثها، وأبلغ بها عدنان خير الله وزير الدفاع آنذاك، والذي لم يكن قد استشير بشـأنها، بل لم يُبلغ بحدوثها. ثم أكد أيضا أن العملية تمت بإشراف علي حسن المجيد المعين قائدا للمنطقة الشمالية.
ولم أكتف باللقاء الإذاعي ذاك بل طلبت منه أن يكتب لي هذا الكلام بخط يده ويرسله إلي عن طرق الفاكس. بعد ذلك تواصلت المكالمات الهاتفية بيني وبينه ولم تنقطع. ففي كل مناسبة وطنية كنا نُشركه في برامج إذاعتنا إما بتصريح أو بلقاء على الهواء.
وقبل اندلاع العمليات العسكرية الأميركية البريطانية في 20 آذار/مارس 2003، وبالتحديد في منتصف كانون الثاني/يناير تلقيت من الفريق الخزرجي مكالمة هاتفية مفاجئة يوضح لي فيها أنه لا يستطيع أن يظل مكتوف اليدين لا يقدم شيئا ذا قيمة لوطنه وشعبه في هذه الظروف الخطيرة. وطلب مني مفاتحة المسؤولين السعوديين بإمكانية منح ولده تأشيرة للحضور وشرح التفاصيل.
وقد حضر ولده الأصغر محمد لأداء فريضة الحج، بعد ذلك بأيام قليلة. وفور وصوله التقى، بحضوري، مع مسؤول أمني سعودي كبير أبلغه فيه بتفاصيل رسالة والده.
قال ” إنه تلقى رسائل عاجلة من قادة صنوف متعددة في الجيش العراقي متواجدة في أنحاء مختلفة من العراق يشرحون له فيها حقيقة الوضع الدقيق للحالة المعنوية للضباط والجنود، ويؤكدون فيها أنهم وضباطهم وجنودهم لن يقاتلوا الأمريكان، لعدم تكافؤ القوتين، ولعدم حماسهم في حماية نظام آيل للسقوط لا محالة، وثالثا لأسباب أخرى تتعلق بالإهانات المتكررة التي كانت توجه لقادة الجيش من أفراد محسوبين أعلى عشيرة صدام أو مخابراته.
وأكد أن كثيرين من الضباط والجنود عازمون على مغادرة ثكناتهم إلى منازلهم إذا ما بدأت الحرب.
ونظرا لسمعته وخبرته وتاريخه العسكري فإنهم يطلبون منه الحضور لكي يلم شمل الجيش، ويحول دون تفتته وتشرذمه، في حال حدث الاجتياح الأميركي للعراق. وطلب ما يلي:
– مفاتحة الأميركان واستحصال موافقتهم على السماح له بمحاولة الحفاظ على تماسك قطعات مهمة من الجيش، لضبط الأمن الداخلي في المرحلة الانتقالية، على الأقل.
– وأكد أن الجيش لا ينوي أبدا ممارسة العمل السياسي، بل سوف يكتفي بتهيئة الظروف الآمنة لإجراء انتخابات نزيهة تتمخض عنها حكومة ذات شرعية حقيقية تتسلم السلطة، ثم تعود القطعات العسكرية بعد ذلك إلى ثكناتها.
– طلب تقديم بعض الدعم المالي لتغطية تكاليف سفره وسفر عدد من الضباط العراقيين المنتشرين في دول مختلفة من العالم، والجاهزين للانطلاق معه في هذه المهمة التاريخية الصعبة.
– تسهيل مهمة خروجه من الدنمارك بجواز سفر سعودي.
– حث أجهزة الإعلام العربية على دعم تحركه عندما يحين الوقت اللازم لذلك.
وفي اليوم التالي جاء الرد الأميركي التالي:
“لا نثق بأي عسكري عراقي في الخارج. (ربما لهذا الموقف علاقة بخلافات أياد علاوي وأحمد الجلبي مع الخزرجي)، لكن إذا كان الخزرجي متأكدا من قدرته الفعلية على عمل شيء يحفظ تماسك الجيش ووحدته، فإننا لن نعرقل جهوده، وليفعل أولا لكي نرى، وبعد ذلك نقرر الخطوة التالية”. ثم اعتذر السعوديون عن المشاركة في عملية تهريبه من الدنمارك ورفضوا منحه جواز سفر.
بعد ذلك بأيام قليلة خرج الخزرجي من الدنمارك بجواز سفر سويدي إلى إسبانيا، ومنها إلى المغرب. ومن المغرب إلى القاهرة، ومنها إلى دمشق، في أوائل آذار /مارس 2003.
وهو في سوريا اقترحتُ عليه أن يصدر بيانا سياسيا يوضح فيه موقفه من الأحداث، ويدعو الجيش العراقي إلى التماسك، وعدم التخلي عن الواجب. وبعد مشاورات مع بعض أعوان الفريق الخزرجي والجهات العراقية الأخرى المؤيدة للعملية، كُتب البيان، على ألا يذاع وينشر إلا بعد عبور الفريق وأعوانه إلى العراق وبدء نشاطاتهم.
لكنه رفض الموافقة على نشره، معترضا على عبارة تضمنه البيان تحث الجيش على الدع إسقاط النظام، مبررا رفضه بأنه ورفاقه الضباط ا لا يريدون أن يَظهروا وكأنهم متواطئون مع الاحتلال. ولكن عددا من أنصاره ومساعديه والمتضامنين معه لم يوافقوا على تبريره لرفض توقيع البيان. وكان تحليلهم للحالة يتلخص بما يلي:
– إن الغزو أصبح مؤكدا، وإن النظام ساقط لا محالة، وعدم تضمين البيان دعوة للمشاركة في إسقاطه ستدفع الأمريكان، والسياسيين العراقيين القادمين معهم، إلى اعتبار قيادات الجيش صدامية بعثية، الأمر الذي سيدفع بهم إلى حل الجيش.
– إن قوات الاحتلال لن تقوم بمهمات أمنية، وهي منشغلة بتنفيذ أوامر قياداتها وإسقاط النظام فقط دون التدخل في أمور أمنية من أي نوع، وعليه فإن المهمة ملقاة على عاتق العراقيين أنفسهم.
والحقيقة أن تحرك الفريق الركن نزار الخزرجي جاء متأخرا كثيرا. فقد تسارعت الأحداث.
وكما توقع كبار القادة العسكريين المتفاهمين مع الخزرجي فقد أصر العراقيون السبعة الكبار، عبد العزيز الحكيم وجلال الطالباني ومسعود البرزاني وإبراهيم الجعفري وأحمد الجلبي وموفق الربيعي وأياد علاوي، على ضرورة إقناع الأمريكان بحل الجيش، وتشكيل جيش جديد، بذريعة أنه جيش صدام حسين، وأنه خطر على النظام الديمقراطي الجديد الذي ينوون إقامته في العراق. وقد حقق لهم بول بريمر ما يريدون.