26 نوفمبر، 2024 11:02 ص
Search
Close this search box.

بريمر لازالَ بيننا !

بريمر لازالَ بيننا !

لعلّه من المناسب اولاً الإشارة أنّ ” بول بريمر ” قد جرت تسميته بأكثر من تسميةٍ في سنوات الأحتلال الأولى , فالكثيرون كانوا يطلقون عليه حاكم العراق , وفي الإعلام يسمّى الحاكم المدني , وكذلك يطلق عليه برئيس سلطة الأئتلاف المؤقت , بينما كانت التسمية الأمريكية المهيّأة له منذ قبل الشروع بالأحتلال بِرئيس الأدارة المدنية للأشراف على اعادة إعمار العراق < وكأنّ العراق كان مدمراً عسكرياً من قبل القصف الأمريكي ! وربما المقصود اعادة تعمير ما دمرته الصواريخ والقاذفات الأمريكية ! > , ورغمَ أنّ كلّ تلك الألقاب ليست سوى تلاعب بالألفاظ والمفردات , لكنّ التسمية الأمريكية يراد منها الإيحاء وكأنّ الولايات المتحدة جاءت للأعمار وليس لتفتيت العراق . ويكفي أنّ الصحافة الغربية اجمعت بأنّ بريمر قام بتغيير تضاريس العراق السياسية والعسكرية والتشريعية ! والأقتصادية جذرياً في 13 شهراً واكمل بذلك المهمة التي بدأها 130 الف جندي امريكي ” عدا البريطانيين ” وبأسنادٍ صاروخيٍ من الجو والبحر والبرّ وبمعيّة اسرابٍ مجهولة العدد من المقاتلات والقاذفات .

إنه لأمر مخزٍ أنّ الكثير او أقلّ منه من القوانين التي وضعها بريمر حول عنق العراق وشعبه لايزال يجري تطبيقها او معظمها في بعض وزارات الدولة ومؤسساتها , والأنكى أنّ بعض تلك الوزارات وكأنها لمْ ترتوِ من تلك القوانين – القيود التي كبّلت موظفي الدولة خسائراً وإجحافاً وغبن , بل راحت تعمل بما يصطلح عليه بِ ” روح القانون ” ! , وكأنّ اذا ما غابَ بريمر فأنّ ملائكته حاضرة ! , ونجمَ ونتج عن ذلك اختلاف رواتب الموظفين بين وزارةٍ واخرى , وذات الأختلاف بين موظفي دوائر الوزارة الواحدة , ثمّ تشظّت قوانين الغزو هذه بأنّ اعداداً من الموظفين اضطروا الى احالة انفسهم الى التقاعد ففوجئوا بأنّ رواتب الأقلّ خدمةً في الخدمة تفوق رواتب الأكثر سنواتٍ.! , حيث كان القاسم المشترك في هذه الفوضى المالية – الأدارية هو ابتكار السلطات العراقية المختصة بما يُعرف بِ ” سُلّم الرواتب ” السيء الصيت وتعديله او اعوجاجه لأكثر من مرة , ولا نتحدث هناعن المفصولين السياسيين وما يتقاضوه بما يفوق الموظفين الأصليين بينما لم يكن احداً منهم مفصولاً , وجرى اعادتهم الى الخدمة عبر كتاب تأييد من أحد الأحزاب وبتزكية ومباركة من رئاسات الوزراء السابقة , كما لا نتطرّق هنا ابداً الى امتيازات ومخصصات ورواتب الخدمة الجهادية للذين مكثوا في الخارج لنحوربع قرنٍ من الزمن .! كما غدا الحديث عن رواتب الرفحاويين عديم الفائدة وسط صمت الرئاسات الثلاث الذي يُعتبر ضمن المثل القائل ” الصمت من علامات الرضا ” .!

ويبدو ايضاً أنّ اهم واخطر ما في قوانين بريمر انها تحمل فيروس انتشار هذه العدوى وقابلية تشعّبها وانسيابها بمطاطيةٍ ادارية .!

ويلاحظ المواطنون والمتابعون أنّ القوانين العراقية الغت واجتثّت عقوبة الأعدام بحق مستخدمي وتجار المخدرات حتى انتشرت هذه المخدرات على مستوى المدارس الأبتدائية في بعض المحافظات , وانتعشت تجارة المخدرات في العراق بما يفوق مجدها في دول امريكا اللاتينية او سواها , ولم نسمع بأحد نواب البرلمان في كلّ دوراته السابقه بالمطالبة بأعادة عقوبة الأعدام بحق هؤلاء , وذلك لغايةٍ لم تعد تقتصر على نفس يعقوب .!

وبعودةٍ او استدارةٍ الى الخلف , فأنّ بريمر ومنذ مجيئه فقد الغى دائرة رقابة التحويل الخارجي في البنك المركزي ايضا . وهنالك قوانين وقرارات ” بريمرية ” اخرى في مجالات التجارة والأقتصاد وغيرها على مستوى مؤسسات الدولة واشدها خطراً هو فتح باب الأجتهاد في تفسير وفهم تلك القرارات في الوزارات والدوائر التابعة لها , وتكاد تخلو اية وزارةٍ من الفوضى الأدارية التي تدبّ في هيكلها وجسدها , والوزراء يتغيرون ويتبدلون ولا أحد منهم يلغي الأوامر الوزارية لرفاقهم السابقين من الوزراء , حيث انهم من ذات الأحزاب او ” ذات الطينة ” ويؤسفنا استخدام هذا التعبير غير اللائق إلاّ بهؤلاء السادة .!

أحدث المقالات