إن كان هناك قاصاً أو ممثلاً مسرحياً, موسيقياً أو رساماً, مهرجاً أو قرقوزاً, فلا يقترب من عالم الأطفال بالسهولة التي يقترب فيها من بقية العوالم الأخرى, فكل علماء النفس والنفس الإجتماعي وخبراء التربية والتعليم تحدثوا عن خطورة هذا العالم المسمى (عالم الطفولة), فمعلومة خطأ أو لفظ لغوي غير سليم, أو كلمة فجّة وحركة على خشبة مسرح لم تخضع الى المعايير الخاصة بذائقة ومزاج هذا المتلّقي الصعب المسمى (طفل)، تكفي أن تطيح وتشوّه بعض من مستقبله العلمي والثقافي والأخلاقي .
فكثير مما نسلكه اليوم من سلوك إنساني سليم أو مريض قد تشكّل جُلّه أو بعضه من تركة تلقيناها في طفولتنا, ويجمعُ كل فقهاء علم النفس الإجتماعي على أن كل ما نعانيه من كوارث وعاهات إجتماعية وتربوية ونفسية ، تفكك وطني ومجتمعي وأسري، تخلّف ثقافي وعلمي، رغبات بدائية وسلوك حيواني، نزوع عدواني وتطرّف أعمى، عدم الشعور بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية والإنسانية, مردها كلها الى فيروسات ضربتنا في طفولتنا, وذائقة مشوّهة تلقفناها في صُغرنا .
فالتربية السليمة والمعلومة المفيدة والتوجيه العلمي المدروس لقاحات تقي أجيالنا المستقبلية عدوى الأمراض التي أوردناها سلفاً .
أصبح معروفا عالميا ومنذ عقود طويلة أن كل النتاجات الأدبية والفنية والمعرفية الموجهة الى الطفل – في البلدان الحريصة على مستقبل أبنائها – توكل الى متخصصين وتخضع الى المراقبة والمتابعة من قبل لجان علمية على مستوى عال من التخصص, لا أن تترك الى من هب ودب ليلعب بكرة النار هذه , فيؤلف ما يشاء وينشر كيفما يشاء .
ننبه اليوم كل المسؤولين المعنيين بالإلتفات الى تلك المؤسسات المعنية بتربية النشئ الجديد, وألّا تكون همومنا السياسية سبباً وراء تجاهل هذه الجوانب الحسّاسة والمُؤثرة بمستقبل أجيالنا القادمة .
معالي الوزير المحترم
واحدة من أبرز المؤسسات الرسمية المعنية بثقافة الطفل في بلدنا هي (دار ثقافة الأطفال) إحدى (أخطر) مؤسسات وزارة الثقافة – لم أجد مفردة أنسب من (أخطر) – ويبدو أن الوزارة تتعامل معها كواحدة من الفروع التكميلية التي لا تُغني ولا تُسمن .
تصدر هذه الدار كل شهر مجلتين إثنتين هما (مجلتي والمزمار), وهما من أقدم وأعرق وأنجح المجلات الخاصة بالأطفال والفتيان تخطّى توزيعها حدود وطننا الى بلدان عربية أخرى, أشرف عليهما وكتب وساهم فيهما على الدوام خيرة كتابنا وإعلاميينا ورسامينا.
ترأسُ تحرير المجلتين اليوم واحدة من أكثر الأديبات العراقيات تخصصاً بأدب الأطفال, والحاصلة على أكثر من مؤهل علمي وأدبي ونقدي وإعلامي ومن أرقى الأكاديميات والمؤسسات الوطنية والعالمية , ناهيكم عن حصولها على جوائز وميداليات ذهبية وأوسمة رفيعة وشهادات تقديرية وتكريم من جمعيات ومؤتمرات عالمية خاصة بأدب الأطفال, وتحت تصرفها كُتّاب من الدرجة الرفيعة (ليس بينهم أي من حملة الشهادة المتوسطة!!) .
أحد النمّامين المنافقين الحاقدين الحاسدين الشمّاتين !!, نمّ لي أن معلوماتي خاطئة وأن رئيسة تحرير هاتين المجلتين موظفة أرشيف ألقتْ بها المحاصصة المناصبية الى هذا المنصب, فصالتْ وجالتْ، وعبثتْ وغيّرتْ، وقرّبتْ وأبعدتْ, وعنّفتْ وهدّدت بنقل كل من يعترضها الى خارج الدائرة . وأضاف النمّام : لا تعليق لنا على المجلتين (المصيبتين) ولا تفنيد أو نقد على شكلهما ومحتواهما, بل ندع ذلك – لا الى ناقد متخصص بأدب الأطفال – بل الى أي قارئ لبيب يفهم (نصف) أبجديات ما تتطلبه مجلة معارف مخصصة للأطفال (المساكين) !.
أنا لم أصدقه معالي الوزير، فهو نمّام منافق حاقد حاسد وشمّات, لكني أنتظر من معاليك التحقّق من الموضوع إدارياً والإطلاع على أعداد هاتين المجلتين المصيبتين, هذا إن كان قد بقيَ للطفل العراقي (المسكين) مكاناً في نفوسنا وسط زحام وهموم المشهد العراقي المأزوم.
ملاحظة أخيرة : فوضى دار ثقافة الأطفال تشمل أغلب الأقسام وأخترنا أن نتناول موضوع الإصدارات نموذجاً .
شكرا معالي الوزير