بريد الغريب
بعيد عن بلاده
في مدينة اسمها مونتريال
يمر الغريب الذي نجا
من بلاد سحبت من عروقه طعم الحياة
فرّ تحت جنح الظلام ناجياً من حبل المشنقة
أو فرّ من كلاب مسعورة
تشتهي لحم الخارجين عن طوع الطغاة
من هنا مر الغريب القادم من تشيلي
في فضاء الشمس والخضرة والهواء النقي،
في منتزه لا يبخل بالظل والنسيم
مر ككل الناس
فرحاً بحرية الفضاء الفسيح، لكنه
كان يشتاق نسمة من هواء تأتيه من وطنٍ بعيد
سار في الليل والنهار
فرحاً بحرية التجوال، لا حواجز، لا تفتيش،
لا حاجز طيّار يلتقط روحه،
لكنه،
ما أصعبها “لكنه” هذه،
يعيش جرحاً غائراً لم يلتئم،
لم تشفه صفوة الأيام،
يعيش ذكرى طعنة في الفؤاد،
ذكرى طاغية “مشنشل” بالنياشين،
جرّ الظلام كأمواج تسونامي،
ليمحو رمزاً تماهى مع أمنيات الوطن.
كتب الغريب من شوقه،
من جرحه،
من وجده المتقد،
خط لوحة بسيطة تخلد الرمز الذي كان،
على جذع شجرة علقها،
تنطلق من حروفها صرخة لم تخْبُ في جوفه،
لم تمت في بحر السنين،
مع باقة ورد صغيرة تآخي الكلام،
مضى حاضناً جرحه الحيّ،
حاضناً حنيناً يشتعل مع كل صباح.
يمر غريب من فلسطين
يحمل جرحاً نازفاً في انتظار الضماد،
ينحني احتراماً،
لذكرى من ناضلوا،
ذكرى الذين مرّوا على هذي الدروب
يقرأ الشعار
“ستفتح السبل العظيمة التي يعبرها الإنسان،
لبناء حريته إلى الأبد
سلفادور الليندي، رئيس تشيلي 11 سبتمبر 1973”
يضيف الغريب من فلسطين:
“خالداً ككل من عبروا هذا السبيل”،
يلتقط صورة،
تميمة لالتئام الجراح في وطن بعيد،
تميمة للشفاء في فجر قريب.