اجرت الادارة الامريكية محادثات مع الجانب الكردي ، تمخض عن التوقيع على اتفاق عسكري كردستان ،بعيداً عن سلطة الحكومة المركزية في بغداد ، والذي جاء هذا الاتفاق على اثر زيارة وزير الدفاع الامريكي الى بغداد واربيل ، حيث اجرى محادثات مهمة مع الأكراد ،وإعلانه عن إرسال الولايات المتحدة قوات أمريكية برية عددها ٥٦٠ جندي ، كما تضمن هذا الاتفاق دفع ٤٥٠ مليون دولار كمساعدات عسكرية تتضمن دفع رواتب الى البيشمركة ، وتقديم الدعم اللوجستي والفني للإقليم ، فضلاً عن التنسيق العسكري المباشر بين القوات الامريكية ،وبين القوات الكردية التي ستشترك في تحرير مدينة الموصل ، اذ يعتبر هذا الاتفاق والبروتوكول هو الاول من نوعه في تاريخ العلاقة بين الطرفين ، كما يمثل انتهاك صارخ لسيادة الدولة العراقية ، اذ تم دون علم الحكومة العراقية المركزية ، والتي كانت الولايات المتحدة حريصة على ان يكون اي إتفاق مع الإقليم بعلم الحكومة العراقية في بغداد ، فما الجديد لكي يتغير الموقف الامريكي ؟!!ان مثل هذا الاتفاق يفتح لنا طريق التساؤلات ، ويساعدنا في فهم الحيثيات والاسباب من وراء هذا الاتفاق ، والذي جاء رد السيد البارزاني معلقاً على هذا البروتوكول ، انه كان يعمل خلال السنوات الماضية على توقيع هذا الاتفاق ، والذي يأتي في نفس الوقت الذي تم فيه اعلان الكتلة الموحدة بين الاتحاد الوطني وبين كتلة التغيير ، من اجل إيقاف طموحات البارزاني في التفرد بالسلطة ، وتعاونه مع الجانب التركي المتهم بدعم الارهاب الداعشي في العراق وسوريا.
الرد الامريكي كان سريعاً ، والذي جاء داعماً لرئاسته ، وولايته المنتهية ، والفاقدة للشرعية السياسية ، كما جاء داعماً ومؤسساً لشراكة جديدة ، ودور عسكري جديد للبارزاني ، وإعطاءه دوراً رئيسياً ومحورياً في تحرير الموصل ، الامر الذي يجعله شريكاً في الاراضي المحررة من داعش ، مما يعطيه شرعية السيطرة على تلك الاراضي ، وهو بحد ذاته دعماً غير مباشر في آمال الانفصال التي ينادي بها البارزاني ، خصوصاً وان ادارة اوباما تسعى الى تحقيق نصر سياسي وانتخابي قبيل انتهاء ولايتها ، عنوانه محاربة داعش ، وتحرير المدن العراقية ، وتعزيز الوجود العسكري الامريكي في المنطقة ، وهنا لابد من تساؤل مهم ؛ هل أعرضت الحكومة الامريكية عن دعم حكومة العبادي ، وغضت النظر عن التطورات السياسية والأمنية الخطيرة في البلاد ، والتماشي مع التظاهرات التي من المحتمل ان تقلب نظام الحكم في العراق ، والاعداد والاستعداد لربيع عراقي جديد ، ام ان الادارة الامريكية استنفذت وسائلها ، واعادت النظر في خططها المستقبلية تجاه العراق ، والعودة الى نظرية بايدن ، وضرورة تقسيم العراق ، بعد الفشل الذريع الذي منيت به التجربة السياسية ، والطبقة الحاكمة في البلاد .
يبقى رد بغداد تجاه هذا الاتفاق ، وكيف سيكون موقفها من الادارة الامريكية ، وكيف ستواجه التطورات السريعة والمخيفة على المشهد السياسي والامني ، والذي يبدو ان حكومة بغداد غير قادرة على مواجهة هذه الموجة من التظاهرات والاعتصامات ، وفتح الباب على الاحتمالات كافة ؟!!