” من كان منكم بلا خطيئة ، فليرمها أولا بحجر “. هكذا قال السيد المسيح ..
كل القادة السياسيين في العراق إرتكبوا الخطايا ، وأولها خطيئة إنتهاك الدستور . ولكن حين ينحاز ضمير رئيس الجمهورية الى الشعب المقهور الذي يتجرع الذل والهوان على يد طغمة طائفية حاكمة وفاسدة منذ ستة عشر عاما ويحرم من كافة حقوقه الدستورية والإنسانية ، وحين تتهدد أعراض نساء العراق بسبب الجوع والفقر وتنتزع كرامة العراقيين بيد جنرالات قم وطهران ، وحين يعاني شباب العراق من ضياع مستقبلهم ، يهب قادة الميلشيات والأحزاب الطائفية البغيضة لإتهام برهم صالح بخرق دستور البلاد ؟؟!!!.
لقد كان برهم صالح أجرأ وأشرف وأشجع من كل رؤوساء المنطقة حين إنحاز لشعبه وتلمس معاناتهم وشعر بحاجاتهم وحقوقهم الدستورية المشروعة . وهو أصدق رئيس في حرصه على كيان الدولة العراقية من التدخلات الخارجية . ويعتبر أول رئيس دولة عراقية بعد سقوط الدكتاتورية يرفض التبعية والإنصياع لإملاءات خارجية ، وأثبت بذلك أنه رجل الدولة ” القوي الأمين ” الذي يحتاجه العراق لكي ينهض من كبوته ويستعيد بهائه وريادته في المنطقة . كما قال الله تعالى ” إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ” ..
ان قادة الميليشيات والأحزاب الطائفية الذين روعتهم التظاهرات الأخيرة يحاولون بشتى الوسائل التصدي لإرادة الشعب ، وهم ماضون في صلفهم وعنجهيتهم بمواجهة الشعب بالحديد والنار ، ويحاولون أن يضعوا وزر الفوضى العارمة التي تجتاج البلد بسبب فشل المنظومة السياسية ونخبتها الحاكمة على عاتق رئيس الجمهورية ظنا منهم أن ترشيح أحد عملاء إيران لرئاسة الوزارة سوف يضمن لهم كتم أصوات الشارع العراقي وسيستمرون في أداء دورهم المرسوم بتخريب ما تبقى في العراق . انهم يتحججون بالدستور لدفع الرئيس برهم صالح للإذعان الى أوامر قم وطهران ، ولكن المشكلة أن هؤلاء الذين إستيقظوا في الوقت الضائع ليدعوا حرصهم على حماية الدستور هم أول من إنتهكوا هذا الدستور وجعلوه مطية لأغراضهم الخبيثة وتأمرهم على العراق ..
تعالوا معنا لكي نفضح تلك الإنتهاكات الدستورية من قبل النخبة الطائفية الحاكمة والتي مازالت مستمرة لحد اليوم :
– تنص المادة ( 7 ) من الدستور” يحظر كل كيانٍ أو نهجٍ يتبنى العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي، أو يحرض أو يمهد أو يمجد أو يروج أو يبرر له”.. كل الأحزاب الشيعية والسنية التي تأسست قبل وبعد إقرار هذا الدستور يتبنون النهج الطائفي ، وأكبر دليل على ذلك هو الحرب الطائفية التي شهدها العراق بين عامي 2006-2008 وجرائم القتل على الهوية التي أدت الى نزوح وهروب مئات الآلاف من العراقيين من مدنهم وقراهم .. ولعل جرائم الوزير الشيعي المعروف بـ” أبو دريل ” خير شاهد على النهج الطائفي الذي ساد في تلك الفترة بالعراق .
– تنص المادة ( 9 ) من الدستور” أ- تتكون القوات المسلحة العراقية والأجهزة الأمنية من مكونات الشعب العراقي، بما يراعي توازنها وتماثلها دون تمييزٍ أو إقصاء، وتخضع لقيادة السلطة المدنية، وتدافع عن العراق، ولا تكون أداةً لقمع الشعب العراقي، ولا تتدخل في الشؤون السياسية، ولا دور لها في تداول السلطة ” . اذا إعتبرنا قوات الحشد الشعبي من ضمن مكونات القوات المسلحة وهو كذلك بحسب القانون ، فإن هذه القوات كانت ومازالت تتدخل بشكل دائم في الشؤون السياسية ، ولعل دورها في قمع المظاهرات الأخيرة عبر ميليشياتها خير دليل على تدخلها بالسياسة وأنها فعلا أداة لقمع الشعب العراقي .
– الفقرة ” ثانياً” من نفس المادة تنص على أن ” تنظم خدمة العلم بقانون”. فأين هذا الإستحقاق الدستوري من التنفيذ . هل الإنضمام الى الحشد الطائفي يعتبر دستوريا بمثابة أداء خدمة للعلم ؟؟!!
– تنص المادة (14) ” العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييزٍ بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي “. السؤال هو ، هل أن العراقيين حقا متساوون دون تمييز ، اذن لماذا هناك وزارات خالصة لطائفة ومحظورة على الطوائف الأخرى ؟؟!! .
– تنص المادة (15) ” لكل فردٍ الحق في الحياة والأمن والحرية، ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق أو تقييدها إلا وفقاً للقانون “. أين حق الحياة لملايين الشباب العاطلين عن العمل وكل أولئك الخريجين الذين لايجدون فرصة عمل اذا لم يكونوا من أعوان الميليشيات الطائفية؟؟.
– تنص المادة (16) ” تكافؤ الفرص حقٌ مكفولٌ لجميع العراقيين، وتكفل الدولة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك ” . أين تكافؤ الفرص ، هل من لم ينتم الى أحزاب السلطة سيجد له موطيء قدم في دوائر الدولة ؟؟.
– تنص المادة (20 ) ” للمواطنين رجالاً ونساءً، حق المشاركة في الشؤون العامة، والتمتع بالحقوق السياسية، بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح “. هل المواطنين من أصحاب الخبرة والكفاءة يستطيعون الوصول الى مناصب الدولة أو حتى إيجاد وظيفة شريفة من دون دعم من الأحزاب الطائفية ؟؟
– تنص المادة (25) ” تكفل الدولة إصلاح الاقتصاد العراقي وفق أسس اقتصاديةٍ حديثة وبما يضمن استثمار كامل موارده، وتنويع مصادره، وتشجيع القطاع الخاص وتنميته ” . أين هو الإصلاح والبلاد غارقة في الفساد وهناك سرقات بمئات الملايين من الدولارات من ميزانيات الدولة ؟. وأين الإصلاح من مشكلة الكهرباء بل وحتى من توفير المياه الصالحة للشرب في الجنوب ؟؟ . أين الإصلاح الإقتصادي والبلد يئن تحت وطأة ديون خارجية وصلت الى أرقام فلكية ؟؟.
– تنص المادة (29 ) ” ثالثاً:- يحظر الاستغلال الاقتصادي للأطفال بصوره كافة، وتتخذ الدولة الإجراءات الكفيلة بحمايتهم “. اذن بماذا يفسر الحريصون على دستور العراق مناظر مئات الأطفال الذين يتجمهرون حول إشارات المرور بحثا عن قوت يومهم ؟؟ .
– تنص المادة (33) أولاً:- لكل فرد حق العيش في ظروفٍ بيئيةٍ سليمة “. هل بيئة المدن العراقية الغارقة في دخان المولدات الأهلية وعوادم السيارات هي بيئة سليمة ؟.
– تنص المادة (65) ” يتم إنشـــاء مجلــسٍ تشـــريعـــي يُدعى بـ (مجلس الاتحاد) يضم ممثلين عن الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، وينظم تكوينه، وشروط العضوية فيه، واختصاصاته، وكل ما يتعلق به، بقانونٍ يُسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب “. أين هو هذا المجلس ولماذا لم يتم تأسيسه ؟.
– تنص المادة (109) ” تحافظ السلطات الاتحادية على وحدة العراق وسلامته واستقلاله وسيادته ونظامه الديمقراطي الاتحادي “. هل وجود قواعد عسكرية تركية في كردستان العراق ، وإنتشار عشرات القواعد العسكرية التابعة لقوات الباسداران الايرانية في ارجاء البلاد تساعد على حماية وحدة العراق ؟.
– تنص المادة (140) ” ثانياً:- المسؤولية الملقاة على السلطة التنفيذية في الحكومة الانتقالية، والمنصوص عليها في المادة (58) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، تمتد وتستمر إلى السلطة التنفيذية المنتخبة بموجب هذا الدستور، على أن تنجز كاملةً (التطبيع، الإحصاء، وتنتهي باستفتاء في كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها، لتحديد إرادة مواطنيها) في مدةٍ أقصاها الحادي والثلاثون من شهر كانون الأول سنة ألفين وسبعة. “. هذا أكبر خرق للدستور الذي حدد مدة ستة أشهر لتنفيذ عمليات التطبيع والإحصاء والاستفتاء على كركوك . وها قد مضت ثلاث عشرة سنة ولم تنفذ المادة وبقيت كركوك في حالة فوضى خلاقة خصوصا بعد سيطرة قوات الحشد الشعبي عليها..
والأنكى من كل ذلك هو أن قادة الميلشيات الطائفية يتهمون الرئيس برهم صالح بأنه حنث باليمين ، ولكن على العكس تماما فقد أقسم الرئيس بأن يؤدي مهامه بتفانٍ وإخلاص، وأن يحافظ على استقلال العراق وسيادته، ويرعى مصالح شعبه، ويعمل على صيانة الحريات العامة والخاصة ” .وهو التزم بهذا القسم حين حافظ على إستقلال العراق وسيادته ورفض الإنصياع لأوامر قاسم سليماني وعملائه في العراق، وصان حريات الناس بدعمه للتظاهرات ، وإلتزم بروح الدستور في إنحيازه الكامل للشعب “.