إنَّ تفعيل الاستثمار في العراق يعتمد على توفير الكثير من العناصر ونتناول أدناه أهم 17 عنصر بشكل مختصر يجب توفرها لتحقيق ذلك كما هي أدناه:
1) القضاء على الفساد: هناك تفصيل في هذا المجال يمكن اختصاره باختيار النزيهين من هيئة
الاستثمار الحالية وهيئات الاستثمار في المحافظات وجلب آخرين من يتمتعون بالكفاءة والخبرة مع إزاحة كل من عليه مؤشرات فساد وتشكيل (هيئة استثمار مركزية) ويجب تحديد فترة لا تتجاوز الاسبوعين لإصدار إجازات الاستثمار التي قد تستغرق العامين في يومنا الحالي.
2) توفير الأمن: توفير الأمن يمكن تحقيقه في التحرّك على ثلاث مستويات:
المستوى الأوّل: التعامل مع الجهات المسلّحة التي لديها سلاح منفلت أو تنظيمات سياسية لديها سلاح خارج سيطرة الدولة، هؤلاء تتم مفاتحتهم وتستخدم لغة الحوار معهم، ولا تستخدم لغة السلاح مع هؤلاء إلا إذا كان طريق الحوار مغلقاً بالمرة.
المستوى الثاني: المجاميع الإجرامية من أمثال داعش او عصابات القتل والسرقة، هؤلاء يجب إستخدام القوات الامنية لمواجهتهم بكل قوة والقضاء عليهم.
المستوى الثالث: توفير المستلزمات الأمنية على الأرض كالأمن التقني في استخدام الكامرات والرادارات ومراكز عمليات الشبكات (NOC)، فضلاً عن توفير مدن صناعية محصنة، وعلى الأقل ثلاث مدن ذكية محصنة قرب المطارات في بغداد والبصرة والموصل كمكاتب ومراكز الشركات للمشاريع الاستثمارية الكبرى.
3) دور الحكومة في توفير دعم القوى العاملة لتحقيق نهضة إنتاجية: توفير دعم القوى العاملة يتم على مستويين:
المستوى الأوّل: هو إجراء عملية تدريب واسعة لمختلف مستويات القوى العاملة، فخريجي الجامعات يمكن تدريبهم على عمل دراسات الجدوى لإنشاء مشاريعهم الخاصة مع تهيئة القروض الميسرة لمثل هذه المشاريع، أما غير الخريجين فيمكن تدريبهم على أعمال مهنية مختلفة وبالذات في المجالات الإنشائية وغيرها.
المستوى الثاني: فهو مشابه لما تمّ إتباعه من قبل الحكومة البريطانية في منطقة شمال آيرلندة خلال فترة التسعينيّات عندما حدث كساد اقتصادي واسع في تلك المنطقة بسبب هجمات الجيش الجمهوري الآيرلندي، حيث كانت الحكومة تساهم بدفع النسبة الأكبر من معاشات العاملين في المشاريع الإنتاجية فتقل كلفة الإنتاج بشكل كبير، وتغدوا هذه المشاريع الإنتاجية قادرة على إنتاج بضاعة منافسة للبضائع المشابهة في مناطق أخرى؛ أما في العراق فيمكننا توجيه الترهل في مؤسسات الدولة وذلك بفتح المجال لتعيين العاملين في القطاع العام للعمل في القطاع الخاص على أنْ تتولى الحكومة دفع النسبة الكبرى من معاشاتهم وتقوم مؤسسات القطاع الخاص بدفع النسبة الأدنى؛ ومعنى ذلك أنْ يتحول الموظف أو المهندس أو العامل في القطاع العام من شخص غير منتج أو إنتاجه ضعيف جداً إلى شخص منتج مع ضمان إنتاج البضائع ضمن مؤسسات القطاع الخاص بكلف قليلة وبأسعار منافسة ليس في داخل العراق فحسب بل المنافسة في التصدير خارج العراق.
4) تشكيل المجلس الرسمي الدائم لرجال الأعمال: يجب تشكيل مجلس رسمي دائم كحلقة وصل بين
الحكومة وبين كبار رجال الأعمال من كافة القطاعات لرسم السياسة الاقتصادية للبلد، ويتم في كُلّ حين دعوتهم من قبل رئيس الوزراء للاستماع إلى شكاويهم والمعوقات لتذليلها.
5) تأسيس صندوق دعم الصادرات العراقية: حيث يتم تأسيس هذا الصندوق لتشجيع الصناعة الوطنية
وتصدير المنتجات الوطنية وتوفير وارد للبلد وإنهاء حالة الاقتصاد الريعي المعتمد على النفط.
6) التخطيط الصحيح لأحداث نهضة إنتاجية بشكل سليم: يجب توفير دراسة كاملة تحدّد الأوليات بالنسبة
للمشاريع الإنتاجية مع دراسات جدوى من قبل شركات استشارية عالمية وتوجيه الاقتصاد بطريقة مخطط لها ومدروسة لتحقيق نهضة اقتصادية ضمن أقصر فترة زمنية، فالوضع في العراق لا يحتمل التأخير، لأننا بخلافه سنواجه أزمة اقتصادية حقيقية، فما لم نتحول من الاقتصاد الريعي المعتمد على النفط إلى الاقتصاد المتعدد الموارد في أسرع وقت فإن البلد متجه نحو الانهيار الاقتصادي لا سامح الله.
7) دور الحكومة في توفير المحفزات المختلفة لتحقيق نهضة إنتاجية: يجب على الحكومة أنْ توفر كافة
المحفزات لتحقيق نهضة إنتاجية حقيقية، فعلى سبيل المثال لا الحصر توفير الوقود والطاقة الكهربائية بأسعار منافسة وتوفير الأسمدة والمبيدات بأسعار زهيدة، ووضع رسوم عالية على المواد المصنعة المستوردة، وتفعيل الرقابة والسيطرة النوعية لإمكانية تصدير المنتجات العراقية إلى كافة أنحاء العالم، والكثير من المحفزات الأخرى التي لا يسع المجال لذكرها.
8) وضع نموذج معياري دولي حديث لمعاهدات استثمار ثنائية: حيث يمكن عقد معاهدات استثمار ثنائية
ذات معايير دولية بين العراق ودول اخرى يتوفر فيها شركاء محتملين كمستثمرين كبار في مجال الصناعة والزراعة والخدمات، ويتم اصدار نشرات دورية بعدة لغات توضح القوانين والتعليمات الجديدة وتجارب المستثمرين في كافة القطاعات ويتم التنسيق مع الصحف والدوريات الاقتصادية العالمية في هذا الشأن.
9) السيطرة على المنافذ الحدودية لمنع التهريب وفرض الرسوم الكمركية: لا يمكن أحداث نهضة
زراعية وإنتاج حيواني ونهضة صناعية ما دامت المنتجات الزراعية والحيوانية تدخل البلد بأسعار زهيدة ومنافسة لأسعار الداخل ، كُلّ ذلك لا يمكن أن يتم إلا بالسيطرة الكاملة على كافة المنافذ الحدودية وإنهاء سيطرة الأحزاب الفاسدة من أجل منافع شخصية على حساب مصلحة الوطن والمواطن.
10) توفير الطاقة: لا يمكن تحقيق أي نهضة انتاجية وبالذات في المجال الصناعي ما لم يتم توفيرالطاقة
الكهربائية؛ لذلك لا بُدَّ من إنشاء محطات توليد الطاقة الكهربائية وبالأخص المدن الصناعية المختلفة.
11) توفير عناصر جذب حقيقية للانتقال من القطاع العام إلى القطاع الخاص: واحد من أهم عناصر
الجذب في القطاع العام هو التقاعد الذي يناله الموظف عند بلوغه سنّ التقاعد، حيث يمكن أنْ يدفع العامل خلال فترة عمله في القطاع الخاص دفعات شهرية لصندوق تقاعد موحّد للقطاع العام والخاص وبذلك ينال العامل في القطاع الخاص تقاعداً عند بلوغه سنّ التقاعد أُسوةً بمثيله في القطاع العام، وهذه السياسة يمكن أنْ توفر عنصر جذب للقطاع الخاص وهذا ما يساعد بحدوث نهضة في القطاع الخاص وزيادة إنتاجية الفرد العامل العراقي.
12) توفير مختبرات ومراكز للبحث والتطوير في مختلف القطاعات: لا يمكن أنْ تحدث نهضة حقيقية
في أي بلد ما لم تتوفر فيه مختبرات ومراكز للبحث والتطوير تغطي كافة المجالات المختلفة من زراعة وصناعة وإنتاج حيواني وفي المجالات الطبّية وقطاع الاتّصالات وقطاع الإنشاءات وغيرها من المجالات.
13) تحويل مصانع القطاع العام إلى القطاع المختلط: هناك الكثير من مصانع القطاع العام المعطلة
أو شبه معطلة أو ذات إنتاجية أقل بكثير من قدرتها الحقيقية؛ يمكننا النهوض بهذه المصانع باتّخاذ خطوتين، الأوّل جلب شركات إدارة عالمية أو جلب كادر إداري وفني من مصانع عالمية مشابهة لإعادة تأهيلها ولتطويرها وتفعيلها وإعطاءهم نسبة من الأرباح، وفي نفس الوقت يتم بيع الأسهم للمواطنين ومنح الأسهم أيضاً للعمال والمهندسين العاملين فيها فتغدو قطاعاً مختلطاً مع وجوب ضمان تطويرها وزيادة إنتاجها.
14) وضع قانون شامل للشركات المساهمة من القطاع المختلط (PLC): ستكون الشركات المساهمة
من القطاع المختلط (PLC) هي البديل الطبيعي عن النفط لتحقيق المورد الاساس للبلد كما هو الحال في بلدان العالم المتقدم، القوانين العراقية الحالية بهذا الشأن غير ملائمة وتفتقد للشمولية بسبب افتقارنا للخبرة في هذا المجال، يجب تشريع قانون جديد اكثر تكاملاً وشمولاً واستجابةً لمتطلبات العصر الاقتصادية لتطوير الاقتصاد العراقي، ويجب قبل تشريع القانون الاستعانة بقانونيين متخصصين ولديهم خبرة في هذا المجال من العراقيين او غير العراقيين إن لم يتوفر عراقيون لديهم خبرة في هذا المجال.
15) تفعيل التحكيم الدولي والوطني : يجب التوقيع والتصديق على اتفاقية نيويورك لسنة 1958 بشأن
الاعتراف بقرارات التحكيم الدولية وتنفيذها لضمان التنفيذ السليم لقرارات التحكيم وفقا لاحكام الأتفاقية وتشريع قانون التحكيم الوطني بناء على القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي.
16) تعديلات على القوانين لدعم الاستثمار: يجب تعديل قانون الشركات و قانون الاستثمار وقانون ضريبة الدخل و قانون العمل و قانون الضمان الاجتماعي والانظمة والتعليمات الصادرة بموجبها من اجل تقليل الكلف المالية والزمن والخطوات المطلوبة من القطاع الخاص ويتم ذلك بالتنسيق بين المجلس الرسمي الدائم لرجال الاعمال ولجنة من رئاسة الوزراء ولجنة الاستثمار في مجلس النواب .
17) الالتزام بالعهد الدولي والمعاهدات الدولية: حيث ان العراق وقع على العهد الدولي للحقوق
الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وبحضور اكثر من ستين دولة في اواسط عام 2008 في العاصمة السويدية ستوكهولم مما يضمن حقوق المستثمرين ويشجع الاستثمار، فضلاً عن الالتزامات الاخرى وبالذات منظمة التجارة العالمية لإعطاء فترات سماح للعراق للنهوض بعجلة الاقتصاد ومواكبة اقتصاديات الدول الكبرى.