8 أبريل، 2024 1:36 م
Search
Close this search box.

بركان الكراهية في المجتمعات العربية

Facebook
Twitter
LinkedIn

كانت الخلافة الاسلامية على علاتها موحدة للمجتمعات العربية والاسلامية,الكل يخضع لحكم السلطان(الخليفة)وقضاءه,لكن بقيت التسميات الدونية المتعمدة من قبل دولة الخلافة لبقية الطوائف والعرقيات (ذمي مملوك فارسي,الخ.)قائمة بشكل مقزز,فانقلب الامر في نهاية الدولة العباسية ,وتاهت خيوط الاصول الهاشمية للخليفة الشرعي,حتى جاءت مرحلة الارهاب التكفيري, فوصلت لوالي الموصل(ابوبكر البغدادي المشكوك بأصله) او الدولة الاسلامية داعش في القرن الواحد والعشرين.

الطامة الكبرى هي في الثقافات النائمة تحت الظروف والمتغيرات السياسية,وهي مشكلة كبيرة تعاني منها الدول والمجتمعات العربية عموما ,فبعد انهيار الامبراطورية العثمانية ,ومجيء الاستعمار الغربي للمنطقة,ظهرت حركات وتيارات قومية تبحث عن الاستقلال السياسي والسيادي لدولهم,وهو امر طبيعي لكل امة او شعب يرزح تحت الاحتلال الاجنبي,تحتاج قواها الوطنية او التحررية الى الحشد القومي للثورة والكفاح المسلح,ولكن مع تزايد حدة الشعارات العربية القومية,شعرت الاقليات المندمجة(الاكراد والتركمان والاخرين) في المجتمعات العربية بالحرج والامتعاض من تغييبها بالكامل,وتقليم او تزوير التاريخ الاسلامي المشترك لجميع القوميات الاصيلة في المنطقة,واختصاره على قومية واحدة(العربية),مع انها لم تنفع العراقيين من اجل صناعة الوحدة العربية الصلبة تجاه الطموح الكردي الانفصالي,تصور ان البعث كان يرهب ويجبر المواطن الكردي والتركماني على الانتماء لحزب قومي عربي,

بينما نرى حكمة الثقافة والفكر الايراني في محاولته لتوحيد المجتمع المتنوع(فرس-عرب-اكراد-تركمان-بلوشستان-الخ.),اثمرت عبر التاريخ نتائج ناجحة ملموسة,بدأت منذ العهد الصفوي ,وصولا لعهد الجمهورية الاسلامية الايرانية (ولاية الفقيه الموحدة للمجتمع),

اما نحن فبعد ان خلقت وتكونت ثقافة اجتماعية عرقية تمييزية وعنصرية في عهد البعث ,وانتشار الفكر العربي القومي,تحولت في عهد الطاغية صدام الى صراعات ومناكفات واصطفافات طائفية,حيث اصطف العرب جميعا حكومات

وافراد,مثقفين ورجال دين وعوام خلف قادسية صدام 1980,فعادت ثقافة الكراهية الى تلك المنطقة بقوة,فصرنا نسمع عبارة الفرس المجوس(صدام المدافع عن البوابة الشرقية),وكأن عرب الجاهلية لم يعبدوا الاصنام يوما,فحررهم النبي العربي الهاشمي محمد ص من وثنيتهم,لكن لم يكن يشعر العرب والاكراد والتركمان الشيعة(او كل من ينتمي للمذهب الشيعيي)بأن هناك طائفة وهابية سلفية تكفيرية تبيح قتلهم وقتل اطفالهم وسبي نساءهم وسرقة املاكهم وحلالهم,وذلك بفتح ابواب الفتاوى الاسرائيلية (والتي ادخلها الامويون الى الاسلام)لتكفير الشيعة,فالمسيحي يخير بين الاسلام والجزية او الهجرة,بينما لاخيار للشيعي الا الموت هو وافراد اسرته,من الطبيعي ان هناك اسرار سياسية امبريالية صهيونية امبراطورية تقف خلف تلك المؤامرات(وهي كسر الذراع الروسي الصيني في المنطقة او مايسمى بالهلال الشيعي الروسي الصيني),والا مالذي يجعل امريكا والاتحاد الاوربي ان يقفوا خلف تلك المجاميع الارهابية الدموية,وتغدق بالاموال والاسلحة عليهم,بل لنقل كيف اخذت عهدا متينا من هذه المجاميع التكفيرية ,من أنها لن تستخدم السلاح ضد اسرائيل,بينما المنطق الاسلامي المتشدد يقول بأن عدوهم الاول هو امريكا واسرائيل,والغريب في المشروع الارهابي الجديد,تحالف الدول الغبية تركيا وقطر والسعودية والاردن مع التكفيريين,ووقوفهم خلف هذا المشروع التخريبي الشامل(مشروع تدمير الشرق الاوسط, واعادة ترتيب دوله من جديد),وكأن الاتفاق العربي الاوربي في اواخر القرن الماضي ,القاضي بفتح اللجوء في دول اوربا لقيادات حركة الاخوان المسلمين, وبعض المتطرفين التكفيريين الهاربين من الملاحقات الامنية في بلادهم هي لعبة قديمة, استغلت بخبث لساعة الاستثمار والصراع والعنف الطائفي الدائر حاليا في بلادنا,

ففي بداية سقوط النظام البائد عام 2003 لاحظنا وجود عمليات انتحارية مكثفة,واعتبر البعض ان هذه العمليات لن تجد ارضا خصبة في المجتمعات العربية, سرعان ماتنتهي لقلة المتطوعين للموت المجاني,والاغرب في كل مايحصل ان دولا عربية كبيرة وصغيرة ,كقطر مثلا تفتح قنوات ووسائل اعلامية كثيرة مسخرة للفتنة والارهاب,غايتها اثارة الفتن والنعرات الطائفية بين السنة النظام والسنة العوام من جهة,وبين السنة والشيعة),وهي حالة من حالات

التدخل السافر في شؤون الدول العربية الممنوعة دوليا,وتمثل شكل من اشكال اعلان الحرب الرسمية ضد العراق وسوريا وبقية الدول المتوترة .

هذه الاثار الكارثية المتوارثة القادمة من بلاد نجد والحجاز ,المولودة مع ولادة مملكة ابن سعود, هي حركات وهابية يهودية تكفيرية,لها اهداف سياسية امبريالية استعمارية كما ذكرنا سابقا,تتطلب منا ان نكون اكثر حذرا في التعاطي مع الثقافات المتعددة والمتنوعة المنتشرة في بلداننا العربية,مما يحتم علينا ايضا كغالبية قومية اجتماعية عربية ان نؤكد على المشتركات الاسلامية الموحدة,ونعيد الاعتبار التاريخي الى الاقليات القومية المساهمة بشكل فعال في صناعة الثقافة العربية والاسلامية الحديثة,وذلك من خلال الانفتاح الشامل على تلك الاقليات وانصافها ثقافيا ومعنويا وماديا,لتقليل اثار الانقسام والتشرذم والتفكك الاسلامي المتسارع,ولكي يتم التوجه والتفرغ تماما لصناعة هوية وطنية وقومية اسلامية

(اي عندما نقول الامة نعني بها العربية والاسلامية اي العرب والكرد والتركمان والمسيح والصابئة واليهود العرب ,الخ.)

حقيقية تذوب فيها كل المسميات المختلفة,فالهوية الطائفية هوية صورية لايمكنها البقاء والمكوث والثبات على الارض طويلا,

ترى فلسطيني ومن غزة يأتي الى العراق وسوريا ليقاتل العرب الشيعة او العلويين, ويترك ارضه محتلة من قبل الصهاينة,ومع هذا يتفاعل الشيعة العرب والايرانيين مع قضيته الاسلامية, فيتعاطفون مع اهله وبلده,

ويقدمون لهم كل انواع الدعم والاسناد العسكري والمادي والمعنوي,

هذه المعطيات تجعل من خصوبة ارض الالتقاء والتواصل والتحالف والتكاتف بين العرب السنة والشيعة من جهة ,وبين العرب والمسلمين من بقية الطوائف والقوميات اكثر متانة,لمنع حالات الانفصام الثقافي,فتسمع عوام الاكراد يقولون نحن نقدم الكردية على الاسلام,لانهم يكرهون تاريخ نزيف الدم ,الذي سببته اسلحة القومية العربية,وهم على حق فيما يعرفون ويشعرون ,لكن عندما يضع الفكر والثقافة الانسانية نصب اهتمامها وحدة المواطنة امام الدولة والحكومة

والقانون والنظام,سوف تسقط كل الاعتبارات الطارئة ,التي قد يتسبب بها افراد او حكومات او حركات سياسية,

ما نود قوله بصراحة ان الكراهية المتصاعدة في العالم العربي حديثا,هي فكر شيطاني مريض كان نائما فأحييته دوائر المخابرات الامبريالية,الراغبة او المتعطشة لاعادة احتلال دول الشرق الاوسط, بسلاح شركاتها الاستثمارية الرأسمالية الكبرى(فمعركة الشركات الاستثمارية لضم اوكرانيا الى الاتحاد الاوربي هي التي خربت البلد),ففي العراق نحتاج ان نخفف من حدة الشعارات الطائفية او الفئوية (رغم شرعية بعضها) في الصراع والقتال المستمر ضد داعش والارهاب عموما,واستبداله بشعارات وطنية حضارية تبني الدول ولاتخربها او تعجل بتقسيمها,ولنبتعد كثيرا عن استحضار المواد التاريخية الميتة وجعلها راية للقتال الطائفي وبداية الحرب الاهلية,والطف من جعل موضوع

السيدة عائشة والخلفاء ابوبكر وحروب الردة وعمر وعثمان ,وقلة من الكتب كتبت في العهود الغابرة كالعهد الصفوي مثلا, كانت محملة ببعض الروايات الغير موثقة,فتكون رايات يرفعها التكفيريين لقتل الشيعة,وخلافة الامام علي ومعركة الجمل وصفين ونفاق معاوية وزندقة يزيد وكفره تكون راية الطائفيين المحسوبين على التشيع لشتم الطوائف الاخرى,

بينما هي مواضيع تاريخية ليست من اختصاص عوام الناس,

فكل هذه الصراعات الفكرية او الثقافية والدينية عندما تنزل الى الشارع,تصبح مادة قابلة لاثارة الفتنة الطائفية واشاعة الفوضى والارهاب والاقتتال الداخلي,ونحن بحاجة ماسة لاخماد بركان الكراهية الملتهب في بلادنا العربية والاسلامية,عبر وحدة بلداننا ,ومد جسور التواصل والالتقاء مع الاخر بكل ود ومحبة….

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب