8 أبريل، 2024 11:36 م
Search
Close this search box.

برغم هشاشته سلام تكريت قد يكون مقدمة ايجابية للمستقبل ما بعد داعش

Facebook
Twitter
LinkedIn

بقلم اليس فوردهايم “ان بي آر”
بعد مضي 9 اشهر، لا يزال الطريق المؤدي الى تكريت التي سقطت يوما بيد تنظيم داعش، لا يزال يمر عبر مسار مليء بالقاذورات والركام بعد تنظيفه من الغام وقنابل التنظيم المتطرف. كما ان الوصول الى هناك يتطلب تجنب اطلاق العيارات النارية من اسلحة قوات الامن العراقية وحلفائها المبتهجين بالنصر على متطرفي داعش.

تقع مدينة تكريت على مبعدة 160 كيلومترا شمالي بغداد، والتي هجرها اهلها في وقت سابق. وبعد اشهر من القتال ما بعد احتلال داعش والمعارك العنيفة، دمرت المنازل واحترقت المباني الحكومية، فضلا عن ان لا ماء ولا كهرباء بقي في المدينة.

انتشرت اعلام قوات الحشد الشعبي التي حاربت الى جانب الجيش العراقي، انتشرت عبر ارجاء المدينة وفي مركزها، وحتى ان بعضها كان يعلوا ارتفاع العلم العراقي نفسه. وكان السؤال الذي يتردد عادة، يتعلق بسكان المدينة السنة الذين يشكلون الغالبية فيها، ما اذا كانوا سيسمح لهم بالعودة الى ديارهم ام لا.

في العديد من مناطق العراق، ساهمت القوات الشيعية المعروفة بأسم قوات الحشد الشعبي، ساهمت بطرد مقاتلي داعش، وهم من السنة، من هناك. وفي كل مكان من تلك الاماكن، كانت هنالك تقارير تفيد بوقوع دمار شامل، وان المقاتلين الشيعة يمنعون السنة من العودة الى ديارهم.

لكن خلال زيارة تمت مؤخرا، بدا ان تكريت دحضت وتجاوزت تلك التوقعات.

لقد كان مركز المدينة يضج بالحياة، حيث الاسواق الرئيسية ملئى بالأغذية والملابس، و حيث تقوم العوائل بالتبضع وسط زحام كبير.

كانت علامات الحرب شاخصة في كل مكان، حيث كان صاحب احد المحال التجارية يضع القمصان التي علقها على عارضة محترقة. ويقول السكان ان هنالك الان بعض الطاقة الكهربائية والماء، وان بعض المدارس اعادت فتح ابوابها، فيما الوضع الامني يبدو لا بأس به بالمقاييس العراقية.

يقول مسعود الحمود، وهو صيدلاني امتلأت صيدليته بالعطور والصوابين والادوية المرتبة على رفوف انيقة، يقول معلقا “انني اشعر بالأمان ما دامت القوات الامنية العراقية موجودة هنا”.

برغم ذلك، لا تزال اعلام الجماعات الشيعية بألوانها الحمراء والصفراء ورموزها الخضراء وشعاراتها، لا تزال في جميع ارجاء المدينة. كما ان القوات الشيعية لا تزال

تسيطر على مجمع القصور الرئاسية الذي يعود الى حقبة الدكتاتور السابق صدام حسين الذي كان ينحدر من تكريت وحباها بالامتيازات ما قبل الاطاحة به عام 2003.

التعاون الشيعي-السني

يرأس الشيخ جاسم الجبارة، وهوسني، لجنة الامن الخاصة بمجلس محافظة صلاح الدين. وكما هو الحال مع العديد من سنة العراق، فقد قاتل الجبارة ضد تنظيم داعش السني ويقول انه سعيد للمساعدة التي تلقاها هو واخوانه السنة من جانب المقاتلين الشيعة من افراد الحشد الشعبي، تلك الحركة التي تأسست كقوة متطوعين هبت للدفاع ضد تنظيم داعش صيف العام 2014 بعد دعوة المرجع الشيعي الاعلى آية الله العظمى السيد علي السيستاني لمقاومة الغزو الداعشي الكبير في حينها.

يقول الجبارة بنبرة فخر وزهو واضحة “هنالك العديد من الناس الذين يعيشون في تكريت الان”. ويضيف قائلا “ان الحياة الان افضل مقارنة بما قبل مجيء داعش”. كما احصى الجبارة عودة ما يتراوح بين 70-90% من سكان تكريت الذين يقدر عديدهم بنحو200000 ما قبل بدء القتال.

يقول الجبارة ان القوات الشيعية ساعدت في تقوية وتعزيز القوات السنية المحلية في المدينة، تلك القوات التي تقدر الان ببضعة آلاف. وكان وجود القوة السنية مصمما لطمئنة الناس انه لن يتم استهدافهم على اساس انتمائهم المذهبي. واضاف الجبارة قائلا “بالتأكيد، فأن هذه القوات الشيعية لن تبقى هنا الى الابد”.

ويعترف الجبارة بحصول بعض المشاكل مع بعض القوات الشيعية، غير انه يؤكد انها نادرة نسبيا. واضاف عن هذا الموضوع معلقا “يمكنك ان تعدها على اصابع يديك وحسب”.

اشارات الاحتكاك

دون توثيق رسمي، يقول بعض السكان ومعهم مسؤولون من المحافظة ان هنالك حالات من السرقات والاختطاف. ويشتبه بعض الناس بان هذه الاعمال تحصل بالتعاون مع تنظيم داعش على يد اناس ممن تواطؤا مع التنظيم المتطرف اثناء فترة احتلاله للمدينة، او من قبل افراد بعض العوائل التي لم يسمح لها بالعودة الى منازلها للاسباب ذاتها.

ما ان هنالك اشارات مقلقة اخرى على ان المصالحة بين الاقلية السنية والاغلبية الشيعية في العراق انما لا تزال مرتبكة الى الان.

يقول المسؤولون ان في محافظة صلاح الدين التي تعد تكريت مركزها، لا يزال هنالك بحدود 120000 من السنة الذين لم يسمح لهم بالعودة الى ديارهم التي تقع في مناطق شيعية. ان هنالك خطة منسقة، وان لم تكن كاملة، لتعويض العشائر التي فقدت بعض ابنائها او ممتلكاتها اثناء فترة سيطرة داعش. لكن هذه الخطة ليست خاصة بتعويض العشائر الشيعية وحسب، حيث ان العديد من السنة تعرضوا لاستهداف التنظيم المتطرف كذلك.

يقول معين الكاظمي من منظمة بدر التي تعد واحدة من اكبر فصائل الحشد الشعبي العراقي، يقول ان هنالك حاجة لرجال منظمته في تكريت. ويضيف الكاظمي ان دور رجاله لا ينحصر في مجرد استعادة المدن من براثن داعش وحسب، وانما للامساك بالمدن كذلك. وفي هذه الاثناء، فأن تقارير الحكومة العراقية اشارت الى بعض مكامن الضعف في اداء الجيش العراقي التي كانت سببا اساسيا، وان لم يكن الوحيد، في تحقيق داعش لمكاسبه الكبيرة ابتداءا من صيف العام 2014.

يقول الكاظمي اثناء لقاء صحفي اجري معه في بغداد “ان الجيش العراقي غير قادر على الامساك بالارض”. ويضيف كذلك “انني نخشى ان رحيلنا سيقود الى انسحاب كبير للجيش كما حصل في السابق، الامر الذي يمكن ان يفتح الباب امام تنظيم داعش ليعود من جديد”.

كما اكد الكاظمي ان المجمع الرآسي في تكريت استخدم لمقبرة جماعية لبعض من الجنود المتدربين الـ1700 الذين اعتقلهم التنظيم في قاعدة سبايكر الجوية شهر حزيران من العام 2014. وحسب احد الناجين من تلك المذبحة المروعة انه قال لـNPR ان بعض السكان المحليين ساهم فعليا وبشكل مباشر بتلك المذبحة، و ان الجريمة لم تطل سوى الشيعة وحسب.

وقد انحفر هذا الحدث الاليم في ذاكرة العراق الشيعي الجمعية.

وهنا، يضيف الكاظمي قائلا “اننا بحاجة لحماية هذا الموقع كمسرح جريمة جراء حجم المأساة التي لا تسمح لنا بالرحيل وحسب”.

لكن رئيس مجلس محافظة صلاح الدين، السيد احمد الكريم، وهو سني، انما يتخذ موقفا براغماتيا من وجود المقاتلين الشيعة في تكريت. يقول الكريم ان وجود هؤلاء المقاتلين كان ضروريا للخلاص من داعش. كما انه يقترح انه في حال لم ترد الولايات المتحدة وجود قوات مدعومة من ايران كي تكسب الاراضي، فأنه يتوجب عليها في هذه الحالة ان تشترك على الارض بقوة اكثر لمحاربة هذا النظيم.

واضاف الكريم قائلا “ان قوات التحالف لم تكن جدية في مساعدتنا على تحرير مدننا”. واضاف كذلك “ان ذلك ما فتح الباب اما التدخل الايراني في العراق”.

وختم الكريم كلامه بالقول “حينما ارى مستشارين عسكريين من ايران في ارض المعركة، فأنني اعمد الى مصافحتهم لانهم يقاتلون ضد داعش، وهو ما يعني ان ابناء شعبنا سيعودون الى ديارهم بالتالي “.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب