– جزء 5 والاخير –
لقد سعى الغرب – اسرائيل – الولايات المتحدة الأمريكية – الى انهاك المنطقة وانهاك العراق ومحاولة تضييعه نهائيا في مجموعة الصراعات الدائرة التي تم اذكاء جذوتها من قبلهم للأستفادة من نتائجها وقطف ثمارها لأجل الغايات التي نوهنا عنها فيما سبق ، وقد جندت لأجل هذه الفوضى كل الوسائل الفكرية والتاريخية والبشرية ومنحت الوجود لمدلولات محرفة من معتقدات الناس وديانتهم تمثلت في حركات راديكالية واصولية منحرفة ومحرفة تتصارع وتتضارب وتغرق المنطقة في شلالات الدم ومناهج الخراب ، ووفرت لنفسها شرعية التدخل في أي بلد تحت مظلة مكافحة الأرهاب أو محاربة الدكتاتورية وتحقيق الديمقراطية . ولعل (( داعش )) ماهي الا جزء ومرحلة من مخطط يجري تنفيذه في المنطقة على قدم وساق ، وان تدخل قوى فاعلة جديدة ولاعبين جدد على مجرى الأحداث – روسيا – وغيرها قد عقد المشهد الذي رسموه بعناية وأصبحت الصور قلقة ومشوشة على صانعيها ، وازداد تعقيد المخطط عليهم مع بسالة وجهادية أبناء العراق الذين تنادوا للتضحية والبطولة والشهادة والبسالة المنقطعة النظير والبطولة المقدامة في سبيل تحرير وتطهير الأرض العراقية التي أرادت أن تلتهمها المخططات الغربية الأسرائيلية تحت مسميات داعش وغيرها .
لقد كانت الأدعاءات التي ساقتها الولايات المتحدة لأحتلال العراق تحت مسوغات وشعارات التحرير والديمقراطية التي ذكرناها ، وتحت ذريعة امتلاك العراق للاسلحة النووية التي تجعل من العراق خطر دائم لدعم الأرهاب العالمي ، كلها زائفة وكاذبة وانها مجرد حجج واهية ساهم النظام السلطوي الدكتاتوري في العراق بمنحهم هذه الذريعة في سوقها والبناء عليها (( ظاهريا )) لأجل احتلال العراق وتفكيكه وتدميره .
وكانت الحصيلة التي جناها أبناء العراق هي سلسلة من ارهاصات وتداعيات ونتائج فوضى ، وعدم جدية الولايات المتحدة في بناء وصيانة والمحافظة على البلد الذي فتحوا أبوابه لكل العابثين والمغرضين والمجرمين والعملاء والسماسرة واللصوص وشخصيات واطراف تحترف الكذب وتمتهن الخيانة ولاتمتلك اي تاريخ مشرف .
انها الحصيلة الموجعة التي أصابت كل العراقيين في صميم وجودهم ، موت مجاني مستمر بلا حساب ، تهجير وتشريد داخلي وخارجي ، هدر ونهب وفساد وافساد واتلاف للمقدرات الأقتصادية ، تشريد وتهجير داخلي وخارجي ، أوبئة وأمراض وتردي في مجال الطبابة والصحة ، جهل وأمية ضاربة في كل أرجاء العراق وبالذات في الأحياء الشعبية وفي القرى والأرياف وتلاشي سبل التعليم المجاني الصحيحة ونشوء أجيال تفتقر الى أبسط مستلزمات التعليم والتربية والتحضر والثقافة ، استهداف وقتل مبرمج للعلماء والمفكرين والكفاءات العراقية في كل المجالات والأختصاصات ، بطالة متفشية ظاهرة وبطالة مقنعة وانعدام الموارد المعاشية والفقر والعوز لآف العوائل العراقية ، الغنى السريع غير المشروع لفئة الفاسدين والسراق ، تخلف وجهل وتراجع الى الوراء في كل المقاييس الثقافية والحضارية للمجتمع العراقي ، خسائر مستمرة لمليارات الدولارات التي تتضاعف على حجم الناتج الأقتصادي العراقي ، انحطاط وتردي في أبسط الخدمات التي يتطلبها المواطن العراقي ، بوادر انعدام الطبقة الوسطى العراقية التي تحرك عجلة ومفاصل الحياة العراقية ، الاف الرجال والنساء والعوائل الذين فقدوا أحبائهم ، انعدام الأمن والأمان وانعدام الطمأنينة والأستقرار ، شباب يعاني انعدام الطموح ، صراعات فكرية وثقافية متناقضة تتصارع في وجدان المواطن العراقي يفقد فيها موضع الصواب ومعناه وتجرف السيول أقدامه وكيانه الى سبل الفوضى والضياع ، تدمير للبيوت وأبواب الرزق وكرامة العوائل وتقاليدها السليمة ومناحيها الحياتية المألوفة وانعدام الألفة والتآلف والمودة الذي شكل سمة من سمات المجتمع العراقي أينما كان .
وغير ذلك الكثير الكثير من الصفحات السوداء التي انعكس ظلها وضبابها المسود الداكن على نفوسنا وطباعنا ووجوهنا الحلوة وقلوبنا الصافية التي تيبست وكاد أن ينقطع رجاءها بأمل جميل جديد ( ذكرنا هذا في مقالة سابقة ) .
لقد كانت الحصيلة التي جناها العراقيون من هذا التحرر (( الاحتلال والفوضى والانحلال )) هي الخروج من هاوية للوقوع في هاوية أعمق وأشد .
سنوات مشحونة بالأذى والدمار . وهي الان تتفاقم أكثر وأكثر في ظل ماتم اقتيادنا اليه من أزمات متتابعة – سياسية – اقتصادية – صحية .
الحديث طويل وفيه وجوه كثيرة ومتشعبة ولكل وجه لون من الوان العتمة والخراب ، وله من العناصر والادوات مايجعله واقعا قائما يتطلب المعالجة الجذرية ويتطلب توفر الرؤية والارادة الوطنية الصادقة لأزالة هذه التشوهات عن الوجه العراقي الناصع .
واقول . . أما آن لبرج الورق هذا أن يقرأ مامضى ويستفيد منه ويسعى بصدق وولاء وطني خالص وتام لأن يتماسك ويعتدل كما ينبغي ، خاصة وانه يمتلك كل مقومات التماسك والاعتدال في كل الجوانب .
— انتهى —