18 ديسمبر، 2024 11:06 م

برج الورق قراءة لما يجري

برج الورق قراءة لما يجري

– جزء 4 –
وقد وفر هذا النظام الوسيلة والسبيل للغرب للدخول الى الارض العراقية تحت مسميات (( تحرير العراق )) أو (( بناء التجربة الديمقراطية العراقية النموذج )) وعاجلا ماتم استبدال كل ذلك بشعار (( الفوضى الخلاقة )) .
لم يكن العراق وابناء العراق هم الغاية والهدف من وراء الاحتلال الامريكي للعراق – ولم يكن استجابة لدعوات بعض (( السياسيين العراقيين في حينها ؟!! )) وانما الهدف هو انفاذ المخططات والمشاريع التي ذكرناها أعلاه بشكل أو بآخر .
ولاننسى انه في عام 1992 أعلنت الولايات المتحدة في خططها وقبل اخراج الجيش العراقي من الكويت انها ستتخذ كل التدابير لوصولها الى مصالحها ونفطها في منطقة الخليج وانها ستتخذ الأجراءات التي تبقيها هي القوة المسيطرة في المنطقة لمصلحة حلفاؤها. . أليس هذا هو المغزى ؟ . الهدف والمغزى القديم الجديد .
وكانت هذه احدى خطواتها المهمة جدا المرسومه بأتجاه ذلك الهدف ، احتلال العراق وتفكيكه لحماية مصالحها ومصالح حلفائها في اسرائيل .
وبدلا من أن يتجه العراق على يد الولايات المتحدة الأمريكية من صوب الدكتاتور وسلطته الظلامية الى صوب الديمقراطية الصحيحة والى الطريق السليم والمباشرة ببناء دولته المدنية التي تتوافر كل مقوماتها المطلوبة ، اتجه نحو التناحر الطائفي والتمزق واتلاف المقدرات والأمكانيات بفعل الخطط واليد الأمريكية ، حيث تعمد الحاكم الأمريكي (( بول بريمر )) اتخاذ مجموعة من القرارات والأجراءات التي من شأنها تفكيك بنية الدولة العراقية وهدم مقومات المجتمع العراقي ودعم التوجهات والتكتلات والسلوكيات الكفيلة بخلق عراق ممزق متناحر . ابتداء من تحطيم وحرق ونهب الخزين الثقافي والأرث الفكري والحضاري للعراق من مكتبات ومتاحف ومعالم ، وحل الجيش والدوائر والتشكيلات الحكومية العسكرية أو التي لديها صبغة عسكرية ، وحرق المقرات الرسمية للوزارات والدوائر ماعدا (( وزارة النفط ؟ ! ! )) وتشجيع أعمال النهب والتدمير والتفكيك والتغاضي عن السلاح والذخيرة بكل أنواعها التي أصبحت تباع على الأرصفة والطرقات ، المباشرة بتأسيس بناء سياسي للدولة العراقية على أسس طائفية ومناطقية مثلا (( تداول كرسي رئاسة مجلس الحكم شهريا بين الطوائف العراقية ، كل شهر لشخص من طائفة معينة ، كبداية لرسم منهاج سياسي طائفي في منتهى الخطورة ؟!! )) كمثال بسيط ، فتح بوابات العراق على مصاريعها للتهريب ولأخراج وادخال الأموال والبضائع والممتلكات بما فيها ممتلكات الدولة دون رقابة أو متابعة أو تدقيق ، خصخصة مؤسسات القطاع الحكومي العام وبيعها والسماح للأجانب من أية جنسية للدخول والعبث في البلاد وفتح المجال لهم للتملك الكامل في المجالات كافة دون قيد أو شرط .
لقد قامت الولايات المتحدة خلال احتلالها العراق بتنشيط الأختلافات والتناقضات في نسيج المجتمع العراقي وفي هيكل الدولة العراقية وتوفير المناخات الملائمة لظهور ونمو التقاطعات والنعرات والتصادم فيما بينها عوضا عن لملمتها والحفاظ عليها منضبطة في نسيجها الوطني العراقي القائم في مساعي منها لتوفير أجواء ماأسمته (( الفوضى الخلاقة )) ، شعار عجيب غريب أساسه الفوضى المتعمدة ونتائجه الخراب والدمار ، فقادتنا الى اضطرابات وفوضى عارمة دفع ثمنها أبناء الشعب العراقي .
ولعل ماحصل في المحيط العربي من أحداث لاحقة تحت مسمى (( الربيع العربي )) وماقاد اليه من اضطراب واختلال في الأسلوب الحياتي والبنية والهوية الوطنية لبلدان هذا الربيع (( سوريا – مصر – ليبيا – اليمن )) لهو دليل ساطع على ان ماحصل في العراق وماتبعه في هذه المنطقة ماهو الا حلقات متصلة ببعضها للرجوع بها الى الوراء واعادة النقاش والجدال للوصول الى ترسيم وتصنيف جديد للحدود التي رسمت قبل مائة عام في سايكس-بيكو بشكل لايسمح مجددا بنهوض ثورات وتيارات نضالية ووطنية أو قومية تحررية كما حصل في القرن المنصرم ، وتجزئة المنطقة الى أجزاء صغيرة على أسس ضيقة من الطائفية والعرقية والعنصرية لكي يتحول كل هذا المحيط الى مجرد دويلات صغيرة ضعيفة تدور في فلك اسرائيل والغرب المنقاد والمنحاز لها كليا ومصيريا . كذلك لضمان النتائج مسبقا لأية تأثيرات من أقطاب المعسكر الشرقي أو أية استقطابات اخرى في العالم كخلاصة لنتائج الحروب الباردة وسباقات التسلح التي حصلت في القرن الذي مضى .
— يتبع جزء 5 والاخير –