برامج رمضان: استخفاف بالعقول

برامج رمضان: استخفاف بالعقول

أعترف أولًا، وبحكم عملي وما تقتضيه عبادات الشهر الفضيل، أنني من المقلّين جدًا في الجلوس أمام التلفاز ومتابعة الأعمال والبرامج الرمضانية التي تجتهد القنوات الفضائية طوال العام على إنتاجها وإخراجها، بين مسلسل وبرنامج ومقاطع أقرب إلى الإعلانات لجذب أكبر عدد من المشاهدين.
لقد تعودنا في السابق متابعة عمل واحد أو أكثر يحمل قيمة فنية واجتماعية عالية، إلا أن الكمّ غلب النوع، وصارت الفضائيات — بسبب كثرتها — تبحث عن أسماء جديدة لتكاثرها، حتى بتنا لا نحفظ أسماء القنوات، ولا حتى أسماء من يعمل فيها أو برامجها.
والصفة الغالبة، إن استثمرت دقائق معدودة من وقتك لمتابعتها، هي أن هذه الأعمال والبرامج ليست سوى استنساخ لأعمال الأعوام السابقة، وقد فقدت قيمتها بحكم التقادم، وأصبحت مرتعًا لمن هبّ ودبّ، يعجّ بالكلام البذيء والألفاظ النابية.
إسفاف وابتذال وهبوط، دون مراعاة للذوق العام — هذا هو حال الفضائيات في هذا الشهر الفضيل، إذ تحولت إلى مفترس يلتهم قيم المجتمع في مشهد من الضياع. يتجلى هذا من خلال برامج محلية عراقية تُعرض على القنوات الفضائية، وأخرى تبثها قنوات عربية، فصار رمضان شهرًا للمسلسلات الفارغة من أي مضمون قيّم، والتي تهين الجامعة والمسجد والدائرة والعشيرة والبيت.
لقد ابتعدت موضوعات أغلب البرامج عن الثقافة والتاريخ الإسلامي، بل وحتى عن الفن الملتزم، متجاهلة حرمة وقدسية هذا الشهر الفضيل.
وأرى اليوم أنه من الضروري أن تخضع هذه الأعمال لمراجعة دقيقة، وألا يُسمح بعرض ما يتعارض مع ثوابتنا وقيمنا، حتى لا نكون جسورًا لتمرير أجندات مريبة، يكون ضحيتها أجيالنا.
كما لفتت هذه الظاهرة انتباه بعض الحكومات العربية، التي وجدت في هذا السوق الهائل فرصة لاستغلال الدراما سياسيًا، بتمرير رسائل واضحة — وأحيانًا مشفّرة — تخدم اتجاهات الأنظمة السياسية، خاصة في الدراما الخليجية، التي باتت تنافس بقوة الدراما المصرية العريقة، مع ميل واضح لتكريس وجهات نظر الدول والأنظمة، عبر شركات إنتاج مملوكة لمسؤولين أو لأبنائهم، مما يضع علامات استفهام عديدة حول دوافعها .
تم تعديل الاقتراحات.