18 ديسمبر، 2024 7:57 م

البراءة السياسية لم تعد موجودة !, وان التعامل بها وعلى اساسها لم يعد مجديا لأن كل شيء اصبح ملوثا ومن غير المنطقي ان يكون المرء بريئا وهو يسير وسط (زور للواوية) مثلا !! وإلا عد احمقا !..ولمناسبة الحديث عن البراءة ، هل يستطيع احد اقناعي ان القمة (العربية الاسلامية – الترامبية) التي احتضنتها الرياض مطلع الاسبوع الماضي هي قمة بريئة هدفها محاربة الارهاب والتطرف وإنصاف المسلمين والعرب الذين ذبحهم الارهاب من الوريد إلى الوريد لان 95% من ضحايا الارهاب هم من المسلمين كما اخبرنا حامي العروبة والإسلام (ابو ايفانكا) في كلمته امام قمة الرياض ؟؟ !! .. من يقنعني انها قمة بريئة وهي لم تعطي العراق فرصة للحديث بوصفه المتضرر والمحارب رقم واحد لعصابات داعش في العالم وهو يقف في قلب العاصفة ؟.. تحدث المصريون والكويتيون وآخرون وهم الاقل عرضة للإرهاب ، فان كان هدف القمة بحسب عنوانها محاربة الارهاب .. من يقنعني انها قمة بريئة وقد نجح الرئيس ترامب في توقيع عدد من الاتفاقيات مع الملك سلمان بقيمة 400 مليار دولار بضمنها صفقات عظيمة من الاسلحة الامريكية كما وصفها ترامب ؟ .. من يقنعني انها قمة بريئة وقد عصبت الارهاب من اوله إلى اخره برأس إيران ومنحت داعميه الحقيقيين صك البراءة من كل الدماء التي ملأت وديان العراق وسهوله؟
ان التساؤل غير البريء الذي يثار هنا على هامش قمة العرب والمسلمين الترامبية ! هو لماذا الان في هذا التوقيت يتنادى زعماء اكثر من 50 دولة لعقد مثل هذه القمة بهدف (وضع استراتيجية) جديدة لمكافحة الإرهاب والجميع يعلم ان هذا الارهاب لم يظهر في الاسبوع الماضي ، بل كان قد ضرب طولا وعرضا في الكثير من بلدان العالم منذ سنوات ؟ أ شعر ترامب بالذنب فأراد ان يكفر عن ذنبه ؟ ام ان الدول العربية والإسلامية افاقت من سباتها وقررت مكافحة الارهاب ؟ .. لست ادري لمَ تراودني اجابة تأويلية لهذا التساؤل مفادها ان التوقيت كان محسوبا بدقة متزامنا مع اقتراب المعارك التي يخوضها العراق ضد داعش من نهاياتها وهذه النهايات بالتأكيد ستضع نهاية لداعش المصنوعة خصيصا للأجواء العراقية ! في اروقة المخابرات الامريكية ، ومعنى هذا ان عملية البحث عن بديل لداعش قد بدأت وهي في طور التحميل وحالما تكتمل عملية التحميل هذه سيبدأ العمل على زرع البديل المرتقب لكي لا تواجه المنطقة (فراغا ارهابيا) قد يؤدي إلى تنامي القوى الوطنية في العراق وبعض دول الاقليم ، لأن تفكير الادارة الامريكية يقوم على اساس ابقاء دول الشرق الاوسط سوقا لأسلحتها ، من خلال اثارة المشاكل الامنية والسياسية التي تجعل من هذه الدولة طالبة للدعم الامريكي بنحو دائم ، وإلا كيف تمكن ترامب من اقناع الملك سلمان بتوقيع عدد من صفقات الاسلحة بقيمة 110 مليارات دولار ، ألا يؤكد ذلك ان سياسة واشنطن لم تتغير وستبقى قائمة على (قط) أصدقائها من خلال اثارة مخاوفهم من عدو تحت اليد دائما ؟ .. وفي ظل كل هذه التداعيات والتداخلات يأتيك من يحدثك عن براءة الاطفال في عيون ترامب وايفانكا !! .. ويحدثونك عن براءة اخوة يوسف من دم اخيهم !!
نقلا عن الصباح الجديد