مما يؤسف له ان تجد نخبة من المثقفين و الاعلاميين تُمارس هذه الازدواجية في عملية صناعة الرأي ، ففي الأيام القليلة الماضية كان اغلب الكتاب و الصحفيين يركزون على موضوع هل ان ما قاله السيد خالد العبيدي بحق السيد سليم الجبوري يحمل ادلة قوية بالمعنى القانوني للدليل ؟ و هل ان مالديه من ادلة قادرة على تدعيم رواياته الى درجة ادانة من اتهم قضائيا ؟ هذه الاسئلة مهمة و واعية و طرحها ينم عن وعي قانوني بالتعاطي مع مواضيع من هذا القبيل ، الا ان المؤسف له ان الكثير ممن طرح هذه الاسئلة انهال على القضاء بالتخوين و التسقيط عندما أصدرت الهيئة القضائية حكمها ببرائة السيد الجبوري لعدم كفاية الأدلة ، و الأكثر غرابة انهم ربطوا بين موعد اعلان الحكم و بين تقديم الدكتور سليم بطلب رفع الحصانة عنه للمثول امام القضاء ، معتقدين ان التحقيق بدأ من هذا الوقت ( اي من وقت رفع الحصانة ! ) و هو وقت لا يتجاوز بضع ساعات ، و هنا لابد ؛ و على الرغم من ان توضيح امر بهذا الشكل كمن يقول صيف العراق حار و شتاء لندن بارد ، الا ان التوضيح يبدو ضروريا
أولا : السيد العبيدي تقدم للمحكمة منذ أسبوع بما يعدها ادلة على ما طرحه من تهم ضد السيد سليم الجبوري ، و لخصوصية الدعوى شكل مجلس القضاء الأعلى هيئة قضائية من كبار قضاة محكمة النزاهة ( يعني القاضي مدحت المحمود ليس هو القاضي او رئيس الهيئة او عضو فيها ) ثانيا : باشرت الهيئة أعمالها منذ ان قدم لها العبيدي ما بحوزته ، و اجرت تحقيقا على ما بين أيديها في ضوء الاتهامات التي أطلقها العبيدي في مجلس النواب و امام الهيأة القضائية .
و لان الدعوى و الأدلة محدودة و لخصوصية الدعوى و كونها امام مجموعة قضاة متفرغين بالكامل لها ، و في عمل لساعات طويلة و ليست مقتصرة على ساعات الدوام الرسمي ، توصلت الهيأة ، إلى ان الأدلة المقدمة و المحدودة و هنا اركز على ( المحدودة ) غير كافية لتثبيت التهم التي أطلقها المدعي خالد العبيدي على المدعى عليه سليم الجبوري
لا اريد ان أحلل لماذا تعرض هذا الحكم الى كل هذه الهجمة ، الا ان اثارة مجموعة من النقاط جديرة بالأهمية أ: قلة الوعي الفضائي و القانوني
ب: عدم المتابعة المهنية لمجريات الدعاوى
ج: المواقف السياسية او النفسية التي ترغب بمعاقبة هذا السياسي او ذاك
د: المصالح السياسية في استهداف السلطة القضائية
مؤكدا ان هنالك أسباب اخرى ؛ الا ان هذه هي ابرز هذه الأسباب ، بل و هنالك تفسيرات اخرى لقرار الهيأة القضائية ترتبط بسذاجة الدعاوى التي يرفعها اغلب المسئولين و السياسيين ضد خصومهم بتهم الفساد ، فضلا عن ما يرتبط ببدائية الاليات الكاشفة و المثبتة لتهمة الفساد