من اجل التغلب على كارثة تراكم مياه الأمطار وغرق شوارع ومدن بأكملها نتيجة لعدم فاعلية شبكات التصريف القديمة والجديدة تم تبني أفضل الحلول المتوفرة للدولة وهو الإعلان عن تعطيل الدوام الرسمي. فهنيئا للحكومة الفدرالية وحكومات المحافظات على هذا الاختراع الذي نوصي بتسجيله حصرا باسم العراق خوفا من تعدي بعض الدول واستغلال مردوداتة الاقتصادية لصالحها.
ولتذهب علوم الهندسة والإدارة الحديثة والتخطيط لمشاريع الصرف الصحي إلى الجحيم وعاشت الصهاريج الحوضية سعة 20000 لتر لأنها الكفيلة بشفط فيض السماء بواقع 20 م3 كل ساعتين على أكثر تقدير وليس خط زبلن بقطر 4 متر.
في تعقيب ومداخلة السيد نعيم عبعوب بطل المجاري وشبكات الصرف الصحي في أمانة بغداد تفضل بتوجيه الاتهام إلى جهات خارجية وداخلية عملت على إلقاء صخرة وزنها 150 كغم في احد شبكات الصرف مما تسبب في انسداد الأنبوب وغرق الناس. ولكن السيد عبعوب تجاهل حقيقة عدم قيامه بالكشف والمعاينة الميدانية وأعمال الصيانة الضرورية والمستمرة لهذه الشبكات على مدار العام وتوقعاته الزائفة بان أنابيب الشبكات سالكة بقدرة قادر ولكن هناك من تعمد انسدادها وإحراج الأمانة والحكومة بذلك لأغراض انتخابية.
هل يعلم مجلس الوزراء ورئيسه وكذلك السيد عبعوب ورئيسه القائم على راس أجهزة أمانة بغداد وكذلك كل القائمين على الخدمات البلدية من أقصى العراق إلى أقصاه بان عمليات تنظيف وكنس شوارع العراق تتم باستعمال سعفة نخيل في اغلب الأحيان لأنها أكثر كفاءة في التنظيف من كل المعدات والآليات التي أنتجتها التقنية الحديثة في العالم. عفوا ربما تمت التوصية من قبل جهاز الدولة ووزارة البلديات بذلك اعتزازا بنخلتنا العتيدة ومن باب ( مركتنة على زياكنة ).
اغلب النفايات والأتربة ومخلفات البناء ودهون السيارات والمولدات وشوايات الدجاج والشاورما المنتشرة على أرصفة طرقاتنا تجد سبيلها في النهاية إلى شبكات مياه الأمطار والمجاري وفي النهاية تتشكل إلى كتل كبيرة وتلك هي عين الصخرة التي عكرت مزاج السيد عبعوب وأغرقت بغداد والبصرة وحتى الشوملي.
بربك كيف لعامل البلدية إزالة أتربة الشوارع بسعفة أو حتى بفرشاة كنس بسيطة. وكيف له أن يعمل 8 ساعات في شهر تموز أو آب مكشوف الرأس تحت هجير شمسنا المحرقة دون أن يفرغ ما جمعته سعفته العتيدة في أقرب فتحة مجاري ولتنظر السماء بعين الرحمة لجبال الأنقاض والنفايات وقناني المياه التي تزين أزقتنا حيث نعيش كشواهد على انجازاتنا العظيمة.
أخاطبكم جميعا أيها السادة من ألحجي الكبير منتهيا إلى عامل النظافة وأقول أن المشكلة ليست بكمية المطر الذي ينعم الله علينا به ,وليست المشكلة كلها في سعة الشبكات القديمة أو التي يجري إنشاءها وإنما في الإنسان بحد ذاته. فلا عمل متقن على كل المستويات ولا إنتاج ولا تخطيط ولا متابعة للتفاصيل.( كلّ يقول مشي يمعوّد ) إلى أن ينتهي مصير هذا البلد إلى ما قبل العصور الحجرية وكأننا اليوم في مستويات من الرقي لا يدانينا فيها أحد.
متوسط عدد ساعات العمل للفرد في اليابان 1800 ساعة سنة وفي ألمانيا 1600 وتلك الأرقام هي لساعات عمل منتجة بأقصى كفاءة. ولعمري هي أقل من ربع هذا في حال العراق وفي أحسن الأحوال هي ساعات دوام فقط وليست إنتاج ولتحيا أيام العطل الرسمية والدينية والقسرية في العراق العظيم وبوركت له تلك الانجازات قديمها وحديثها.
تبا لنا جميعا إن لم نفيق من غفوتنا ونزيح هذا الوهم الكبير الذي يلف كل تفاصيل حياتنا بأننا الأفضل والأحسن والأكفأ والأغنى والأعلم. وكلنا قادة أفذاذ لا يضاهينا أحد. وفلانا قائد ضرورة تفدى له النعاج من البشر وهو وريث مجد عائلي وقبليّ نادى به الله من عليائه منذ خلق آدم عليه السلام.
لنتعلم من الغير كيف يمكن للفشل أن يقود إلى النجاح ولنبدأ بالتفاصيل الصغيرة لأنها الأسس لكل الانجازات العملاقة.