عاد الحديث من جديد عن امكانية تكليف عادل عبد المهدي رئيس الوزراء المستقيل للخروج من الأزمة الراهنة التي تعصف بالعراق , ذلك بعد رفض البرلمان منح الثقة للتشكيلة الوزارية لرئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي, مما دفعه للاعتذار من المنصب, تأتي هذه الدعوات بالرغم من مناداة معظم الأحزاب السياسية في العراق بمرشح مستقل وهو المطلب ذاته الذي نادى به الحراك الشعبي منذ تشرين الاول الماضي دون استجابة , حيث يحاول البعض أن يصدر للمتظاهرين أنه مطلب صعب ومستحيل تحقيقه, حيث تبدو المحاصصة الطائفيه عامل رئيسي في المشهد السياسي العراقي.
اتجهت الأنظار مجددا نحو رئيس الحكومة المستقيل عادل عبد المهدي, تم تداول سيناريو مطروح بين الاوساط السياسية يتضمن اعادة الثقة لحكومة عبد المهدي لفترة محددة من أجل التهيئة للانتخابات المبكرة, إلا ان هذا المقترح يبقى واحدا من السيناريوهات المقترحة في حال استمرار الانغلاق السياسي بين الأحزاب الشيعية من جهة والكتل السنية والكردية من جهة أخرى.
فيما أكدت تقارير سياسية ان زيارة علي شمخاني للعاصمة العراقية بغداد, الهدف الأبرز للزيارة هو الترويج لاقتراح عودة عادل عبد المهدي رئيسا للحكومة كمخرج للأزمة التى تشهدها البلاد.
الواقع ان أغلب الأطراف السياسية التي تدفع بعودة عبد المهدي لرئاسة الحكومة وتصويره بأنه المنقذ للبلاد , في حين لم تتخذ حكومته اي إجراءات ترتبط بأزمات العراق المستدامة بدا من المطالبة بمحاربة الفساد إلى محاولة رفع منسوب أداء المؤسسات الحكومية فيما يرتبط بالخدمات الصحية والتعليمية, بل اعتبر البعض بأن حكومته سبب الكوارث التي حلت بالبلاد بسبب تفجر الانتفاضة.
من خلال التجربة يتاكد بان احزاب الاسلام السياسي الشيعي لا تعنيهم حياة المواطن العراقي, بقدر مايعنيهم الحصول على المكاسب الشخصية والمغانم الحزبية في الحكومة المقبلة , حيث أكدوا حرصهم على اعادة تكليفه باعتباره الأنسب للمنصب.
اما الاحزاب الكرديه فهي من روجت لعودة عادل عبد المهدي بعد إفشالها هي ورئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي تمرير كابينة محمد توفيق علاوي بسبب رفضه منحهم الوزارات التي طالبوا بها, من المعلوم ان الاحزاب الكردية المستفيد الأكبر من عودة رئيس الحكومة المستقيل الذي قدم للإقليم امتيازات لم يحلموا بها على حساب ثروة باقي الشعب العراقي,حيث صرح عضو الحزب الديمقراطي الكردي عماد باجلان ان(عادل عبد المهدي هو انسب شخص لتجديد الثقة بحكومته واشار الى ان بديل الأكراد عن عبد المهدي هو عبد المهدي)
من جانبه اكد نائب رئيس مجلس النواب العراقي بشير حداد بأن(عبد المهدي ابلغنا في احدى اللقاءات بأنه يدافع عن حقوق الاقليم اكثر من الاكراد انفسهم مؤكدا ان هذه الامور الايجابية ينبغي لنا أن نستثمرها لصالح الاقليم)
ان الوقوف عند مرحلة رئيس الحكومة المستقيل لا بد من توضيح الصورة بأن علاقاته مع الاكراد لم تكن تحكمها النصوص الدستورية بقدر ما تحكمها علاقات الصداقة والمجاملات الشخصية مما سبب التفريط بحقوق العراق الوطنية لصالح الاقليم, العلاقات الشخصية هي التي حكمت قراراته تجاه الإقليم وعلى سبيل المثال تحديد عادل عبد المهدي حصة الإقليم في الموازنة المالية نسبة ١٧% عندما كان وزير للمالية في حكومة اياد علاوي الاولى(٢٠٠٤-٢٠٠٥) ورغم ان نسبته المعتمدة لدى الأمم المتحدة منذ عام ١٩٩١ ولغاية ٢٠٠٣ كانت ١٢,٣ لتتحول النسبة الجديدة الى (عرف) اصرت عليه الاحزاب الكردية حتى الآن.
بعد سنوات منح عادل عبد المهدي عند توليه وزارة النفط في حكومة حيدر العبادي السابقة حكومة الاقليم التصرف بالنفط وتصديره دون الرجوع لبغداد قبل أن يستقيل من منصبه في آذار ٢٠١٦,اليوم وبعد عدة قرارات وخطوات اتخذها عادل عبد المهدي كرئيس للحكومة بشأن الإقليم ومنافذه ونفطة ورواتب موظفيه وقوات(البيشمركة).
في الوقت الذي تعاني محافظات العراق الاخرى تفشي الفساد والبطالة والفقر وانعدام الخدمات ودمار بعض المحافظات بسبب تنظيم داعش الإرهابي , حيث يسود شعور بين المواطنين بالتهميش مع ما تقدمه بعض المحافظات من موارد تشكل أكثر من ٩٠% من قيمة الموازنة المالية,مقابل ذلك أقدم عادل عبد المهدي بزيادة رواتب موظفي الاقليم بمقدار ٥٠% عما كان معتمد في حكومة حيدر العبادي , دون تسليم الإقليم لإيرادات النفط التي يجب ان تسلمها بالمقابل لبغداد, أثارت هذه القرارات امتعاض غالبية ابناء الشعب العراقي واكدوا انها خدمة مجانية للأحزاب الكردية فقط وفيه تنازل عن مصالح وطنية وظلم للمواطنين.
إن الحديث عن عودة عادل عبد المهدي لتشكيل الحكومة يظهر ان الكتل السياسية لازالت ترتكب نفس الغلطة التي ستقود الى نفس النتائج على مستوى العراق, كما يعتبر تحدي لموقف المرجعية واستهتار بأرواح شهداء انتفاضة تشرين مما قد يدفع الوضع العراقي المتفجر اصلا الى الهاوية .