18 ديسمبر، 2024 10:18 م

بديل صدام أمريكيًا.. ليست المعارضة العراقية

بديل صدام أمريكيًا.. ليست المعارضة العراقية

ـ بدأت خطورة نظام صدام منذ العام 1991.. ويبدو أن الولايات المتحدة لم تكن أبدًا مهتمة بنزع سلاح العراق.. قرار مجلس الأمن برمته الذي أنشأ عمليات التفتيش الدولية على الأسلحة..

ـ ودعا العراق إلى نزع سلاحه كان يركز على شيء واحد وشيء واحد فقط.. وهذا هو وسيلة للحفاظ على العقوبات الاقتصادية التي فرضت في آب / أغسطس 1990 المرتبطة بتحرير الكويت.

ـ كانت الولايات المتحدة بحاجة إلى العثور على وسيلة لمواصلة احتواء صدام لأن وكالة الاستخبارات المركزية قالت: إن كل ما يتعين علينا القيام به هو الانتظار ستة أشهر وأن صدام سوف ينهار بمحض إرادته.

ـ كانوا بحاجة إلى مبرر.. المبرر كان نزع السلاح.. لقد صاغوا قراراً من الفصل 7 السابع عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.. والذي يدعو إلى نزع سلاح العراق.

ـ وقالوا في الفقرة 14 إنه إذا امتثل العراق.. سيتم رفع العقوبات.. في غضون أشهر من تمرير هذا القرار – وصاغت الولايات المتحدة وصوتت لصالح هذا القرار – في غضون أشهر.

ـ يقول الرئيس جورج هربرت ووكر بوش ووزير خارجيته جيمس بيكر علنًا وليس بشكل خاص.. علنًا أنه حتى إذا امتثل العراق لالتزامه بنزع السلاح.. فستستمر العقوبات الاقتصادية حتى يتم إزاحة صدام حسين عن السلطة.

ـ وهذا دليل إيجابي على أن نزع السلاح لم يكن مفيدًا.. إلا بقدر ما تضمنه من خلال الحفاظ على العقوبات وتيسير تغيير النظام.

ـ لم يكن الأمر يتعلق بنزع السلاح أبداً.. ولم يكن أبدا التخلص من أسلحة الدمار الشامل.

 

ـ فيما كشفت الوثائق السرية التي أفرجت عنها الحكومة البريطانية العام 2015.. أن الرئيس العراقي صدام حسين كان يشكل “كابوسا” لكل من الولايات المتحدة وبريطانيا.. وكانت كلاً البلدين في حالة قلق شديد من العراق.. والأنشطة التي تقوم بها الحكومة العراقية آنذاك.

ـ وبحسب نص مكالمة هاتفية بين كل من رئيس الوزراء البريطاني آنذاك توني بلير.. والرئيس الأمريكي بيل كلينتون.. كشف الأخير أنه يعاني من ضغط بسبب طريقة التعامل مع صدام.. مشيراً إلى أن الرئيس العراقي قد يمثل خطراً أكبر في المستقبل.

 

ـ وكانت تلك المكالمة الهاتفية العام 1999 أي قبل الاجتياح الأمريكي ـ البريطاني للعراق بأربع سنوات.. الذي أطاح بالنظام العراقي الذي يقوده الرئيس صدام حسين.

ـ وحذر كلينتون صديقه بلير عبر الهاتف قائلا: “إن صدام قد يصبح كابوسا لك.. قد لا يحدث هذا وأنا في مكتبي.. لكنه محتمل بالنسبة لك”.. وغادر كلينتون فعلاً الحكم في الولايات المتحدة قبل أن تتورط أمريكا باحتلال العراق.. لكنه خلفه جورج دبليو بوش هو الذي قرر اجتياح العراق.

ـ وأضاف كلينتون: “إذا عرف الناسُ كم من الأسلحة اكتشف مفتشو اللجنة الخاصة سوف يفهمون كم أن هذا الأمر مهم”.. وتابع: “أعتقد أننا لو قلنا لهذا الرجل (صدام): إذا استجبت فسوف نرفع العقوبات.. فإنه سوف يعيد بسرعة ترتيب برنامج أسلحة التدمير الشامل”.

ـ ولفت بلير خلال تلك المكالمة الهاتفية إلى أن الرأي العام في بريطانيا ليس متفقاً حيال العراق.. إلا أنه قال بأنه يقوم بتثقيف الرأي العام بشأن المخاطر التي تأتي من العراق وبرنامجه التسليحي.

ـ واضاف بلير: “وضعنا ورقة بيضاء يوم أمس بشأن برامج العراق للأسلحة الكيماوية وأسلحة الدمار الشامل.. علينا أن نقوم بتثقيف الرأي العام الدولي.. ليرى التهديد الحقيقي والخيارات التي أمامنا مع العراق”.

 

ـ الحقيقة كانت مشكلة (البديل) لنظام صدام حسين مطروحة منذ منتصف الثمانينات على وجه التحديد.. منذ أن بدأ العراق يلوح بتدمير إسرائيل والسعي لامتلاك مفاعل نووي.

ـ بالرغم من استمرار المواجهة مع إيران وتكاليفها الباهظة.. وإصرار إيران على استمرار الحرب.

ـ لم تتمكن الإدارة الأمريكية من تهيئة (البديل) أو (الحاكم) الذي سيتولى أمر العراق بعد إسقاط نظامه السياسي بشهادة قيادات أمريكية حاكمة آنذاك.

ـ (ديفيد ماك) المسؤول عن الملف العراقي في عهد الرئيس الأمريكي ريغان).. أشار بصراحة انه لا توجد معارضة عراقية في الخارج يمكن أن تكون بديلاً لصدام حسين.. ونصح بعدم التعامل معها.. وعدم التعويل عليها في حكم العراق.

ـ اقتصرت المحاولات الأولى للأمريكان في إيجاد (البديل في العراق) على قيادات من داخل السلطة.. وعملت على تقديم بعض الشخصيات من داخل الحزب الحاكم آنذاك.. وهو حزب البعث ليكون البديل المنتظر.

ـ فمدت خيوطاً من العلاقة مع بعض القادة العسكريين ممن هربوا الى بريطانيا والولايات المتحدة.. كي يكون بمقدورها أن يأتي اليوم الذي توطد علاقاتها مع هذا المسؤول أو القيادي العسكري.. ليكون الرجل المنتظر لها في المستقبل القريب.

ـ لكن الولايات المتحدة.. وباعتراف قادتها لم تتمكن من أن تصل الى ما تود الوصول إليه في أن تجد من يكون الرجل.. الذي بمقدوره أن يكون له قبولاً في الداخل العراقي.

 

ـ حتى عندما هرب حسين كامل صهر الرئيس صدام حسين الى الأردن العام 1995 حاولت الولايات المتحدة مد صلات وطيدة معه.. لكنها لم تثق بقدراته.

ـ بعدها لاقى حسين كامل حتفه على يد رأس النظام آنذاك ليكون (عبرة) لكل من يحاول يخرج عن سلوكيات النظام السياسي.. أو يحاول أن يلعب بذيله لغايات معروفة الأهداف والتمنيات.

 

ـ بداية العام 2001 وما بعدها وجدت الولايات المتحدة إن أفضل من يحل عقدتها مع صدام حسين أن تأتي بشخصية من داخل طاقم السلطة.. ومن مقربيها على وجه التحديد.

 

ـ تمنت أو رغبت بأن يكون قصي صدام حسين (البديل الأفضل والمقبول عراقياً وعربياً وحتى أمريكياً) لأسباب معروفة داخل العراق.

ـ ف (قصي) وفق حسابات الولايات المتحدة.. الشخصية الأكثر اتزاناً واعتدالاَ.. ويتحكم بقيادات قوات عسكرية وأمنية عالية المستوى.. ووجه عراقي مقبول داخلياً وشخصية لامعة.

ـ حظيت شخصية قصي باهتمام الأمريكيين.. ولم تعارضه حتى دول المنطقة خاصة دول الخليج.. وهو أي (قصي) لم يكن يعرف بتفاصيل ما يجري في هذا الموضوع.

ـ صدام أحبط كل خطط من هذا النوع.. حتى لو تم اختيار ابنه (قصي) الذي لو قبلً بتوليه منصب رئاسة العراق.. لكان قد خفف الأمريكان من إصرار قيادات مهمة داخل الكونغرس على إسقاط النظام في العراق.

ـ حاولت كوندا ليزا رايس مستشارة الأمن القومي للرئيس الأمريكي بوش الابن إقناع الرئيس بوش آنذاك بالسير بهذا الاتجاه.. وجرت مداولات في غاية السرية بين قيادات أمريكية رفيعة المستوى وقيادات من دولة عربية لها صلات وطيدة بالولايات المتحدة.. وترتبط مع كوندليزا رايس بروابط وصلات مصرفية في البنوك الأميركية.

ـ صدام حسين صم أذنيه عن كل محاولات لقبول فكرة من هذا النوع.. بل ورفض قبيل بدء الحرب 2003 بأيام أي حوار مع الولايات المتحدة ليكون ابنه (قصي) على رأس القيادة في العراق.

ـ أكد صدام إن الأمريكان لن ينالوا العراق إلا بتدميره كاملاً.. وبالتالي كانت الحرب الخيار الأخير للولايات المتحدة في العراق.

ـ ربما كانت السعودية كانت ترى في نائب الرئيس عزة الدوري (البديل الأفضل) عربياً ودولياً.

ـ وكانت السعودية تربطها مع عزة الدوري علاقات وطيدة.. وطرحت اسمه بين تسريبات وسائل الإعلام منذ منتصف الثمانينيات على أن يكون (البديل) للقيادة في العراق.

 

ـ كانت السعودية تعتقد إن عزة الدوري اقل طموحات من صدام.. وأكثر قدرة على التوافق معه مستقبلاً انطلاقاً من العلاقات الوثيقة التي تربطه بشخصيات سعودية معروفة منها وزير التربية السعودي في عهد الملك فهد (عبد العزيز الخويطر).. ومن بعده (علي التويجري).

ـ لكن أمال السعودية في أن يكون عزة الدوري (البديل) الأفضل لها في العراق لم يتحقق.

ـ فمدت صلات مع بعض ضباط الجيش العراقي الهاربين في الخارج.. ومنهم سعدون الدليمي وزير الدفاع الاسبق وكالة.. والنائب حاليا في مجلس النواب العراق.

ـ ووفرت امريكا له الإقامة والحماية في أراضيها لفترة بعد خروجه من بريطانيا نهاية العام 2002 وحتى العام 2003.

ـ يبدو أن الولايات المتحدة هي من شجعت السعودية على التوافق معها في خيار من هذا النوع.. لكنها لم تصل معه الى نتيجة.

 

ـ ليفرض واقع الحرب وسقوط نظام صدام بتلك السرعة.. فأقيمت إدارة مدنية أمريكية بقيادة بول بريمر الذي اعترف بأنه لم يعرف عن العراق شيئاً.

ـ تم تشكيل مجلس الحكم المؤقت الذي لم يقوم على معايير واضحة.. ولم يشارك فيه شخصيات عراقية من الداخل.

ـ بالرغم من ان الامريكان منحوا الاكراد فيدرالية شبه مستقلة.. في الدستور العراقي.. فهم أصروا ان يكون رئيس العراق كردياً.. وليس من عرب السنة.. فالأكراد حلفاء للأمريكان منذ 1990.. ولا يأتمن الامريكان على العرب السنة من جهة.. وليفقد العراق شخصيته العربية ثانياً.

ـ فالمعارضة العراقية الخارجية التي بدت معارضة للاحتلال الامريكي.. والقوى السنية التي التحقت.. وشاركت بالحكم لم تكن قوى سياسية فاعلة بمجتمعها…. فهم (خونة).. في نظر مجتمعهم الداخلي.

ـ المعارضة العراقية في الخارجية.. التي تسلمت سدة الحكم.. كانت في الوقت نفسه تنظر لعراقيي الداخل بانهم بعثيون.. وهم اعداء لهم.. وطردهم من مناصبهن.. بل طردهم من العراق وتصفية اخرين!!

ـ وهكذا كان الطرد,.. والقتل.. والتهميش لكل المناصب حتى استاذ الجامعة.. كي يحتلوا المناصب حتى الصغيرة.

ـ وهذا عمت الفوضى البلاد لتصل الى الحرب الطائفية.. وما زالت وستبقى البلاد في فوضى.

ـ فالاستقرار: لن يبقي غالبية عراقيي الخارج.. وعراقيي الداخل ممن شارك بالحكم.. والحرب الطائفية.. وسرقة العراق وتدميره.