18 ديسمبر، 2024 6:54 م

بديل الحكيم والبحر الميت!

بديل الحكيم والبحر الميت!

كان الطفل الصغير يتصفح أطلس العالم، وشد إنتباهه وجود ما يسمى بالبحر الميت، فسأل والده:لماذا مات البحر الميت، مَنْ قتله؟ إبتسم الأب وقال لإبنه: يقع البحر الميت في منخفض، تصب فيه الأمطار والأنهار، ولايستطيع تصريف مياهه، فزدات بداخله الأملاح، وتركزت المياه المعدنية، فقتلت فيه الحياة ولم يستطع السمك العيش به، ولا الإنسان أن يشرب منه، هكذا قتلته الأنانية فإنه يأخذ ولايعطي، والحكمة أن بعض القلوب مثل البحر الميت لاتعطي للآخرين، فلاتعيش فيها مشاعر الحب والخير.
أطلس الساحة العراقية يشد إنتباه العراقيين اليوم، مع تصاعد وتيرة إنتهاء العمليات العسكرية، لتحرير باقي مناطق الساحل الأيمن للموصل، إضافة للتدخلات التركية في داخل أراضينا، مضافاً عليها الأجندات الخبيثة، التي تحاول بعض دول الجوار تنفيذها في ساحتنا، لتحقيق مصالحها من جراء التدافع السعودي التركي الداعم للإرهاب، وفي المقابل ما تلعبه المخططات الأمريكية والروسية، لرسم خارطة جديدة لمعادلة القوى في المنطقة العربية، حيث يقع العراق في قلبها، وبذلك فإن هذه الدول ستقتلها أنانيتها، فزدات بداخلها الأحقاد.
يرى المتابعون للأوضاع العراقية، أن موقف الحكومة العراقية ضعيف جداً، وأن الخصوم تتلاعب به يميناً وشمالاً، في حين أنه من الحكمة، أن يكون الآن من أولوياتنا، تحقيق النصر النهائي على داعش وطرده من أراضينا، كما نقف بحزم ضد التجاوزات على مناطقنا، وهذا لايعني ضعفاً بل إنما نعني به، إن زادت المياه الطائفية، مع الأملاح السياسية الساعية لإفشال تجربتنا الديمقراطية، وجعلنا مسرحاً لتصفية الحسابات، فسيكون من الصعب الإلتفات لقضيتنا الأساسية بالقضاء على داعش، وسنكون كالبحر الميت.
زيارة السيد عمار الحكيم، رئيس التحالف الوطني الأخيرة، الى مصر العروبة وتونس الخضراء، إنما تعد إنتصاراً سياسياً عراقياً، ومنجزاً إقتصادياً، فيما لو إستشعرت الحكومة نتائجها وإستشرفت أبعادها وثمارها، فعودة العراق للحضن العربي، جعلته بحراً معطاء تعيش فيه مشاعر الحب والخير، وليس العنف، والتهميش، والفوضى كما يحاول بعضهم تصويره، وتشويه الإنتصارات التي تحققت، بعد الخلاص من الحكم الدكتاتوري عام 2003،وإلا فأطلس المنطقة العربية من المفترض، أن يضع العراق في القمة، لأنه يقاتل الإرهاب نيابة عن العالم.
أرسل السيد عمار الحكيم رئيس التحالف الوطني، رسائل عميقة للشعوب العربية، خلال زياراته ولقاءاته بالشخصيات العربية الكبيرة، مفادها: إننا لن نكون منخفضاً، تصب أمطار النار، وأنهار الدم، ورياح التكفير، وقتل الحياة، ولكن سنكون حمائم السلام، والوئام، والتسامح، والتعايش، التي طالما سعى لتحقيقها سماحته، بين كل مَنْ يلتقيه بمحبة وإحترام، فحوار الثقافات والأديان كلها تلتقي عنده، وإجمالاً يدور في رأسي الملتهب سؤال: مَنْ سيكون بديل السيد عمار الحكيم، لكي لا يتحول التحالف الوطني لمجرد بحر ميت؟!