لا جديد ولا غرابة ولا كشف أسرار في الإعلان عن زيارة رئيس الحكومة الإسرائيليّة، ورئيس جهاز استخبارات الإسرائيلي -الموساد- للمملكة السّعوديّة مساء 22- نوفمبر الحالي، واجتماعه بمحمد بن سلمان وليّ العهد السّعوديّ بوجو\ وزير الخارجيّة الأمريكيّ.
فقد بدأ سباق محمد بن سلمان العلنيّ للفوز بالدّرجة الأولى في الولاء لأمريكا، فور استلامه لولاية العهد، وفور استلام رونالد ترامب تابع نتنياهو للرّئاسة الأمريكيّة، فترامب تاجر العقارت المعروف، والذي يجهل اللعبة السّياسيّة كشف عن أنيابه في ولائه لإسرائيل وعدائه للعرب والمسلمين في حفل تنصيبه للرّئاسة يوم 20 يناير 2016، فقد جرت العادة أن يحضر حفل تنصيب الرّئيس الأمريكيّ رجل دين عن كلّ ديانة سماويّة” اليهوديّة، المسيحيّة والإسلام”، لكنّ ترامب استثنى الإسلام.
ويبدو أنّ الإدارة الأمريكيّة قد رفعت العصا وخبّأت الجزرة في وجوه كنوزها الإستراتيجيّة في الخليج الذي كان عربيّا، وأخذت تساومهم حول قبولها بولاة العهد الجدد في الإمارات والبحرين وقطر والسّعوديّة. واتّضحت معالم المساومة والسّباق حول طَلَب رضا أمريكا وإسرائيل في مايو 2017، حين جمع محمد بن سلمان زعماء وقادة 56 دولة إسلاميّة لاستقبال ترامب في الرّياض، وذلك في محاولة منه لإيصال رسالة لأمريكا بأنّ السّعوديّة هي زعيمة العالمين العربي والإسلامي؛ لأنّها بما تمثّله من ثقل اقتصاديّ بسبب عائدات البترول، ومكانة دينيّة بسبب وجود أقدس مقدّسات المسلمين “الكعبة المشرّفّة والمسجد النّبويّ الشّريف”، وزعمها بقيادة الإسلام السّنّيّ، فإنّها هي المؤهّلة لتكون قاعدة الإرتكاز الأمريكي في المنطقة، وأنّها القادرة على الحفاظ على المصالح الأمريكيّة والإسرائيليّة، وليس إمارة قطر الذي يشهد لها التّاريخ بأنّها السّبّاقة وبشكل علنيّ في ولائها اللامحدود لأمريكا، ولإقامة علاقة شبه علنيّة مع اسرائيل في عهد أميرها حمد بن خليفة والد تميم الأمير الحالي، وإقامة عام 1996 قاعدة “العديد” الأمريكيّة على أراضيها والتي تعتبر أكبر قاعدة عسكريّة أمريكيّة خارج أمريكا؛ لإحكام السيطرة الأمريكيّة على منابع البترول، ودفعت السّعوديّة مئات مليارات الدّولارات لأمريكا، وتبعتها الإمارات وغيرها من دول البترول العربي. لكنّ أمريكا لم تتخلّ عن قطر قاعدتها الأولى بشكل كامل وإن أقرّت بالدّور القياديّ للسّعوديّة، وهذا ما دفع السّعوديّة والإمارات والبحرين ومصر واليمن وغيرها عام 2017 لقطع العلاقات مع قطر، وفرض حصار عليها، ولولا الحماية الأمريكيّة بها لتمّت مهاجمتها واحتلالها. وكانت السّعوديّة والإمارات والبحرين وغيرها قد شنّت حربها بالوكالة على اليمن لمنع جماعة أنصار الله”الحوثيّين” الموالية لإيران من الإستيلاء على الحكم، ولتأمين السيطرة الأمريكيّة والإسرائيليّة على باب المندب والبحر الأحمر، وأشارت الأنباء إلى قيام الإمارات بإنشاء قاعدة بالتّعاون مع اسرائيل على جزيرة سوقطرة اليمنيّة عند باب المندب المدخل الجنوبيّ للبحر الأحمر.
ويبدو أنّ ترامب الذي خسر انتخابات الرّئاسة الأمريكيّة لولاية ثانية في الثالث من نوفمبر الحالي، ولم يعترف بخسارته، يريد تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب لإسرائيل قبل مغادرته البيت الأبيض، فزيارة وزير خارجيّته الحاليّة للمنطقة والتي ابتدأها باسرائيل ليست بريئة، وتهدف إلى تكريس الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربيّة المحتلّة وجوهرتها القدس في حرب حزيران 1967، وتصفية القضيّة الفلسطينيّة لصالح المشروع الصّهيونيّ التّوسّعيّ، وما اجتماع نتنياهو ورئيس الموساد الإسرائيلي مع وليّ العهد السّعودي بوجود وزير الخارجيّة الأمريكيّة على الأراضي السّعوديّة، وما صاحب ذلك من تعزيز القوّة الجوّيّة الأمريكيّة من خلال نقل القاذفات الاستراتيجيّة من طراز ب 52 في هذه المرحلة بخبر عابر، وإنّما يحمل في ثناياه إشارات عدوانيّة لا يمكن القفز عنها، فقد يكون هذا اللقاء لتدبير حرب إقليميّة لحسم الأمور لصالح اسرائيل قبل مغادرة ترامب للبيت الأبيض، ستشارك فيها جنبا إلى جنب دول الخليج مع اسرائيل وأمريكا، ضد محور المقاومة، وقد تستهدف سوريا ولبنان لإسقاط النّظام السّوريّ وتدمير حزب الله اللبناني، وتدمير المفاعلات النووية والمؤسّسات الحيويّة الإيرانيّة على الأقلّ لإضعاف أو إسقاط نظام ولاية الفقيه الإيراني.