أرسل لي أحدهم أسماء مرشّحي بعض القوائم أو الأفراد الذين ترشّحوا لانتخابات المجلس التّشريعي الفلسطيني المزمع إجراؤها في 22 مايو القادم. ومع تأكيدي على حقّ كل مواطن في التّرشّح والإنتخاب، إلا أنّني تذكّرت قولا لعمر بن عبدالعزيز -رضي الله عنه- وهو “رحم الله “امرئ” عرف قدر نفسه”. وأضاف بعضهم عليه”ووضعها في مكانها الصّحيح”. ولا أعرف إن كان من حسن حظّي أو من سوئه أنّني أعرف شخصيّا بعض المرشّحين، فأشفقت على بعض هذا البعض من المرشّحين، وتساءلت حول الأسس التي اعتمد عليها في ترشيح نفسه، فهل يعرف هؤلاء ما هي مهمّات المجلس التّشريعيّ؟ ولو كنت مسؤولا فيمن وضعوا قانون الإنتخابات وشروط التّرشيح، لوضعت لجنة تسأل من يأتي لتقديم طلب التّرشيح عن دور ومهمّات المجلس التّشريعيّ وبناء على إجابته سأقرّر قبول طلبه أو رفضه! لكنّ “لو”هذه لن تتحقّق، فقد تمّ قبول الطّلبات. ومن خلال معرفتي ببعض من تقدّموا بطلبات التّرشيح، وكوني من أبناء هذا الشّعب الذي يعاني الويلات من الاحتلال الذي أهلك البشر والشّجر والحجر، فقد حزنت على نفسي وعلى شعبي وعلى وطني إذا ما تمّ فوز بعض هذا البعض -إذا ما جرت الإنتخابات في وقتها المحدّد- بدعم العائلات والعشائر كبيرة العدد. وما يحزنني أكثر هو أنّ الآلاف من أبناء شعبي كلّ منهم يعتبر نفسه قائدا محنّكا لا تلين له قناة، وهذا لم يأت من فراغ، بل جاء بسبب حماقات الإعلام السّياسي الذي تقف وراءه تنظيمات وأحزاب، والتي يعتبر كلّ منها أتباعه قادة، فمن يعتقل أو يستشهد يتمّ الحديث عنه بالقائد، وكأنّ جميع أبناء شعبنا ومن مختلف الأعمار قادة، ممّا يوحي بأنّنا شعب كلّ أفراده قادة أو “آلهة” والعياذ بالله! وبالتّالي لا يوجد عندنا مواطنون وجنود! ويرسّخ هذا الزّعم الصّراع بين مراكز القوى بين التّنظيمات والأحزاب، فالمسؤولون يتسابقون على كسب تأييد القواعد فيضخمّونهم حتّى ظنّ كل واحد منهم أنّه قائد يتحلّى بصفات القيادة كلّها، وبالتّالي بات البعض منهم على قناعة تامّة بأنّه مؤهّل قادر ومؤهّل كي يكون ممثّلا للشّعب!
وصراع “القيادات” هذا يظهر بشكل جليّ وواضح ولم يعد خافيا على أحد في حركة فتح كبرى التّنظيمات الوطنيّة الفلسطينيّة، فحتّى الآن ستخوض الإنتخابات ثلاثة قوائم معلنه باسم فتح، وهي قائمة فتح المركزيّة التي تفرزها اللجنة المركزيّة والمجلس الثّوري لحركة فتح، وقائمة ما يسمّون أنفسهم “جناح الإصلاح في الحركة” التي يتزعّمها محمد دحلان المفصول من لجنة فتح المركزيّة والمقيم في الإمارات العربية. وثالثها القائمة التي ظهرت مؤخّرا برئاسة ناصر القدوة، والذي فصل هو الآخر من اللجنة المركزيّة لحركة فتح. لكنّ الأمر لم يتوقّف عند هذا الحدّ فهناك من خرجوا عن طاعة اللجنة المركزيّة والمجلس الثّوري وقرّروا خوض الإنتخابات في أكثر من قائمة “كمستقلّين”! والسّؤال الذي يطرح نفسه هو: هل اتّعظت حركة فتح ممّا جرى في انتخابات العام 2006 وكيف جرى تفتيت وتشتيت أصوات النّاخبين من أعضاء ومؤيّدي الحركة؟ وهل درسوا أسباب ذلك، وإن وقفوا على الأسباب فماذا عملوا لعدم تكرارها؟ وهل انتبهوا أنّهم الآن وفي السّاعات الحاسمة سيحصدون ما زرعوا؟
والصّراع بين قوى اليسار لا يقلّ هو الآخر عمّا يجري داخل حركة فتح.
وهل انتبهت جميع القوى والتّنظيمات إلى دور التّمويل الأجنبيّ لبعض من “انتفخوا” من أجل خلق قيادات للشّعب ستكون في خدمة أجندات خارجيّة لتمرير حلول لن تكون في صالح الشّعب والوطن؟ وإذا انتبهوا لذلك فلماذا لا يقومون بفضح ذلك أمام الشّعب؟ فالتّاريخ لن يرحم والحديث يطول.