22 ديسمبر، 2024 5:34 م

بدون مؤاخذة-عندما يتحوّل المجرم إلى ضحيّة

بدون مؤاخذة-عندما يتحوّل المجرم إلى ضحيّة

واضح أنّ العالم الغربيّ يتعامل مع العرب والمسلمين بشكل خاصّ، والدّول النّامية بشكل استعلائيّ، بل وكأنّهم غير موجودين على خريطة العالم، والسّبب أنّ قادة الغالبيّة العظمى من هذه البلدان هم وكلاء للقوى الإستعماريّة التي سلّمتهم زمام الحكم في بلدانهم، فهانوا وأهانوا أوطانهم وشعوبهم معهم.

وعلينا الإعتراف بأنّ العالم الغربيّ قد تفوّق علميّا وصناعيّا وحضارة وابتكارا على الشّعوب الأخرى. واستغلّوا مواردهم الطّبيعيّة بشكل جيّد، كما أمعنوا في سرقة ثروات الشّعوب الأخرى بطريقة احترافيّة أيضا تحت شعارات زائفة مثل “مساعدة هذه الشّعوب!” وما دخل الإستعمار الغربيّ منطقة فإنّه لم يغادرها شكليّا إلا بعد أن ضمن مصالحه فيها، وبعد أن ترك خلفه وكلاء يحكمونها ولا يعصون له أمرا، مع فرض واقع خلافيّ مع جيران كلّ دولة لتبقى في صراع دائم.

ويلاحظ أنّ الدّول الإستعماريّة التي تغيّر طريقة سيطرتها على الدّول والشّعوب الأخرى، حسب تطوّر الحياة، تغيّر طريقة سيطرتها عليها كما تغيّر الأفاعي السّامة ثوبها الذي يغطّي جلدها.

وإذا كانت الدّول الإستعماريّة قد تفوّقت في بناء اقتصادها القويّ، وبناء قوّتها العسكريّة القويّة أيضا بسبب تقدّمها العلميّ، فإنّها حرصت على رفع المستوى المعيشيّ لشعوبها، ونهضت بطريقة لافتة، وشرّعت قوانين لرفاهيّة شعوبها، وقوانين لرعاية حقوق الإنسان لشعوبها أيضا، وفصلت السّلطات التّنفيذيّة والتّشريعيّة والقضائّية لتضمن استقلالها، ولتضمن استمراريّة الدّولة المدنيّة التي تحفظ حرّيّة الرّأي والمعتقد، وتبادل السّلطة من خلال انتخابات ديموقراطيّة نزيهة. إلا أنّها لا تقبل ذلك في الدّول التّابعة لها، لأنّه لو حصل ذلك فإنّها ستفقد وكلاءها وبالتّالي نفوذها فيها.

ولو أخذنا دولة مثل الولايات المتّحدة الأمريكيّة على سبيل المثال، فهي تتعامل مع العالم أجمع من منطلق القوّة، والقانون الدّوليّ عندها هو ما يحفظ مصالحها المتغوّلة، لذا نجدها تتخطّى القانون الدّولي، وتجعل من نفسها شرطيّا يحكم العالم، فتفرض “عقوبات مختلفة” على الدّول التي تخرج عن طاعتها بما في ذلك دول عظمى مثل الصّين وروسيا! كما تسعى لتغيير خريطة العالم مثلما تفعل في الشّرق الأوسط، فقد ساهمت في خلق منظّمات ارهابيّة لإثارة حروب أهليّة مموّلة من خلال “كنوزها الإستراتيجيّة في المنطقة”، لتطبيق مشروعها “الشّرق الأوسط الجديد” لإعادة تقسيم المنطقة لدويلات طائفيّة متناحرة، ولتصفيّة القضيّة الفلسطينيّة لصالح المشروع الصّهيونيّ التّوسّعيّ. ولم تكتف بذلك بل تعدّته إلى إلغاء اتّفاقات وقّعتها مع دول ذات سيادة، مثلما فعلت مع الاتّفاق النّووي مع إيران، واتّفاقيّة الصّواريخ متوسّطة المدى مع روسيا، والاتّفاق التّجاريّ مع الصّين. كما انسحبت من منظّمات دوليّة مثل منظّمة حقوق الإنسان، ومنظّمة الصّحّة العالميّة، ومحكمة الجنايات الدّوليّة وغيرها.

وقفزت عن قرارات الشّرعيّة الدّوليّة خصوصا بما يتعلّق بالقضيّة الفلسطينيّة، وجاءت بما يسمّى “صفقة القرن” التي تسلب فلسطين الأرض والشّعب لصالح اسرائيل، وفرضت على أتباعها تطبيع علاقاتهم مع اسرائيل، بعد أن نهبت أموال البترول العربيّ بحجّة حماية الأنظمة القائمة. وأمريكا هذه بعد الحرب العالميّة الثّانية شنّت عشرات الحروب على دول أخرى وقتلت وشرّدت الملايين، ودمّرت بلدانا وحضارات، وتقوم بشيطنة من يعارضها من دول وحركات تحرّر وتصنّفهم كإرهابيّين! والحديث يطول عن الطّغيان الأمريكي.

ولو انتقلنا سريعا إلى فرنسا التي هاجم رئيسها مكارون الإسلام والمسلمين دفاعا عن معلّم قتله طالب شيشانيّ مسلم بسبب إساءة المعلم لخاتم النّبيّين عليه الصّلاة والسّلام، رغم أنّ الطّالب القاتل لقي مصرعه هو الآخر. وإذا كان من حقّ الرّئيس الفرنسيّ الدّفاع عن بلده وعن مواطنيه، فهل يتذكّر الملايين الذين قتلتهم فرنسا ولا تزال تقتلهم، مثلما حصل في الجزائر وتونس والمغرب ودول إفريقة أخرى، وما حصل ويحصل هذه الأيّام في ليبيا وسوريا ودولة مالي، ومثلما حصل في شرق آسيا مثل فيتنام وغيرها؟ ففرنسا هي من قتلت الرّئيس معمر القذافي وأسقطت نظام حكمة وقتلت الآلاف من شعبه.
والحديث يطول