18 ديسمبر، 2024 5:50 م

بدون مؤاخذة-العقوبات الدّوليّة وبلطجة القوّة

بدون مؤاخذة-العقوبات الدّوليّة وبلطجة القوّة

تتداول وسائل الإعلام مصطلح “العقوبات الدّوليّة” خصوصا بعد الحرب الرّوسيّة الأوكرانيّة، وما صاحب ذلك من حرب اقتصاديّة على روسيا شنّتها الولايات المتّحدة الأمريكيّة وحلفاؤها الأوروبّيّون وأتباعهم على روسيا، ومعروف أنّ أمريكا تحاصر دولا وشعوبا، تخالف السّياسة الأمريكيّة، وتفرض عليها “عقوبات” اقتصاديّة لتدمير اقتصاديّاتها، كي تثور الشّعوب على حكّامهم، ومن هذه الدّول: كوريا الشّماليّة، إيران، فنزويلا، سوريا، لبنان، ليبيا وغيرها.

ومعروف أنّ العقاب العادل تفرضه جهات قضائيّة عادلة على من ارتكب جنحة ما، فهل أمريكا تشكّل العدالة العالميّة؟ وهل هي مؤهّلة لذلك؟ وهل الحروب التي شنّتها أمريكا ولا تزال تشنّها على دول وشعوب مختلفة حروب عادلة؟ ومن نصّبها لتكون شرطيّ العالم؟ وهل كلمة “عقوبات” مصطلح صحيح، أم أنّنا أمام حروب اقتصاديّة ظالمة تشنّها أمريكا دون أن تجد من يحاسبها ويحاكمها؟ ألم تعترف أمريكا أنّها غزت العراق واحتلته ودمّرته وقتلت وشرّدت شعبه وهدمت دولته بناء على أكاذيب اختلقتها؟

فالعقوبات الإقتصاديّة الدّوليّة ” أيّ عقوبات تجاريّة لا يجوز أن تكون إلا بموجب إتّفاقيات التّجارة العالميّة، وأن يحكمها الجهاز القانونيّ في المنظمة وهو هيئة مستقلة، تقرّر العقوبات على من يفرض عقوبات أحاديّة بما فيه دفع التعويضات عن الأضرار الناتجة من إجراءاته الأحاديّة.”

وهنا نرى أنّ أمريكا التي تقود حملات “العقوبات” على روسيا وغيرها هي من تخالف القانون والأعراف الدّوليّة، وقد استّغلّت قوّتها العسكريّة والإقتصاديّة لتدمير اقتصاديّات الدّول والشّعوب الأخرى؛ لتبقي هيمنتها على العالم. وفي الوقت نفسه الذي تعارض أمريكا فيها حرب روسيا على أوكرانيا، وتجنّد العالم بالتّهديد والوعيد لفرض”عقوبات” على روسيا، فإنّها هي من تدعم بلا حدود وعلى مختلف الأصعدة اسرائيل؛ لتواصل احتلالها للأراضي العربيّة، وتضغط على الدّول العربيّة والصّديقة كي تطبع علاقاتها مع اسرائيل، على اعتبار أنّها دولة غير محتّلة! تماما مثلما يتوقّف الدّفاع عن حقوق الإنسان ومحاربة الأنظمة العنصريّة عندما يتعلّق الأمر باسرائيل.

إنّ مصطلح “عقوبات” في هكذا قضايا ليس صحيحا مطلقا، وما يجري هو حرب اقتصاديّة تفرضها أمريكا على العالم أجمع، كي يبقى اقتصادها هو الأقوى والمهيمن على السّوق العالميّ، وهي شريك في الحروب العسكريّة من خلال الدّعم العسكريّ الهائل لأوكرانيا في حربها مع روسيا، ومن خلال حرصها على اسرائيل لتبقى القوّة العسكريّة المهيمنة على منطقة الشّرق الأوسط برمّتها. ومن خلال دعمها لكوريا الجنوبيّة لمنع وحدة الأمّة الكوريّة، وهي من توفّر الحماية لتايوان؛ لتبقى منفصلة عن وطنها الأمّ الصّين، وهي تنشر قوّاتها في أوروبا من خلال حلف النّاتو لتحاصر روسيا والصّين وما تمثّلانه من قوى عظمى منافسة، وهي بسياستها هذه المسؤول الأوّل عن حرب روسيا على أوكرانيا عندما جنّدت النّظام الأوكراني؛ ليكون عضوا في حلف النّاتو؛ كي تتمّ حصارها لروسيا، ممّا أجبر روسيا على خوض حرب دفاعا عن أمنها القوميّ. وإذا ما تمّ تطبيق القانون الدّوليّ، واتّفاقات منظّمة التّجارة الدّوليّة، فإن أمريكا هي التي ستعاقب، وسيفرض عليها دفع تعويضات للدّول المتضرّرة من سياساتها.