بدون قيادة حقيقية قوية جامعة سيبقى العراق تحت الوصاية والهيمنة الإستنزاف والتناحر لصالح قوى الطغيان ومشاريعها الشيطانية التدميرية،
في ظل الهيمنة الأمريكية – الأيرانية المطلقة على العراق، وفي ظل استمرار الجعجعة الأعلامية وحرب الشعارات الجوفاء والتهديدات الخاوية ، والتي لم تتوقف منذ قرابة الاربعين عاما ًبين الولايات المتحدة من جهة، وبين ايران واذرعها وذيولها من جهة اخرى،
في لعبة أستخبارية قذرة لا زال من يدفع ثمنها هم العرب فقط، من دماءهم وسيادتهم وثرواتهم وارضهم،
وكان العراق ولا زال هو من اكثر المتضررين وأكثر من تحمل ودفع الاثمان الباهظة وعلى مدار العقود الماضية، بسبب انعكاسات هذه اللعبة القذرة التي تدار من داخل اقبية اجهزة الاستخبارات الدولية،
وفي ظل حالة التشرذم والتشظي التي يعيشها الشارع العراقي، وسقوطه في مستنقع التغييب والتجهيل والتناحر الفئوي والطائفي والعرقي،
بسبب حالة الخيانة والعمالة والفساد والإنحطاط وفقدان ابسط مقومات الانتماء والشرف والفضيلة التي تمثلها الاحزاب والشخصيات والمرجعيات الشيطانية الممسكة بزمام السلطة بالوكالة عن الدول المحتلة للعراق،
وفي ظل حالة فقدان البوصلة والتناحر التي تعاني منها الكيانات والشخصيات الوطنية الرافضة للإحتلال والهيمنة الاجنبية على العراق،
وانحراف العديد منها خلال السنوات الماضية عن جادة الحق، والتحاقهم بركب المشروع الامريكي الايراني التدميري بشكل مباشر وغير مباشر،
فمن البديهي والواضح جدا أن مسلسل النكبات و الإنتكاسات سيستمر في عراقنا، أعواماً آخرى او ربما لعقود،
وسيستمر شعبنا في تقديم الضرائب الباهظة من دماء ابناءه وارواحهم وثرواتهم، وفق المخطط و اللعبة الامريكية المرسومة له،
ووفق أستراتيجية خلق و تغذية واستمرار الفوضى والفساد والأرباك في العراق ودول المنطقة و لأطول فترة ممكنة،
فالولايات المتحدة ليس في ابجدياتها النظر الى حجم الأثمان التي تقدمها الشعوب، مقابل تنفيذ اجنداتها وفق مصالحها القومية والاستراتيجية،
ومن ما هو مسلم به وفي منطقتنا العربية، فان الكيان الصهيوني يحتل مرتبة الصدارة من ضمن اولوياتها الإستراتيجية، وحماية أمنه و وجوده وتفوقه على كل الاصعدة،
و تحقيق ذلك لا يمكن له ان يكون إلا من خلال تدمير المحيط العربي عسكريا ًواجتماعياً واقتصادياً وأخلاقياً، وخصوصاً الدول العربية المؤثرة في ميزان القوى والصراع في المنطقة، حيث كان العراق يتصدر قائمة هذه الدول،
وهذا ما حققته الولايات المتحدة حتى اليوم وبنجاح كبير،
لذلك فأن كل ما دفعه العراق وشعبه من اثمان باهظة وسيستمر في دفعه، هو بمثابة نجاح استراتيجي للولايات المتحدة وحلفاءها، ونجاح استراتيجي للإدوات التي استعملتها الولايات المتحدة في اسقاط العراق واستمراره ينزف حتى وصوله اليوم الى شفير الزوال،
و سيستمر الوضع العراقي في الانتكاس حتى يتحقق المشروع الأمريكي في العراق بالكامل،
طالما استمر العراق وابناءه خاضعون لهذه اللعبة القذرة، وخانعون تحت سلطة حفنة من المرتزقة والمليشيات و الاحزاب والعمائم الشيطانية الفاسدة المجرمة العميلة،
المتسلطة على رقاب ابناء العراق وفق ما تقتضيه مصالح وغايات واهداف الاطراف المحتلة للعراق وفي مقدمتها الولايات المتحدة ونظام الدجالين في طهران،
فالولايات المتحدة ستستمر في لعبة تبادل الأدوار الخبيثة التي تلعبها مع شريكها الاستراتيجي في المنطقة نظام ملالي طهران،
والذي كان ولا زال الاداة الأمثل التي استعملتها الولايات المتحدة في الضغط على العراق وكل بلدان المنطقة العربية،
فسلبت السيادة ونهبت الثروات واحتلت الارض ومزقت الشعوب والمجتمعات،
فهذه هي الغاية الأولى والاساس والتي من اجلها تم خلق هذا النظام الشيطاني في اقبية الإستخبارات البريطانية والامريكية والفرنسية،
وتم تسليمه زمام السلطة في ايران بعد ان عمدت بريطانيا واخواتها على اسقاط شاه ايران حليفهم الإستراتيجي السابق في المنطقة،
وستستمر الولايات المتحدة ومعها الاطراف المتشاركة معها في احتلال العراق، وفي مقدمتها بريطانيا و صنيعتهم “نظام ملالي طهران” في الإمساك بكل الأوراق المؤثرة في العراق وخصوصا “المهزلة الأجرامية العميلة الفاسدة” التي يطلقون عليها بالعملية السياسية،
وستستمر لعبة تحريك الادوات والبيادق والأدوار لضمان إستنزاف العراق وشعبه وثرواته الى ما لا نهاية،
ولن تتغير قواعد هذه اللعبة القذرة، والتي لا تستهدف العراق وحده وانما تستهدف كل الوجود العربي، قيمة وعروبة وتاريخ وجغرافية ووجود ورسالة سماوية،
وحتى تتوفر القيادة الحقيقة، والبديل الوطني الحقيقي القادر على فرض وجوده على الارض، سياسياً واجتماعياً وثقافياً وفكريا، ليحضى بالدعم الجماهيري، وليعمد على تغيير قواعد اللعبة، ويرغم انوف الغزاة على قبول الهزيمة، وترك العراق لابناءه،
ولذلك فلقد عمدت الولايات المتحدة واجهزتها الإستخبارية، وخلال كل سنين الأحتلال الماضية،
وبالتعاون مع شركاءها وعملاءها في داخل العراق وخارجه، سواءا ً كانوا احزاباً او هيئات او مؤسسات او شخصيات محسوبة على شعب العراق،
وبالتعاون مع انظمة عربية او اقليمية،
عملوا على ضمان تفتيت وتدمير اي جهد عراقي خالص، يهدف الى توحيد صفوف ابناء العراق المخلصين والصادقين النوايا والافعال،
والرافضين للإحتلال ومشاريعه الرامية لإبقاء العراق خاضعاً لسطوة الهيمنة الاستعمارية المطلقة عليه،
وما نتج عنها من عملية سياسية و حفنة من العملاء و المرتزقة، يحركهم المحتل كيفما واينما شاء، وتحت حماية جيوشه الغازية،
فلقد بُذلت جهود عظيمة خلال سنين الاحتلال الماضية، تشاركت فيها اجهزة استخبارات دولية واقليمية وعربية، وانفقت في سبيلها اموالا طائلة، ونسجت لتحقيقها الكثير من المؤامرات والمكائد ضد ابناء العراق،
لتشتيت الصفوف وتغييب الاصوات وشراء الذمم، وتحييد الكثير عن مواقفهم واسقاطهم في غياهب العمالة ليكونوا طائعين لإملاءات المحتل ووكلاء المحتل،
لتضمن كل الاطراف المتشاركة في احتلال العراق، والمستفيدة من حالة الإنكسار والانهيار التي يعانيها العراق وشعبه،
في ان لا تظهر او تتشكل قيادة حقيقية قادرة على تمثيل العراق وارادة شعبه، وقادرة على الاخذ بزمان المبادرة وفرض نفسها في الداخل والخارج،
واسترداد القيادة في العراق وتحريك الشارع العراقي كيفما تقتضيه مصلحة العراق وشعبه، لتحضى بدعم جماهيري واسع، وتمثل الإرادة الحقيقية للتحرر واسترداد الإستقلال والسيادة،
ان اكثر ما تخشاه الولايات المتحدة واخواتها من قوى الهيمنة الاستعمارية، هو استفاقة شعب العراق من غياهب السبات الذي يعانيه، وان يتحرك الشعب لأسترداد وجوده وتقرير مصيره،
وإسقاط الطبقة السياسية العميلة التي شكلتها دول الأحتلال وفق مقتضيات مصالحها في العراق،
لذلك عملت الولايات المتحدة وشركائها لضمان ان لا يكون في العراق قيادة حقيقية قادرة على استنهاض الجماهير،
وعمدت على جر العراق الى مستنقع يصعب عليه الخروج منه، حتى لا تقوم للعراق قائمة،
فمراكز صنع القرار الامريكي تدرك حقيقة التكوين الصعب للشعب العراقي، كما تدرك صعوبة ارغامه على القبول بالذل والتبعية،
وكما تدرك استحالة قبول فئات من شعب استمرار الوضع في العراق على ما هو عليه اليوم،
لذلك فان الولايات المتحدة دفعت بالعراق وشعبه خلال الـ 16 عاما ً الماضية الى اتون التدمير وعمليات الإنهاك والإذلال والاستنزاف بكل ما تعنيه الكلمة، وأغرقته في بحور من الدماء،
وعمدت بنفسها او باستعمال وكلاءها على تفريغ العراق من الكفاءات، بالاغتيال او التغييب في السجون أو التهجير، وسرقة واستنزاف ثروات العراق والتي تعتبر ركيزة اساسية يعول عليها لأي نهضة أو تطور قادم،
واطلقت اذرع نظام ملالي طهران ومليشياته، ليعيثوا فسادا ً في العراق، مستثمرة العمق الطائفي لتدمير وتمزيق ركائز النسيج الاجتماعي، ولضرب السلم الأهلي والإستقرار،
فلم يتوانى نظام ملالي طهران واذرعه لحظة واحدة في تنفيذ الاوامر الصادرة لهم من الولايات المتحدة الامريكية، وفق المصالح الأستراتجية المشتركة بينهم، واستثماراً للفرصة التاريخية للثار من العراق والعرب،
فولغت بدماء العراقيين و أوغلت في الذبح والتدمير والتهجير والخطف والأغتصاب ونهب الثروات وتمزيق الهوية العراقية العربية،
لذلك فان استمرار غياب القيادة الحقيقية للعراق و غياب البديل الوطني، والقادر على قيادة صفوف الشعب، هو بمثابة النكسة والإنتكاسة الحقيقية لشعب العراق، ولقواه الوطنية وللأخيار من ابناءه،
فهل استرد شعب يوما ما حقوقه وارضه وسيادته وكرمته، بدون ان يكون له قيادة حقيقية شاملة وموحدة؟
كما ان غياب القيادة الحقيقية الجامعة في العراق وبعد 16 عاما من الاحتلال، يمثل بحد ذاته نجاح استراتيجي لقوى الطغيان والإستعمار والهيمنة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وشريكها نظام ملالي طهران وادواته واذرعه،
فمتى ما توفرت القيادة الحقيقية الممثلة لأرادة وتطلعات وطموح الاحرار والاخيار من ابناء الشعب،
ومتى ما ظهرت على الساحة ومكنتها قدرة الله الملك الحق من اعتلاء دفة الصدارة والقيادة في العراق،
بعيداً عن معاول الخراب والفساد الأجتماعي و الفكري والأخلاقي، و المتمثل بمستنقع ومجاميع العملاء والمرتزقة والمجرمين داخل المنطقة الخضراء،
وبعيداً عن إملاءات وهيمنة قوى الأحتلال وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وشريكها نظام ملالي طهران المجوسي،
وبعيدا عن وصاية العمائم الشيطانية المجرمة الفاسدة العميلة “التي يطلق عليها بالمرجعيات” القابعة في مستنقعات الخيانة والفساد في النجف وغيرها من سراديب العمالة والأنحراف والفساد،
والتي تمارس دور خبيث في تمكين قوى الاحتلال من اركاس عراقنا في غياهب الدمار والزوال،
وتمارس دور الأفيون لتخدير العقول وتجهيل واسغفال ابناء الشعب، والهاءه عن رؤية واقعة المأساوي و تشخيص اسباب هزيمته و كيفية الخروج من ازمته ومأساته وتحويلها الى نجاح ونهضة ونصر وحياة،
فمتى ما توفرت هذه القيادة الحقيقية والبديل الوطني القادرعلى فرض وجوده على الارض، ونجحت هذه القيادة في الوصول الى مرحلة الألتفاف الجماهيري الواعي والكامل حولها،
فسيكون لهذه القيادة والبديل الوطني، القدرة والارادة لمواجهة قوى الإحتلال والطغيان، واسقاط الهيمنة المفروضة على عراقنا ومقدراته،
وسيكون عندها ابناء الشعب وقيادتهم قادرون على تغيير قواعد هذه اللعبة الشيطانية العالمية الخبيثة التي اسقطوا عراقنا وشعبنا في غياهب ظلماتها،
وسيكونون قادرين على اخراج العراق من هذا النفق المظلم الذي دفعوا العراق اليه رغما عنه،
عند ذلك فقط يمكن ان نعول أو نتأمل بانه سيكون هنالك مستقبل كريم لعراقنا وشعبنا، لينعم العراق وشعبه والاجيال القادمة بالحرية والكرامة والسيادة بعيدا عن هيمنة الغزاة ومشاريعهم وادواتهم التدميرية،