18 ديسمبر، 2024 10:05 م

بدماء الحسين والحشد المقدس تنتصر رسالة الإصلاح

بدماء الحسين والحشد المقدس تنتصر رسالة الإصلاح

الشهادة أرفع درجات الإيثار, إذ إن الجودُ بالنَّفْسِ أَقْصَى غايةِ الجُودِ, وعملياً فإنها ثغرة تفتح بجسد الأمة لتحيى, ففقدان الشباب في المعارك ليس خسارة لأعزاء فحسب, ولكنها نجاة أرواح الآخرين وحفظ لممتلكاتهم, فيتحقق الهدف الإنساني الأكبر, بالوصول إلى طاعة الله تعالى, وأداء التكليف الشرعي؛ بحفظ كرامة الأمة, وأعراض المسلمين ومقدساتهم.
فعاشوراء كانت أقدس منازلة لأنصار الحق ضد الباطل وأهله, ففيها استمرار للدين الإسلامي, وديمومة لمبادئ العقيدة السامية, ذا كانت معين لا ينضب, لذا دعا الأئمة الأطهار المؤمنين للارتباط بمدرسة عاشوراء, العنوان الأكبر لمعاني الأخلاق والقيم الإسلامية والإنسانية, التي يتعلمها الفرد في حياته, لارتباطها الوثيق برسالة الإمام الحسين, التي كتبت بأطهر دماء أهل الأرض, كونها مصنع للشهادة, وتخرجت منها قوافل الشهداء.
أولئك الذين ما زالوا إحياء عند ربهم, بدليل قوله تعالى: “وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ” تعرفهم في الحياة الدنيا بأخلاقهم كما جاء بالذكر الكريم: “تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ” الارتباط بهم يجعلك تتعرف على روحيتهم, وتتأثر الأنفس وتهز الضمائر عندما تقرا وصاياهم, بشر وأسمى من ذلك بكثير, ملائكة وارفع من درجتهم, كونهم مرتبطين بالرسالة الحسين.
فارتباط رسالة الإصلاح؛ التي أطلقها الإمام الحسين تعد أعلى درجات الكمال, التي يصلها الإنسان في تحقيق أهدافه المنشودة, فالظفر مرتبة لأولياء الله, وتحقيق الفوز العظيم مناط بهم, إن كان الفوز بالنصر والفتح, أو بالشهادة والولوج إلى الجنة, كونها باب فتحه الله لخاصة أولياءه, ولا يعني إن الحسين جاء لكربلاء من اجل الشهادة, وهذا تصور ساذج, إنما لإدامة أهداف الرسالة السماوية.
وخلال الحقب الماضية سار على هذا النهج العديد ممن وقفوا بوجه الظلم والظالمين, وتصدوا بأرواحهم لمواجهة التيارات المخالفة لأهداف الإصلاح, ومن أولئك من تجسدت فيهم مواقف أبناء الحشد المقدس, بعد فتوى الإمام السيستاني فصدقوا ما عاهدوا الله عليه, بتحقيق الأهداف, فكان لسرايا شهيد المحراب القدح المعلى للدفاع عن الإصلاح الحسيني, فتجسد دور حبيب ابن مظاهر بشيبة الشهيد أبو حميد الكعبي.
ونال وسام عريس الحشد تيمناً بالقاسم, الشهيد حسين الموسوي بالثرثار, فيما برز للموت شباب علي الأكبر؛ مسلم الياسري, وعلي الساعدي, وعمار زبيدي, وحسام الطالقاني, وناصر العوادي, وحسام السلطاني, ممن كانت بطولاتهم دروس للأجيال, فيما قدم أسامة المعموري كفه بمنازلة أسطورية, امتثالاً بأكف أبي الفضل العباس, اما مواقف السيد صالح البخاتي, وأبو مصطفى العيداني, فكانت بمعنى الكلمة تجسيد لأنصار الحسين بكربلاء.
لذا فالشهادة بعنوانها السامي؛ إحدى وسائل إتمام النعمة وإكمال الدين, وامتداد لرسالة الإمام الحسين الإصلاحية, فالأمم لا تحيى بلا عطاء, ولا تسلم بلا دماء, ومقام الشرف والرفعة, الذين يناله الإنسان المؤمن, لا يُرتقي إليه إلا بإراقة الدماء الزكية بالشهادة: لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى… حتى يراق على جوانبه الدمُ.