18 ديسمبر، 2024 9:51 م

من ضمن التقليعات الهزيلة التي يتحفنا بها مجلس نوابنا العتيد بعد قانون (الخمريات السيئ الصيت) الذي صوت عليه الشهر السابق والذي احدث ضجة صاخبه ومستهجنه   بين اوساط المجتمع العراقي ينبري هذا المجلس اليوم ليتحفنى بما تفتق به ذهنه العبقري بقانون اسوء من سابقه بكثير في محاولة منه لإعادتنا الى مجاهل التاريخ  يوم كنا في نظام الطوائف و القبائل وسطوة الزعامة والقوه التي يتمتع بها شيخ الطائفة او القبيلة  وكأن البناء المدني والديمقراطي لنظام حكمنا الجديد يتسق ويتوافق مع النظام العشائري الذي يراد الرجوع اليه  ,فالنظام العشائري الذي يستند في احكامه على بنود وشرائع قبليه متزمتة ومستبده تتنافى وتتعارض مع ابسط مبادئ وبنود الحكم المدني الديمقراطي المتحضر ومع فقرات ومواد الدستور العراقي الجديد الذي ينص في المادة ثانيا ب ( لا يجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية) .فضلا على انه سيخلق طبقة سلطوية متنفذه تتداخل وتتعارض في نهجها واسلوبها مع سلطة الدولة وقوانينها وتشريعاتها القضائية واحكامها ناهيك الى ما تحتاجه الى خلق منافذ جديده للصرف المالي الهائل الذي يتسبب بهدر المليارات من الدولارات والتي ستشكل عبئا اضافيا مهلكا  على ميزانية الدولة في زمن يعيش به العراق حالة تقشف قصوى نتيجة للحروب الدائرة في حواضره بغية التحرر والانعتاق من براثن العتاة والمجرمين من وحوش الارض  . 

وانا لا اريد  ان اقلل من هيبة رؤساء العشائر ومكانتهم  لكون التاريخ العراقي يزخر ويزدهي بثورات العشائر وببطولات أبنائها سواء كانت في الجنوب حيث يرن صداها الشمال والوسط أو المناطق الغربية من العراق وكانت هناك علامات مضيئة لشخصيات ورؤساء عشائر لها لمساتها المؤثرة والناصعة في ذلك الواقع العراقي يذكرها المؤرخون والناس باعتزاز وفخر لمواقفهم البطولية ولاحترامهم لأنفسهم وكرامتهم وعزة نفوسهم ولإيمانهم بقضية وطنهم فلم يرضخوا للمغريات ولا الهدايا والعطايا والجاه ولم تغريهم السلطة والمال رغم ما تعرضوا له من تنكيل وضغوط من قبل الحكام أو دول الاحتلال لهذا فرضوا  وجودهم ومكانتهم ولم تهتز سمعتهم وأسمائهم فالتاريخ يظل مسلطا الأضواء عليهم لذكر محاسنهم ومواقفهم النبيلة مع شعبهم وعشائرهم .بالضد من بعض مواقف الشيوخ الذين ارتضوا لأنفسهم الذل والهوان وباعوا أنفسهم بابخس الإثمان لقاء مبالغ تافه وجاه متذبذب كسيح فكانوا تابعا ذيليا لتلك الحكومات يأتمرون بأوامرها وينفذون مأربها الدنيئة حتى على أبناء عشائرهم فلم يتشرف التاريخ بذكر أسمائهم بالخير إلا بأحط العبارات وأتعس الكلمات النابية وإبراز مساوئهم ومثالبهم وسوء سلوكهم وسيرتهم المتلونة الذليلة. .وادبيات المعارضة السابقة لنظام صدام وصحفها في حينه كانت تنتقد الواقع المزرى الذي وصل إليه المجتمع العراقي من ترهل وإسفاف وتفكك وبالأخص هذه الظاهرة المسيئة لشيوخ العشائر وتفتيت قيمها وكرامتها(( فلا ادري لماذا تنكرت لمواقفها التي كانت عليها بالأمس عندما تحولت إلى سلطة اليوم واتبعت نفس العقلية والأسلوب الذي كان عليه غريمها يسلكه مع شيوخ ورؤساء العشائر فهل بريق السلطة غسل الأدمغة واستحال الخطأ في نظرها سابقا إلى مقبول وصحيح؟؟ )) .   

وقد طفت على السطح ظاهرة تصدرت الواقع السياسي العراقي عندما ابتدعت القيادة السابقة ظاهرة مثيرة للجدل في تأسيسها مقرات لمجالس الاسناد في اغلب المحافظات العراقية وكان محورها   زعماء ما يسمى بالعشائر العراقية يراد منها حسب الظاهر الإعلامي مساندة الحكومات المحلية للوقوف كما يدعون إلى جانب الحكومة المركزية والحكومات المحلية في تلك المحافظات لمحاربة الظواهر السلبية التي تخل بالأمن والاستقرار ومراقبة الفساد الادراي المستشري في دوائر ألدوله .لان الحكومة كما يبدو غير قادره على إن تفرض سيطرتها على هذه المحافظات رغم ما تملكه من هذا الهيلمان العسكري والأمني المسلح لهذا فهي في أمس الحاجة إلى وقوف رؤساء العشائر والافخاذ إلى جانبها .حيث فتحت المراكز في النواحي والأقضية والمحافظات وجهزتها بالأثاث الحديث وأجزلت عليها الملاين من خزينة ألدوله لأنها كما تدعي تابعه إلى الحكومة المركزية وليس للأحزاب وهذا ظاهر الحال غير الحقيقة الناصعة والتي لا تنطلي على ابسط مواطن من إن هذه المجالس تابعه إلى حزب متنفذ في الدوله وهي واجهه انتخابيه ودعائية لهذا الحزب .   

جوبهت هذه التشكيلات بالمعارضة من قبل الحكومات المحلية وطلب بعض المحافظين عدم التعاون معها ومحاولة إفشالها و شلها وفركشتها بأي طريقه متعذرين إن هذه المجالس ستقوض دور الحكومات المحلية وتضعف من سلطتها وإدارتها لأنها ستكون رقيبة ومتدخلة في شئن الإدارة والحكومة المحلية هذه الظاهرة الجديدة خلقت فتنة لا نظير لها بين عشائر الجنوب وزعمائهم لأنها استقطبت قسما منهم وهمشت الآخرين وهذا يعني ان هناك تمايز وتصنيف لزعماء هذه العشائر لكون المحسوبين على مجالس الاسناد انعكاس للتنظيم المتنفذ والمسيطر على مقاليد الحكم في الدوله و يتقاضون رواتب وامتيازات مجزيه في حين يبقى الآخرون وهم أيضا رؤساء عشائر وأفخاذ بلا امتيازات أو رواتب كما يحصل عليها الآخرون من أترابهم فكيف يستتب الأمر وهم على هذا الخلاف والتمايز الذي تتبعه ألدوله في سلوكها معهم . فضلا على إن هناك مجالس عشائرية تكتظ بها هذه المحافظات ولها تنظيماتها وتابعيتها إلى أحزاب كبيره لها باعها الطويل في العملية السياسية ومصدر القرار المؤثر .مما أدى إلى خلق حاله من التناحر والصراع بين هذه التنظيمات وبين العشائر أنفسها .وقد حدثت فعلا نزاعات بين العشائر في معظم المناطق التي تشكلت فيها هذه المجالس    . الم تكن تلك فتنة مفتعله أسستها ومهدت لها السياسة والمال, وان ألدوله هي من بدأت بخلق هذه الفتنه . والان يحاول مجلس النواب من خلال التصويت على قانون العشائر وتنفيذه الى خلق فتنة جديده ونزاع عشائري لا تحمد عقباه في مسالة الاختيار والتعين والمناصب والامتيازات  بين زعماء العشائر.