17 نوفمبر، 2024 10:23 م
Search
Close this search box.

بدايات ألإسلام -3 : نصان يهوديان حول بدايات ألإسلام بدايات ألإسلام -3 : نصان يهوديان حول بدايات ألإسلام

بدايات ألإسلام -3 : نصان يهوديان حول بدايات ألإسلام بدايات ألإسلام -3 : نصان يهوديان حول بدايات ألإسلام

مقدّمة:
لاشك أنّ التعامل مع التقاليد ألإسلامية التي تتناول بدايات ألإسلام يتطلب الكثير من من الدقة والإرتياب، وهذا الأمر لا ينطبق على الإسلام على نحو محدد، بل يمكن تمديده ليطال كل الأديان والعقائد وربما التيارات الفكرية، عالمية كانت أم محلية.

تاريخية التقاليد الإسلامية تثير في وجه الباحث التاريخي ما لا طاقة له على تحمله من المشاكل، مهما كانت قدراته وعلومه ومواهبه، مع ذلك فإنّ مقارنة عقائدية تاريخية سريعة يمكن أن تظهر أنّ المشاكل عند الطرف الإسلامي اقل منها عند الطرف اليهودي والمسيحي – على سبيل المثال – أقلها أنّ الجدل البحثي مستقر على الحقيقة التاريخية لوجود محمّد، نبي الإسلام في القرنين السادس والسابع في غرب شبه جزيرة العرب ( ماعدا بعض البحوث للمستشرقين الذين تطرقنا إلى بعض ألأمثلة من بحوثهم في الحلقة ألأولى والثانية من هذه السلسلة من المقالات )،  في حين أنّ التفاصيل التاريخية لوجود موسى محط شكّ – وربما محل رفض كبير في الحقبة الأخيرة، وكذلك ايضا يسوع: وإن بحدّة أقل من موسى.

 ما يتعلق ببدايات الإسلام، فسوف نجد الخبر ونقيضه، روايات متباينة – وربما متعارضة – للحدث الواحد إختلافات صارخة حول قيمة هذه الشخصية أو تلك، إختلاقا لشخوص وحوادث لم يكن له وجود قط، تدعم التوجه العقائدي للتيار المُختلق، وإخفاء لأمور مفصلية لا تتناسب مع ميول الكاتب وأهوائه.

إنّ تضافر روايات الحدث داخليا وخارجيا يدعم الحقيقة التاريخية لهذا الحدث. فعلى سبيل المثال، إنّ إشارة المصادر الخارجية – غير ” العربية والإسلامية ” – إلى حدث ظهور نبي في غرب شبه جزيرة العرب إسمه محمّد ( وإن اختلفت التسميات ) يدعم الحقيقة التاريخية لهذا الحدث التي تشير إليه المصادر الداخلية – أي ” العربية والإسلامية “. وهذا ينطبق ايضا على الكثير من الأحداث المفصلية في التاريخ العربي – الإسلامي.

لقد كتب كثيرون، من غير المسلمين، حول بدايات الإسلام، في تلك البدايات بالذات : كتب ألارمن، الآشوريون، السريان، الموارنة واليهود. وللأسف الشديد، لم نر قط عند الباحثين التاريخيين المعاصرين العرب أدنى إشارة إلى تلك النصوص القديمة التي تناولها الكثير من الباحثين التاريخيين في الغرب بالفحص والتمحيص وألأرجح أنّهم لا يعرفونها، أو لم يسمعوا بها عدا بعض الإستثناءات.

في هذه المقالة نتناول بعض أجزاء من نصان يهوديان حول بدايات الإسلام، نعتقد أنّ لهما أهمية إستثنائية. ألنصان هما:

” صلاة الحاخام شمعون بن يوحاي ” وقصيدة ” في ذلك اليوم ” وهما منشوران، على الترتيب، في : (- جامعة لندن، المجلد 13، الجزء الثاني، 1950، ص ص 308 – 338، نشر مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية، وفي  عدد مهدى لذكرى أرمان أبيل، تحرير بيير سالمون، لايدن 1974 ، ص ص 197 – 200. وألنصان ترجمهما وعلق عليهما الباحث برنارد لويس.

ملاحظة:

حاخام شمعون بار يوحاي هو تانا من منتصف القرن الثاني، يدعى في الأدب التلمودي ح. شمعون دون أي شيء آخر. يُذكر في مواضع مختلفة. في المدراش الهالاخي، استخدم الطريقة الخاصة بعقيبا، وبإستخدامه لهذه الطريقة حرّر مجموعة مدراشيم هالاخية على الخروج والتي تعزا إليه وتحمل عنوان مخلتو د. ح. شمعون بار يوحاي، ما تزال بقايا منها موجودة حتى الآن. إليه تعزو التقاليد زوهار، وهو بالتالي شخصية مركزية في الأدب القبالي.

 

رؤيا ابوكالبتية للتاريخ ألإسلامي:

بقلم: برنارد لويس

 

خلال قرون الحكم ألإسلمي ألأربعة ألأولى، سرت بقوة الآمال المسيانية بين شعوب الخلافة، فالمسيحيون واليهود والزرداشتيون الخاضعون لحكم ديانة جديدة وغريبة عليهم تعلّقوا بتقاليدهم المتعلقة بمسيا أو ساوشيانت وزينوها: مسيّا من نسب مختار إلهيا، والذي يأتي أو يعود في زمن ألله إلى ألعالم، ينهي عذابات المؤمنين وسيطرو ظالميهم، ويؤسس ملكوت ألله في ألارض.

ولم يمض وقت طويل حتى تأثر بذلك ألإسلام ذاته، بداية في هرطقات ألذين أعتنقوا الدين حديثا، والذين لم يكونوا راضين بالمكانة المعطاة لهم في ما كان قد ظلّ مملكة عربية، زالذين طعّموا الدين الجديد بإعتقاداتهم القديمة، ومن ثم في أرثودوكسية كلّ ألإسلام، حيث برز الإعتقاد بألمهدي وألذي هو بكلمات التقليد ” يملأ الارض عدلا ومساواة بعدما ملئت ظلما وجورا “.

مع زوال الأمبراطوريات وإزدهار الآمال المتعلقة وخيبة املها، نما التقليد المتعلق بالقادم وتطور وراح ظالم بعد الآخر يضيف شيئا من ذاته إلى صور المسيح الدجّال، في حين كان العديد من المسحاء الكاذبين، بسبب فشلهم، يضيفون تفاصيل جديدة وعلامات جديدة إلى المسيّا الذي لم يأتي بعد.

كان لكلّ مجموعة تقاليدها الخاصة، مع ذلك فهم لم يكونوا منفصلين بأية حال، فالعديد من الأفكار والإعتقادات عبرت، عبر الذين كانوا يبدّلون ديانتهم وعبر قنوات اخرى من ديانة إلى أخرى.

كان اليهود حتما هم اقل صبرا في إنتظارهم للخلاص، فكلّما بدأ تقوض الأمبراطوريات تحت وطأة الثورات الداخلية والغزوات الخارجية وكأنّه ينذر بالنهاية اتي انتٌظرت طويلا، كانت عيون اليهود القلقة تتطلع إلى زمن الإضطرابات الذي كانوا يعيشون فيه كعلامة على قدوم المسيّا، وتحاول أن تجد في الأحداث التي تدور حولهم النبوءات والتقاليد الغامضة التي وصلت إليهم حول حروب المسيّا الأخيرة.

في تلك ألازمنة كٌتبت الاسفار الأبوكاليبتية، كان لمؤلفيها أهداف عديدة – مواساة المضطهدين بآمال النصر القريب، وتبرير طرق الله للبشر بإظهار معاناتهم بأنّها لم تكن إعتباطية بل جزء من مخطط مرسوم إلهيا لأشياء تتأوج في تأسيس إرادة ألله في الارض، وغالبا ما تكون، إضافة إلى ما سبق، دعم مزاعم مدّع فعلي للوظيفة المسيانية.

عادة ما تكون طريقتهم ذاتها:

كانوا يأخذون أو يتبنون كتابات أبوكاليبتية أكثر قدما ذات أصل متشابه، يضيفون إليها رواية لاحداث زمنهم، ليس كقصة تاريخية صرفة، بل على ألارجح كإعادة تحرير لنبوءاتهم وتقاليدهم القديمة المدققة والموسعة بحيث تناسب هذه الأحداث، ومن ثم يقدّمون بطريقة محببة الأسطورة المتنامية للكفاح والنصر ألأخيرين.

كان كلّ شيء يٌسكب في قالب نبوءات ويٌعزا إلى إحدى الشخصيات العظيمة من الماضي: إلى دانيال أو إيليا، إلى أخنوخ، إدريس أو موسى، إلى زربابل أو ألحاخام شمعون بن يوحاي.

إلى الشخص المذكور أخيرا، وهو واحد من أعظم الحاخامين في القرن الميلادي الثاني، تٌعزا واحدة من أهم الابوكاليبتات اليهودية.

نشرت صلاة ألحاخام ” شمعون بن يوحاي ” للمرة الاولى على يد أدولف يلنك عام 1855 من مخطوطة نادرة كان يمتلكها ماركو مورتارا كبير الحاخاميين في مانتوا وبدا وكأنّها تعتمد جزئيا على عمل أقدم من نمط مشابه يحمل عنوان ” أسرار ألحاخام شمعون بن يوحاي ” كان ” ألأسرار ” قد نٌشر للمرة الاولى ضمن مختارات سالونيك عام 1743، ثمّ أعاد يلنك طباعته بعد ذلك.

لقد عزا يلنك العمل إلى ألحقبة الصليبية، لكن المؤرخ هاينريش غريتس عن طريق فحص دقيق، كان قادرا على أن يُظهر أنّ الاحداث والحكاّم المُشار إليهم في النص إنّما يرجعون إلى الخلافة الراشدية وخلافة بني أميّة، وأنّ العمل، بإستثناء مقطع مضاف من تاريخ أكثر تأخرا، كتب أثناء الصراع الذي أنهى الخلافة ألاموية، ورغم إعتراضات شتاينشنايدر الذي ما يزال يفضّل الهوية الصليبية، قُبل هذا الرأي عموما أي إلى الخلافة الراشدية وخلافة بني أميّة.

 

في المقالة القادمة سنتناول بقية أجزاء البحث.

 

ألمصادر:

– ألإسلام المبكر- دار نشر شيلر- برلين عام 2007 – مقالة بقلم دانيل بيرنشتيل – ترجمة علي مصباح.

– نصان يهوديان حول بدايات ألإسلام – إعداد نبيل فياض.

– رؤيا أبوكاليبتية للتاريخ ألإسلامي – بقلم برنارد لويس.

أحدث المقالات