23 ديسمبر، 2024 4:11 م

بداويتنا تسترد مفاتنها على يد داعش

بداويتنا تسترد مفاتنها على يد داعش

قراءة في الانساق الثقافية المضمرة .
لقد اصطنع العرب ممثلا بالإسلام السياسي  حتى الوقت الحاضر ، معاني وأفكار خاطئة عن أنفسهم وعن وجودهم وعما يجب ان يكونوه ، فقد نظمو علاقاتهم الدينية والسياسية والاجتماعية وفق تصوراتهم عن المطلق المقدس والمحدود المدنس٠٠تضخمت منتجات عقولهم حتى طغت ودمرت واقعهم وهيمنت علية فإذا هم يركعون امام مخلوقاتهم ٠

ان فاجعة ظهور التيارات الدينية والسياسية المتطرفة والمتمثلة بدواعش العصر في العراق والشام وقبلها القاعدة ،أحدثة صدمة ورجة في عمق الوعي العربي والإسلامي المتفائل نسبيا ،بإمكان تحقيق خلاص الأمة من هيمنة الخارج والتسلط السياسي في الداخل ٠لقد كشف حدث اعلان دولة الخلافة ،من قبل أمير داعش (ابو بكر البغدادي) حجم خواء وغباء المشاريع العربية والإسلامية من حيث هي مشاريع وتصورات فاقدة لكل مقومات العصر وغير قادرة على احداث التقدم والتحرر المعرفي والسياسي ،كاشفا في الوقت نفسة مدى هشاشة هذا العقل الذي لم يتخلص بعد من انماطة التاريخية والفكرية الكسيحة في بعديها البداءي/البدوي والتي استطاع هذا العقل عبر تحولاته التاريخية والسياسية من دمج هذه الأنماط في نمط فكري قادر على استيعاب النمطين السابقين في بنية فكريه واحدة  أسميتها الفكر (البداوي) ، والبداوية وفق هذا التصور هي اتحاد البداءي الديني والبدوي السياسي ،مع فكر يقف بالضد من التجديد والتحديث والاختلاف المعرفي والإنساني ولا يمكن معه انبثاق الفرد بوصفه ذاتا حره مبدعة تستطيع تقرير مصيرها وتعيد بناء عالمها الجديد على أنقاض الماضي المتجاوز .

ان مدلول ظهور داعش من رحم القاعدة ومثيلاتها اليوم يدفعنا بنوع من المرارة والبصيرة للبحث عن سبب الموت والدمار العربي والإسلامي بما يحملة هذا الموت من بشاعة قل نظيرها في العالم شملت كل مظاهر الحياة 

الانسانية مما يتطلب منا اخضاع هذا الفكر وهذه الثقافة بكل أشكالها وأنماطها السلوكية لا محاكمة كبيرة أذنت وحلت ساعتها للذات العربية والإسلامية التقليدية السائدة والتي لم تستطع العيش مع كل التحولات المعرفية والفكرية الاعلى هامش هذه التحولات او قشورها دون استلهام او مشاركة فاعلة ، وما الأحداث اليوم الا مؤشر خطير ومرعب على غياب الفهم والوعي الإنساني  العربي والسلامي ٠من هنا توجب علينا سؤال الحاضر ٠ هل نحن امام خواء حضاري وإنساني عربي إسلامي ام العكس ؟؟. وللإجابة علينا اتخاذ الحاضر معيار مادي وموضوعي للكشف عن مدى نجاعة منتوجات عقولنا او خواءها . ان ما نشهد اليوم من هدم للآثار التاريخية والدينية والقتل على الهوية العرقية والمذهبية واغتصاب النساء وحرق الأطفال وذبح الرجال وتهجير للأقليّات المسيحية والشيعية وعودة لا أسليب الجلد وقطع اليد وختن النساء له اكبر دليل على هذا الخواء الفكري و استدعاء لنمط تاريخي ديني سياسي عنيف  لكن بأسماء جديدة وزمن جديد نمط  (بداوي ) قادر على استدعاء  الماضي والموروث القمعي الفقهي العصبي وإخضاعنا لمسبقات الوعي التقليدي لكن بأساليب وطرق اكثر عنف ووحشية ٠ فالبداوية هي بنية ثقافية واجتماعية قيمية تدميرية للأشياء والعالم تقف بالضد من الشأن المعرفي والحضاري الحديث ، تستدعي الموروث القمعي والاقصاءي على انه أنموذج فكري قادر على إيجاد الحل والإنجاز الحضاري ٠

نحن اذا  امام وعي وتاريخ لم يعد لدية مايقولة او يقدمة للحاضر بل اننا نعيش هزيمة حضارة وهزيمة عقل  اما عصبية بداوية ترفض كل ممانعة واختلاف وتجديد ،عصبية تكرس ثقافة التسلط والعنف والإقصاء للآخر ،نحن امام بداويتنا التي رسخناها عبر عاداتنا وقيمنا وتصوراتنا وموسساتنا التربوية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية لا يمكن الخلاص منها الا في احداث قطيعة معرفية وأخلاقية تشمل كل مفاصل حياتنا تبداء من الأسرة الى المدرسة والجامع والشارع والمؤسسة  ، واعتماد الفكر العلمي والمعرفي الحديث  كبديل ابستمولوجي معرفي قادر على تجاوز اخفاق العقل التراثي بشقية الفقهي والسياسي السائد اليوم٠ إذن نحن امام تحدي كبير وخطير اما بداويتنا وضمحلالنا، أو النقد والتجديد والتطور المعرفي الحقيقي ومن يظن ان داعش ستنتهي بمجرد التصدي العسكري لها هو واهم لان داعش هي نحن انها نتاج عقولنا وثقافتنا ، لكن بشكل اكثر تطرف ووضوح انها جزء مما يخفيه اللاوعي الجمعي للشعوب العربية والإسلامية ينتفض بين فترة وأخرى كلما سنحت له فرصة  العودة مثل خلية ناءمه٠