18 ديسمبر، 2024 7:53 م

بحكم الجغرافيا والتاريخ العراق وطنا غير قابل للتجزئة والتغييب

بحكم الجغرافيا والتاريخ العراق وطنا غير قابل للتجزئة والتغييب

قبل ما يقارب الثلاثة سنوات ونصف السنة كتبنا في نفس الموقع مقالة بعنوان ,,صفا واحدا أمام دعوات الفدرلة والتقسيم ,, ننبه فيها للأخطار والأضرار الفادحة الذي سيلحقه التهاون في التعامل مع تلك الدعوات ,ونعتقد أنه من المفيد أعادة نشر المقالة كما هي لأستخلاص الدروس وأنقاذ مايمكن أنقاذه …( اليوم وكما بالأمس القريب تتصاعد هنا وهناك دعوات إنفصالية مبيتة وبمسوغات وطروحات تبريرية متلونة ومتعددة وحسب الظروف والأزمات وتتجلى خاصة بالأقتراب من أي استحقاق مهم أو منعطف سياسي وتاريخي يمر به وطننا الجريح فبالأمس اشتد خوف وذعر أدوات الأحتلال وركائزه باقتراب موعد جلاء جيوش الأحتلال المدحور وهددوا بالفدرلة واليوم يعيدون الكرة باقتراب موعد الأنتخابات وتدهور الأوضاع الأمنية . القاسم المشترك لكل هذه الأصوات هو مواقفها البعيدة كل البعد عن الوطن والوطنية بأبسط تعريفاتها ذلك أن هم أصحابها الرئيسي أولاً وآخراً ينصب على كيفية بقائهم وإستمرارهم بنهب وتدمير البلاد وخدمة الأحتلال أو منظومة الفساد والأجرام التي خلفها بعده تنهش في اللحم الحي وتبتلع خيرات البلد مستغلين ظروف الوطن ومحنة شعبه.ولنا أن نذكر هؤلاء مرة أخرى ببعض اللمحات التاريخية والجغرافية التي يعرفها العراقيون النجباء ويجهلها أو يتجاهلها من ليس له احساس بالوطنية وقيمها أو من لايمثل له العراق سوى مجرد ساحة مفتوحة ومستديمة للفرهود , فلقد شهدت هذه البقعة من الأرض دون غيرها من العالم نشوء أول دولة في التاريخ, وليس كما يردده المغرضون بأنه كان في بداية القرن الماضي ,كحال الدول التي اصطنعها الأستعمار ,وكان ذلك إبّان العهد السومري الأول أي قبل ما يزيد عن خمسة آلاف عام أي قبل نشوء شيئ أسمه مملكة انكلترا وبما لا يقل عن أربعة آلاف سنة والتي تطورت في العهد الأكادي لتصبح أول إمبراطورية تحكم العراق وبعاصمة مركزية إسمها – أكدا – شيدت في نفس موقع بغداد الحالي تقريباً.ولم يكن ظهور الدولة المركزية في العراق من قبيل الصدفة ولكنها الجغرافية هي من أسست وفرضت ذلك فالعراق جغرافياً ماهو إلا حوضاً كبيراً لنهري دجلة والفرات وروافدهما في مجراهما الأسفل والتي تشكل بمجموعها شبكة مائية متكاملة بطبوغرافية مترابطة متحدة كانت الأساس لترابط مصالح السكان فيه.فمنذ فجر التاريخ وشعب العراق سعى للتوحد تحت راية واحدة مهما إختلفت التسميات والعهود ، فأسس لخمس حضارات رائدة هي السومرية والأكادية والآشورية والبابلية والعباسية ، ذلك أنه يدرك وبالتجربة أن العكس يعني الأحتراب والدمار.فلا غالب إذن لحكم الجغرافيا الذي فرض علينا التوحد والبناء . فمهما حصل من خطوب أو أحداث تسببت لإنقطاعات وقتية أو تشويهات لهذه الحقيقة لاتفتأ الأمور إلا أن تعود بعد حين لنصابها والمياه لمجاريها.فالعراق غير قابل للقسمة مهما كان نوعها دينية كانت أم عرقية أو سياسية إيديولوجية ذلك أنه خلق ليكون واحداً موحداً وإن إختلفت أعراق ساكنيه أو دياناتهم أو مذاهبهم السياسية وعكس ذلك يعني الذهاب مباشرة الى منطق الجنون والأنتحار الجماعي.ومن يدرس تاريخ العراق قديمه وحديثه يرى كيف كانت الحروب والمجاعات والأحتلالات تعصف به كلما ضعفت حكوماته المركزية جراء أزمة داخلية أو عدوان خارجي وكيف تحترب الأقاليم فيما بينها وصولا لحد الفناء ثم لايجدون مناصا من توحدهم مرة أخرى براية واحدة تحت خيمة العراق الكبير. فالمبدأ إذن هو أن الوطن أرض وأم حاضنة للجميع بكل تنوعاتهم تفرض جغرافيتها وطبيعتها عليهم ولايفرضون هم عليها أفكارهم ومعتقداتهم وجنسهم .أفكلما اختلفت رؤى وأمزجة ساستهم الفاشلين قسموه وأقتطع أحدهم ناحية فصلها على مقاسه؟ فإذا كان الأنسان العراقي ومنذ أكثر من خمسة آلاف سنة قد أدرك هذه الحقيقة المنطقية فسعى للريادة والحضارة بمركزية الدولة العراقية فكيف يأتي من يجرأ أن يخبر أحفاده بعكس ذلك؟.من ناحية أخرى هل يعي من ينادي بالأنفصال تداعيات ذلك على أمن وسلامة المنطقة وفتح الأبواب أمام التجاذبات والتدخلات الخارجية والأقليمية وتطوراتها الخطيرة مستقبلا؟ ولينظر هؤلاء الى المشكلة الكويتية كمثال وما تمخض عنها من فواجع ومآسي منذ أن انفصلت عن الوطن الأم العراق ولحد الآن وربما غدا, أولأقليم الشمال اذا ما فكر ساسته بالأنفصال عن العراق بحجة الأستفتاء على تقرير المصير تحت الظرف الأستثنائي القائم والذي حتى لو كان فعلا حقيقيا وأمينا فهو يبقى سلاحا ذو حدين اذ يعني أيضا السماح للشعوب التي تعيش ضمن هذا الأقليم الحق في تقرير مصيرها بالأنفصال عن الأقليم وما سيجره ذلك من ويلات على أهله أولا وعلى كل العراقيين فيكفي أن تنطلق الشرارة من كركوك النفطية المتعددة الأثنيات والثقافات أو قيام كيان خارجي باءحتلاله تحججا بالدفاع عن مصالحه الأستراتيجية أو بحجة الدفاع عن أقلية قومية لتشب النار في أرجاء المنطقة التي هي اصلا ملتهبة. فكيف اذن يمكن تبرير وتصديق من يُجمّل ويُطبل للإنفصال والتقسيم والتشضي ؟ ولمصلحة مَن ولماذا يريدوننا أن نخرب بيتنا بأيدينا ؟ في زمن تتنادى فيه الأمم المتباينة التاريخ واللسان والثقافة للتقارب والتكامل والتوحد؟ والولايات المتحدة الأمريكية أوالأتحاد الأوربي أمثلة جلية حتى لطفل في أولى مراحل الدراسة .على كافة الغيورين على وحدة العراق ومستقبله الخروج من حالة القنوط واليأس الى حالة الفعل والتصدي بكل الوسائل الممكنة لدعوات تمزيق وتقطيع أوصال العراق لأنها جريمة لاتغتفر ولايمكن التغاضي عنها أو إهمالها .المسؤولية تقع على كاهل جميع العراقيين شيباً وشباناً رجالاً ونساءً ، إنهم مدعوون اليوم لأخذ زمام المبادرة للدفاع عن وحدة تراب العراق قبل فوات الأوان)