فمزق أحشائي – لا أب لك – وآلمني جداً، لكن ما آلمني أكثر : أنني لدغت من ذات الجحر مرتين. الحقيقه: أنني لست غبيا، لكن الأمر قد إلتبس علىّ، أو فلنقل : أنه قد تم خداعي على نحو مخطط له جيداً. فقد تصورت في المرة الثانية – او لنسمها اللدغة الثانية – أنك مختلف عنهم، وأنك أفضلهم على الإطلاق، وصدقت أنك الحل، وأن إنتخابك يعني نهاية المشكلة لي ، ولعائلتي، ولبلدي، الذي ( تعب ) لفرط ما توالت عليه قيادات ( غشيمة ) لا تعرف كيف تقاد الدول.
قلت لنفسي، ولغيري أنك مختلف، وأنك قوي بما فيه الكفاية، وأن الدستور – الذي كنت ابرز من قاموا بكتابته – هو من يحدد خطواتك، وأنك تقف على مسافة واحدة من كل الورود التي تشكل ( شدة الورد ) المزعومة. وأنك ستمنح، وستمنع، وستكشف، وستحارب، وستوحد، وستوازن، وستفتح، وستبني، وستزيد، وستعتمد، وستشارك… لكنك لحد الآن لم تفعل شيئا سوى خرق الدستور باستمرار، وبإصرار عجيب، ومن دون توقف.
” وعلى الأرض ضاق الفضا “
( فأنت ) لم تعد ترد على إتصالاتي، وبت أسمع صوتا آليا يردد بتكرار مزعج : ” الرقم المطلوب غير داخل في الخدمة the number you have dialed is not on serves ” ، بعد أن كنت أسمع لأشهر عبارة : ” الجهاز مغلق أو خارج نطاق التغطيه ” ! وأخادع نفسي بأنه ربما، بقي هاتفك النقال في استعلامات المنطقة الخضراء، يوم كانت الكلاب الأمريكية لا زالت تبطل وضوئكم.
أما الطرق المؤدية الى منزلك، فقد أغلقت بأطنان من الكونكريت المسلح، واصطفت الكرفانات أمامه، وبجانبه، حتى لكأننا في مركز حدود طريبيل. وأمسى حلم الوصول إليك، من الصعوبة بمكان، بحيث أنه صار مشابها لحلم أي مواطن شريف بالزواج من الأخت المحترمة : أليسا.
فقد ضاقت عليك الأرض شيئا فشيئا، حتى نفيت نفسك اختياريا في ” الكَرين زون “، بعد أن نجحت في سرقة أصواتنا، و رميتنا كالعصف المأكول خلف ظهرك. منذ زمن وأنا ألاحظ أنك أصبحت أكثر ترفا، ويبدو أنك استعضت عن البدلات الصينية الرخيصة بأرقى الخياطين، وأمست بشرتك ( الكريمة) تشبه بشرة الأطفال الرضع، أما لحيتك ( المباركة) فقد أخذت ( تخف) يوما بعد آخر، حتى اختفت تماما، مع أنك كنت شخصيا تملاْ ( الفضا) ضجيجا، بفسق من يحلقها بالموسي.
” اللي حظى بوصلك، حظى “
فأصبح : سفيرا، أو ملحقا، أو مديرا عاما، أو رئيس هيئة، أو بالحماية الخاصة على الأقل. فالوصول لك – سيدي – يعني الوصول الى جنة المال، والسلطة، والنفوذ. ويعني – حسب تعبير ماغي فرح – أن الحظ أصبح في أفضل أحواله. وتعني أيضا أن : البيت، والسيارة، والرصيد، والمشروع، وتأمين المستقبل، أصبحت جميعها في متناول اليد.
” والما حظى .. “
أما من هم مثلي ، ممن لم يحظوا بوصلك الكريم، فأنهم يندبون حظهم صباح مساء، بعبارة لا يملون من تكرارها : ” لا والحظ ” !
في أمان الله.