18 ديسمبر، 2024 7:39 م

بحث ودراسة حقيقة حكومة عبد المهدي والاحزاب الخائبة والمليشيات المتسلطة تجر الواقع الانساني الى الحيونة وعصر الغاب

بحث ودراسة حقيقة حكومة عبد المهدي والاحزاب الخائبة والمليشيات المتسلطة تجر الواقع الانساني الى الحيونة وعصر الغاب

يمر كثيرون مرورا عابرا ولا أقول مرور الكرام على تحذيرات القرآن الكريم لبنى آدم من أن يكونوا أسوأ مرتبة من الحيوانات ( الدواب والأنعام ) ، ولقد تعلمت وهكذا يجب على المؤمنين أن يأخذوا كلام الله مأخذ الجد وأن يدركوا حرفية معانيه وجوهرها اذا كنا نؤمن حقا أنه دستور سماوى من لدن عزيز حكيم . طبعا فى اللغة بما فى ذلك لغة القرآن ذاتها الاستعارات والكنايات والتشبيهات ولكن يجب التفرقة بين ذلك وبين المعانى المقصودة بشكل حرفى لا على سبيل المبالغة البلاغية المعروفة فى اللغة العربية ، فمثلا عندما يقول القرآن الكريم عن اغتياب المؤمن لأخيه المؤمن ( أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ) فنحن أمام تشبيه بلاغى لتوضيح جسامة الاغتياب . أما اشارة القرآن لاحتمال أن يكون الانسان أكثر ضلالا من الحيوان ليس من هذا القبيل ، بل على سبيل تقرير حقيقة علمية لاتحتمل التأويل .
يقول الله جل شأنه فى محكم كتابه :
– ان شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لايعقلون. الأنفال 22
– ان شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لايؤمنون . الأنفال 55
– أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون .الأعراف 179
– ان هم كالأنعام بل هم أضل سبيلا . الفرقان 44
– والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام . محمد 12
والمعانى هنا واضحة قاطعة باترة ، ان أسوأ من يدب على الأرض عند الله هم الكافرون به والغافلون عن ذكره ، والمشغولون بشهواتهم الدنيوية ، عن القيم الروحية التى أمر بها الله ، ان شر الدواب هم الصم الذين لايستمعون الى الحق واذا عرفوه لاينطقون به خوفا من العواقب ( البكم ) .
ويشيع البعض من فقهاء السلطان أن النطق بالشهادتين كافيا لضمان الآخرة ، وهو حض للمؤمنين على التسيب فى الالتزام بكل قيم ومبادىء الدين ، ويقول الشيخ محمد الغزالى ان النطق بالشهادتين أشبه بملأ استمارة دخول الحزب والحصول على بطاقة العضوية،فهل يعقل أن يدخل مواطن حزبا سياسيا ولا يلتزم بمبادئه الا اذا كان شخصا منافقا وكان حزبه فاسدا متسيبا . فكيف نحول دين الله الى مثل هذا الحزب الفاسد المتسيب الذى لاتكون لعضويته أية التزامات حقيقية وفعلية,بل لنلحظ بشكل واضح أن الله سبحانه وتعالى ذكر هذه المعانى أحيانا وهو يخاطب المؤمنين ، مثلا فى صورة الأنفال المختصة بالجهاد ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولاتولوا عنه وأنتم تسمعون ، ولاتكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لايسمعون ، ان شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لايعقلون ) الأنفال 20 – 22
فالحيوان الذى لايدرك ولا يعقل ولايفهم ولايتكلم ولايسمع هو بالتأكيد أقل مرتبة من الانسان ، بل هو بالأساس مسخر لخدمة الانسان وتيسير أمور حياته وهو نوع من الخيرات له ولذلك فان اسمه الأنعام مشتق من النعمة . وبالتالى فان الحيوان غير مكلف من الله سبحانه وتعالى ولا توجد عليه أية مسئولية ، ولا يتعرض لحساب فى الدنيا ولا الآخرة . وهذه هى النقيصة الجوهرية لدى هذه المرتبة من المخلوقات ، ولكن هذا لا ينزع عنها كل ميزة أو فضل او ايجابية أو سلوك حميد ( وان لكم من الأنعام لعبرة ) ، وهذا ماسوف نعود اليه ولكننا نبدأ بالمعنى الجوهرى الذى نريد أن نجليه أن الانسان اذا لم يصدق فى أداء الأمانة يصبح أقل مرتبة من الحيوان ، لأنه كان لديه القدرة على الاختيار بين احتمالين ، بما أنعم عليه الله من نعمة العقل والفؤاد ومايرتبط بهما من السمع والبصر والنطق ( ان السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا )
وقد أوضح القرآن ذلك أكثر بالقول ( انا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقنا منها وحملها الانسان ) وبقوله:( وهديناه النجدين ) أى الاختيار بين الخير والشر . وهذا هو سبب أمر الله للملائكة بالسجود لآدم ، رغم أن الملائكة خير محض ولكنها مبرمجة لتكون كذلك ولاتملك الا ان تكون كذلك وخلاصة الأمر 🙁 ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم فى البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ) الاسراء 70
وهذا التكريم مشروط بأداء الأمانة على النحو الذى أمر به الله والا فان الانسان يتحول الى أحط مخلوقات الأرض . ( لقد خلقنا الانسان فى أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون ) التين . ( والعصر ان الانسان لفى خسر ، الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) والأعمال الصالحة هى التى حددها الله ككل متكامل ، وليس من قبيل أن ينتقى الانسان منها ما يحب ويترك ما قد يراه صعبا ، بل هو فى التزامه الكلى بتعاليم الله يجب أن يلتزم بها وفق الأولويات ، والجهاد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر موضوع على أعلى سلم وهرم التركيب العقائدى الاسلامى ، فمن يتصور أن الصلاة والصوم تكفيه لأداء الأمانة ودخول الجنة ، فليقل لنا ما علاقة هذا التصور بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى قام بحوالى 43 سرية وغزوة بمعدل واحدة كل 3 شهور منذ الهجرة حتى وفاته . وما علاقة ذلك بسيرته فى مكة حين جهر بالدعوة لمدة 10 سنوات متصلة رغم المخاطر الجمة المحيطة بالمؤمنين . وماعلاقة هذا التصور بآيات القرآن الكريم التى وضعت الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر باعتباره أبرز خاصية لخيرية أمة محمد عليه الصلاة والسلام ( كنتم خير أمة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) . وبالتالى ان خضوع الشعب المصرى لحكم فاسد وسفيه لا يرعى لله حكما ولا وقارا ولايخفض جناحه للمؤمنين ، بل يخفض رقبته لكل معتد أثيم على الأمة ويصادقه ويواليه ضد أمته ، ان هذا الخضوع خوفا من عقاب الحاكم هو أبرز مظاهر الشرك المعاصر ، لأنه خوف من الحاكم عوضا عن الخوف من الله ( وتخشون الناس والله أحق أن تخشوه ) . المهم انه لايوجد انسان عاقل يستطيع أن يقول ان لحكم مبارك أية ايجابية ولكنها مسألة خوف من القمع والعقاب . ترى لماذا أرسل الله لنا الرسل ؟ هل حتى نستدير لما أبلغونا به ونتبع الحاكم خوفا من استبداده وبطشه ؟! ان ماتدعون هو عين وبيت القصيد ، فهذا بالفعل هو الاختبار ، وهذه هى الأمانة ، وهذا هو الاختيار بين الحق والباطل ، بين الخير والشر . وهو قانون لا علاقة له بمبارك بالذات ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لايفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) العنكبوت 2 . أى أن ما تحاجونا به أيها الأخوة فى الوطن ليس الا نفس الحوار الأزلى . وهو نفس ماقاله بعض أنصار موسى وعيسى والنبيين جميعا . ان خوفكم من السجون والمعتقلات وقطع الأرزاق والتعذيب ، هو جوهر الموضوع وجوهر الاختبار والاختيار…فاذا أنتم اخترتم خيار الفرج والبطن ، واخترتم حياة بهيمة الأنعام ، أن تأكل وتفرز وتشرب وتتناسل ، فتكون هى أفضل منكم ، لأنها ليست مكلفة وليس بامكانها أن تفعل غير ذلك . بل ستكون أفضل منكم لأنها تسبح الله بطريقتها الخاصة ولكننا لانفقه تسبيحها .
– وما من دابة فى الأرض ولا طائر يطير بجناحيه الا أمم أمثالكم . الأنعام 38- ألم تر أن الله يسجد له من فى السموات ومن فى الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس – الحج 18- تسبح له السموات والأرض ومن فيهن وان من شىء الا يسبح بحمده ولكن لاتفقهون تسبيحهم . الاسراء 44 . أى كما ذكرنا فان كل الكائنات بما فى ذلك الجماد والحيوانات لا تخلو من فضل حتى لا يبالغ الانسان ويصيبه الغرور . ورأينا كيف علم الغراب ابن آدم كيف يوارى سوءة أخيه ونجد الهدهد من أبطال القرآن الكريم المذكورين بالخير ، ونجد حديث النمل مع بعضه البعض ، ومساكن النمل ،ووحى الله للنحل .
وهذا ينقلنا الى نقطة مهمة فى بحثنا وضرورة تواضع الانسان وتعلمه من الحيوان, ن أكثر العبارات الشائعة التى تستفزنى عند مهاجمة المعارضين للحكام المستبدين يقولون : اننا تحكمنا شريعة الغاب . وقد دعوت فى أكثر من ندوة الى اعادة الاعتبار للحيوان ولشرائعه والاعتذار له ، فالطواغيت أكثر وحشية من الحيوان بما لايقاس . أعلم أن المقصود أن الحيوانات الأقوى تتغذى على الحيوانات الأضعف فى الغابة . ولكن ليس فى ذلك أى وحشية لأن الله سخر الكائنات لبعضها ، كما أن الانسان نفسه يصطاد الحيوانات ليأكلها دون أن يرتكب اثم . ولكن وجه المقارنة يكون : هل يبيد نوع من الحيوان نفس النوع . هل تأكل الأسود الأسود وهل تحارب الأفيال بعضها أو الغزلان بعضها البعض وتبيد بعضها البعض . هنا المقارنة تستقيم . وهنا نكتشف أن مايفعله الانسان بأخيه الانسان لا مثيل له فى الطبيعة وندرك عظمة القرآن الكريم وانه كتاب الله ( لأن محمدا ليس من علماء الطبيعة أو الحيوان !). وبالتالى فان الانسان عندما ينحرف يكون أسوأ من الحيوان . والانحراف قد يكون بالطغيان ، وقد يكون بالاستسلام له ( المستكبرون والمستضعفون الذين لم يقاومهم فى النار بنص القرآن لقد دعانا الله الى التفكر فى آياته والتعلم منها ، ومخلوقات الله من هذه الآيات فتعالوا نتواضع ونتعلم من الحيوانات بعض القيم التى أصبحنا نفتقدها فى مصر مبارك والمجتمعات العربية المماثلة لها .
عندما نجد الصراعات المادية على أشدها بين الناس والاقتتال على رغيف الخبز بدلا من توجيه الغضب لمن يستحقه وسبب المشكلة الرئيسى وهو الحاكم ، وعندما نرى الفئة الطاغية تستأثر بالخيرات وتترك الشعب نهبا للجوع والمجاعة يسكن فى عشش مهددة بالدمار كما حدث فى الدويقة مؤخرا تعالوا نرى صورا من التكافل الاجتماعى فى عالم الدواب! للبؤة فى عالم السود عندما يكون لديها شبل واحد تقوم بمنح لبنها الفائض لأشبال آخرين عن طيب خاطر . فهى أكثر رحمة من حكومتنا التى لاتوفر لبن الأطفال الآن أحيانا يمتد التكافل الى نوعين مختلفين من الحشرات ، فقد ثبت أن النمل يشارك حشرة جندب الشجر فى الأمومة فيتغذى صغار النمل من أنثى حشرة جندب الشجر فى المرحلة الأولى من العمر. وفى المقابل يقوم النمل بالدفاع عن بعض النباتات.
كذلك نجد علاقات صداقة خاصة وتعاون بين النمل والخنافس الى حد السكن المشترك . وأيضا هناك تعاون بين النمل وحشرة المن التى تتغذى النمل من عسلها وفى المقابل تبسط النمل عليها حمايتها من أى معتدى من الشائع بين نمل الخشب أن النملة الشبعانة تعطى من داخل بطنها بعض الغذاء للنملة الجائعة وكذلك بين النمل الأبيض نجد ظاهرة عجيبة فالغذاء يتم تبادله وهضمه بشكل جماعى أى أن نفس الغذاء يتم تداوله بين أمعاء الجميع فى الجماعة الواحدة وعلى غرار النحل يتم تقسيم عمل دقيق فى مجتمع النمل فبينما يتخصص البعض فى بناء العش تقوم مجموعات أخرى بجمع الغذاء وتخزينه .
وعند النمل كيس يسمى المعدة الاشتراكية لأنه كثيرا مايشاركه غيره من النمل فى محتويات هذا الكيس من الغذاء بل تصل الحساسية الى حد أن النملة الجائعة لاتطلب ولكن النملة الممتلئة تتحسس الأخرى فتكتشف احتياجها للغذاء فتعطيها دون أن تطلب ( على طريقة لايسألون الناس الحافا !!) وأثبتت التجارب العلمية أن النملة المعطاءة تكون فى أفضل حالاتها من السعادة وهى تعطى الغذاء للآخرين!. وهذه الظاهرة أوضح عند النحل فبعض الشغالات تتحول الى براميل حية لخزن الرحيق وعصارة بعض الأشجار والنباتات ، وهى تمتلىء بهذا السائل الحلو حتى تنتفخ معدتها وتصبح كالبالون الصغير ، وتتعلق فى سقف العش عاما بعد عام وتملؤها الشغالة الأخرى بالرحيق الذى يعودون لتذوقه بعد حين ، وربما لانجد مثل هذه التضحية بالنفس فى أى مجتمع آخر.
وعلى خلاف الشائع عن قوة الأسد فان أفراد الجماعة مع بعضها البعض تتعاون فى اصطياد الفرائس لكن الذكر يأكل أولا وتليه الأنثى ثم الأشبال فى النهاية
وفى حين أن الشائع بيننا الآن أن كل انسان ينجو بنفسه عند الخطر ، ويحل مشكلاته لوحده ، أو اذا تعرض جزء من الشعب لمشكلة لايتداعى الجميع لنصرته ، أو اذا تعرض أهل غزة للحصار نفكر فى أنفسنا ومشكلاتنا أولا . الا أن ذلك ليس حال الحيوان أبدا حتى الثيران الهمجية فى المجال الجنسى فهى تكون دائرة دفاعية عندما تتعرض لهجوم قطيع من الذئاب حتى تصبح أقل عرضة للأذى . وكذلك تفعل كلاب البرارى
أما العصافير فعندما تضع صغيرا غريبا مع أم وأب تجدهما يطعمانه كما يطعمان صغارهما وكأنه فرد منهم ذلك فان العصافير من أكثر الكائنات تضامنا فاذا تعرضت عصفورة صغيرة لهجوم من حية فان الأم تصيح وترفرف جناحيها فتتجمع كل العصافير فى المحيط ويشترك الجميع فى الصراخ ، ربما لارباك الحية . واذا أفلت الفرخ الصغير بصورة أو أخرى من الحية تتجمع العصافير حوله لتشد من أزره وترفع من معنوياته .
ولايعلم البعض لماذا تطير الطيور كالبط على شكل رقم 8 ؟ هذا الوضع يساعد كل فرد منها على رؤية القائد وتجنب تيار الهواء الذى يحدثه الطائر الذى أمامه ، وحتى لايتوهوا من بعضهم البعض ، كما يتم وضع الضعفاء فى المنتصف حتى لا يضيعوا أو يتخلفوا .
وهناك طائر اسمه ناقر الثيران وهو يعيش فوق ظهر الخرتيت يلتقط منه القراد وعندما يرى خطرا على الخرتيت يصفر له ليحذره.
والطائر الكشاف للعسل يتعاون مع الحيوانات الأرضية للحصول على الطعام ، وحينما يعثر على خلية نحل فى الغابة ، فانه يشق الفضاء مرسلا صوتا مميزا خشنا يردد مقاطع ( نييته .. نييته ) وبعد هذا الاعلان يقود الحيوانات المتيقظة الى خلية النحل حيث تأكل العسل ويكتفى هو بطعامه المفضل : الشمع .
وقطيع الغزلان تتقدمه غزال للتأكد من أمان الطريق وكلما تأكدت الغزال الطليعية أن الطريق آمنا رفعت ذيلها وطوله 30 سنتيمترا كراية بيضاء وكعلامة على التقدم بلا خوف فيتبعها القطيع ( نعنى الغزال الفرجينى الملقب بذى الذيل الأبيض ).
وثبت أن الأفيال لاتنام كلها فى وقت واحد داخل المجموعة الواحدة فيبقى قسم متيقظا لحماية النائمين من أى خطر ، ويتم تبادل نوبات الحراسة بنفس طريقة الجيش ( برنجى – كنجى – شينجى
تقوم أمهات البق الشبكى ( نوع من البق ) بحماية صغارها وتقف فى مواجهة أعدائها ولو كلفها ذلك حياتها . يعنى هذا النوع من البق أفضل من حكم مبارك الذى يضحى بابنائه من رجال الشرطة الذين تقتلهم اسرائيل على الحدود بالعشرات رغم اتفاقية السلام ! وهذا البق أفضل من حكم مبارك ومحافظ القاهرة الذين تركوا أهل الدويقة يموتون مع سبق الاصرار والترصد لاهتمامهم بمنتجعات السادة الكبار وملاعب الجولف !
لابد للذكر أن يحمى الصغار-وهناك نوع من البق ترفض فيه الأنثى التزاوج مع الذكور التى لاتضطلع بمهمة حراسة البيض . بينما تقبل الاناث أحيانا فى عالم البشر التزاوج مع رجال لا يهتمون بحماية أبنائهم من الاعتداءات الخارجية !
كثيرا ما نشكو من نقص الانتماء ونقص الوطنية ولكن عالم الطير والحيوانات والحشرات لايعانى من هذه المشكلة فالوطنية متأصلة فيه ، ولم تعرف بينها ظاهرة الخيانة والعمل والتجسس لحساب أعداء الوطن ! بل على العكس الحنين والارتباط بموطنه الأصلى شديد.
والنمل يدافع عن أرض موطنه ، ويندفع بعض النمل ليصد العدو والبعض الآخر ينقل البيض الى موقع أكثر أمنا وآخرون يصلحون التلف الذى أحدثه العدو وكل خلية من خلايا النحل تعيش مستقلة بنفسها، يعرف كل فرد فيها بقية الأفراد ، ومهما سرحت النحلة فى الخارج ( بحد أقصى 11 كيلومترا) فانها تعود الى خليتها.
وعندما يتراوح عمر سمك السلمون ما بين 4 و 7 سنوات يتجه نحو منطقة شمال المحيط الاطلنطى وتتجه كل جماعة الى النهر الذى سبق وولدت فيه لتضع بيضها فى نفس مكان مولدها . وهى تفعل ذلك بالسباحة عكس التيار دون توقف ودون غذاء وثعبان السمك الذى يتكاثر بشدة فى النيل والبحيرات المصرية عندما يبلغ من العمر 7 الى 10 سنوات يتجه عبر البحار فى رحلة طويلة حتى الولايات المتحدة ( قبل كولومبس بكثير ) وتتزاوج فى الأنهار الأمريكية ثم يعود الأبناء الى موطنهم الأصلى فى النيل فى رحلة تستغرق 3 سنوات !!
بلدة كراكاتوا وهى تقع جنوب المحيط الهادى تعرضت لبركان فهاجرت منها كل الكائنات ولكن بعد 45 سنة وبعد هدوء البركان عادت اليها أعداد ضخمة من الحيوانات التى كانت قد هجرتها مثل القواقع البحرية والطيور والخنافس والفئران والزواحف والثعابين والتماسيح والحشرات المختلفة ، جاءت اليها من كل حدب وصوب ، اما طائرة فى الهواء أو سابحة فى الماء أو متعلقة بالأجسام الطافية على سطح الماء .
ويصف الجاحظ الحمام بأنه يتسم بالالف والأنس والنزاع والشوق الى الموطن ، فهو يعود اليه حتى وان كان الموضع الثانى أنفع له وأنعم لباله . وربما باعه صاحبه فاذا وجد مهربا عاد اليه .
اكرام الميت دفنه -ذه القاعدة الاسلامية كما ذكرنا علمها الغراب لابن آدم ، ولكن الغراب لا يحتكرها ، فالنمل يقوم باعداد الموتى منه للدفن ، ويقوم بأعمال أشبه بالغسل ، ويتم تنظيم جنازة من عدد من النمل ، ويتم نقل الجثمان للمدافن خلال يوم أو يومين على الأكثر ! بل وتم رصد بعض النمل الذى يعمل كحانوتية متخصصين فى دفن الموتى أما الخنافس فهى تتولى دفن جثث الموتى حتى من غيرها من الحشرات والحيوانات !
ولدى الأفيال تقاليد غريبة فى التعامل مع الموت ، فاذا أحس الفيل الهرم بدنو أجله يودع رفاق صباه . ويتجه الى مقبرة الأفيال فى طرف من أطراف الغابة ، ويظل الفيل المريض أو المصاب أو الهرم ينتظر الموت وحده عدة أيام حتى لحظة الموت فينام مستقرا فى مرقده الأخير دون أن يحمل رفاقه مشقة حمله ودفنه
الاعتداء على الشرف مسألة من المفترض أن تؤرق الانسان بحكم الفطرة ، ولكننا تعودنا أن نسمع ببلادة عن اغتصاب النساء فى أقسام الشرطة باعتبارها أمور عادية أو اغتصاب النساء فى الشارع على أيدى الأمن وعملائه ، أو باعتبارها أمور سيئة ولكن عادية ، وأذكر أن شابا متدينا ينتمى لاحدى التيارات الاسلامية أبدى استغرابه من اهتمامى بهذه الظاهرة وقال لى : ياأخى هذه تحدث من أيام الفراعنة ! وقلت له : هب أن ما تقوله صحيح فهل معنى ذلك أن نقبل بهذه الظاهرة ؟! وهل اذا اعتدى أحد على زوجتك سترد بهذا القول : انها تحدث من عهد الفراعنة !!
أنظروا مثلا ماذا تفعل أنثى الفئران اذا وضعت فى قفص بعد التلقيح مع ذكر غريب آخر ؟ تقوم بأمر غير مصدق ، توقف الحمل وتبتلع الأجنة فهذا أهون عليها من من قبول الأب الغريب !
بل الموضوع أكثر خطورة وأعم من ذلك فكقاعدة عامة فان عالم الحشرات والطيور والحيوانات لايعرف فى قاموسه التحرش الجنسى أو الاغتصاب ، باستثاء الحمار والثور والانسان !! فالتزاوج بين الطيور والحيوانات يتم باختيار ورغبة الطرفين . والذكر لايقترب من الانثى حتى تعطيه اشارة معينة بالقبول . بل هناك كائنات تعتمد فترة للخطوبة كالأفيال والبطريق ! وذكور الحيوانات جاهزة كذكور الانسان ومستعدة وقادرة على التلقيح طوال العام ، الا أن الذى يحدد وقت الجماع من عدمه ، هى الأنثى عدا الحمار والثور فلا يهمهما رغبة الأنثى ! ( القرآن الكريم ذم الحمار فى موضعين على الأقل وتختلف اشارة الأنثى بالموافقة من جنس لآخر ومن نوع لآخر ففى كائن البطريق يعطى الذكر الأنثى حصاة بدلا من الدبلة فاذا ألتقتطتها فهذه علامة القبول وعموما يسبق التزاوج منبهات مناسبة فى تتابع منظم ويجب أن تتلقى ردا مناسبا قبل أن يقع التزاوج ، ويصل الأمر الى رقصات غزل معقدة لبعض الحيوانات الرخوة وأبى دقيق أو ايقاع نوعى لذبذبة الجناح . وفى كائنات أخرى عن طريق افراز رائحة معينة . وأنثى الفيل تحفر حفرة تتسع لها وللذكر وتفرش أرضها بالأغصان ، عندئذ يتجرأ الذكر فيقترب منها !!
أين رجال شرطة وجيش الحكومة العراقية من هذه الممارسات الراقية ؟
يتباهى النظام العراقي بأنه مضى كل وقته فى بناء البنية التحتية مما أدى الى اهمال الأنشطة الانتاجية ، والواجب أن يخجلوا من هذا الكلام الفارغ بعد أن رأينا الانهيارات حتى فى البنية التحتية بعد17عاما : انقطاع الكهرباء ونقص المياه وحوادث الطرق والسكك الحديدية ، والواجب أن يخجلوا حين يعلموا أن النمل جمع بين البنية التحتية والتنمية ! النمل يبنى المدن ويشق الطرق ويحفر الأنفاق ويخزن الطعام فى شون خاصة به ، وبعض أنواعه تزرع الحدائق والنباتات أيضا ، ومن النمل نوع يحتفظ بمواشى خاصة به ويرعاها ! فالنمل يحتفظ بحشرات صغيرة كثيرة استأنسها ، ولقد وجد نحو ألفى نوع من هذه الحشرات المختلفة داخل مساكن النمل الذى نجح فى استئناس العدد الكبير من الحيوانات المختلفة أكثر مما استأنسه الانسان لعنكبوت هى أول من صنع النسيج وقامت بعملية نسج ومنها اقتبس الانسان هذه الصناعة ، ولكننا فى هذا العهد المبارك لم ندمر شيئا كصناعة النسيج التى برعنا فيها كعراقين فى مجتمع النحل لايعرفون مشكلة البطالة ولكل نحلة دورها المحدد وعملها وفق تقسيم عمل مذهل ، فاذا تكاسل أحد الأفراد وصار عبئا على بقية أفراد الخلية كان مصيره الطرد والتشريد . مجتمع النحل من أنشط المجتمعات ان لم يكن أنشطها على الاطلاق . يعمل أفراده فى هدوء واخلاص ، كل فرد فيه يعلم واجبه تماما ، فهذا للحراسة وهذا للنظافة وهذا للاستطلاع وهذا لجمع الرحيق واللقاح وهذا لافراز الشمع وهذا لتخزينه ، وهذا لتربية الصغار ورعايتهم وتغذيتهم ، ويتم تبادل الأدوار بين النحل فى كل هذه المهمات مع تقدم العمر دون أى طبقية !! وكل يؤدى دوره خير أداء بلا خوف من الملكة فليس فى مجتمع النحل جهاز للتنظيم والرقابة ، ولاجدال ولا مشاحنات ولا صراعات ، كل يعمل لمصلحة الجماعة ولذلك ظهرت خلية النحل وكأنها جسد واحد فى تماسكه وترابطه . وكل فرد فى الخلية يعمل ما يشبه المستحيل لانقاذ الخلية مما قد يقضى على حياتها أو يهدد أمنها كذلك أثبتت التجارب العلمية أن الصغار عند الحاجة يمكن أن يتطور أداؤهم سريعا فى حالة غياب أو تقصير الكبار لضمان عدم حدوث أى قصور فى عمل الجماعة .( تجديد الأجيال فى القيادة).
ونحن من دون العالمين نفتخر بأننا بناة الحضارة ، ولكن أحد العلماء اكتشف مدينة هائلة للنمل فى بنسلفانيا بالولايات المتحدة ، وبمقارنة حجمها بمقاييس النمل اتضح أن حجم هذه المدينة يبلغ ضعف حجم اثار بابل76 مرة تقريبا .
والبناء العمرانى للنمل لايقل عن ناطحات السحاب ، فبعض الأعشاش تكون من 40 طابقا ، ويخصص كل طابق لوظيفة محددة بناء على درجات الحرارة بين طابق لتربية الأطفال وطابق للتخزين وطابق لصالات الاجتماعات العامة ! أما النمل السويسرى والأفريقى فهو يجهز الجيوش ويتحاور ويتجادل الى حد قريب جدا من التصويت فى الانتخابات ! أين نحن فى العراق من النمل الافريقى والسويسرى ؟!
وعندما ترى افتقاد الرشد فى عالم التخطيط والاقتصاد المصرى تعجب من دقة النمل فى تخزين الحبوب ( لدينا فى العراق فاقد كبير من الحبوب بسبب سوء التخزين ) والنمل كالنحل يدخر الغذاء لفصل الشتاء وهو يرعى الحبوب المخزنة ويحسن نظام التهوية بما فى ذلك اخراج الحبوب لتعريضها للهواء والشمس لفترات واعادتها للمخازن حتى لاتتعفن أو تسوس . وحتى فى زمن الجاحظ فقد كان معروفا أن النمل تقسم الحبة الى قسمين حتى لاتنبت وأنها تقسم حب الكزبرة الى 4 أقسام لأن حب الكزبرة يمكن لنصفها أن ينبت !
والنحل يعرف الشورى والحوار والنقاش فمثلا عند عملية الانتقال لتأسيس خلية جديدة وهى تسمى عملية الطرد ، فتقوم طلائع باكتشاف المكان الملائم ثم تعود لتقنع عددا آخر وخلال عمليات الذهاب والاياب يتوصل المجموع الى اقتناع بملائمة هذا المكان ، وعندئذ يحزمون أمرهم جميعا ويتوجهون لبناء الخلية الجديدة والشورى تكون واضحة لدى الحيوانات والطيور فى لحظات الهجرة ، حيث يحدث نوع من التحاور والتناغم والاستعداد الجماعى ، وسرعان ما تنتظم الحيوانات فى قطعان أو أسراب بعد اعداد كل شىء للرحلة الطويلة ، وفى وقت محدد ومتفق عليه يشرع كل القطيع معا فى الهجرة والرحيل وفى عالم النمل لايمكن أن تحدث مشكلة كمشكلة توشكى ، أى اهدار المال العام والمجهود فى مشروع فاشل أو غير مربح لأن الحاكم يريد أن يتفاخر بمشروع وهمى لاجدوى اقتصادية منه ، ففى تجربة علمية تم وضع فنجانين على مسافتين متساويتين من عش النمل ، وضعت فى الفنجان الأول 50 يرقة وفى الثانى 3 يرقات . وبعد قليل من التشاور الذى أعقب زيارة من قوة استطلاعية للفنجانين ، اتجه معظم النمل الى الفنجان الممتلىء ، واتجه عديد ضئيل الى الفنجان الثانى الذى يوجد به عدد ضئيل من اليرقات للقيام بعملية النقل الى العش . ولكننا فى عالم الانسان المصرى اتجهنا للفنجان شبه الفارغ وأنفقنا 1000 مليار دولار ولم ندرك ضرورة التحول للفنجان الأفضل : الأراضى الصالحة للزراعة القريبة من النهر !! !
فى العراق يعجز النظام عن توفير غذاء متوازن لأغلب الجماهير ، التوازن بين البروتين والسكريات ( النشويات ) ، ولكن لو كان المواطن العراقي الفقير نحلة فى أى خلية من الخلايا لما تعرض قط لهذه المشكلة ، لأن نظام التغذية يقوم على التوازن بين المواد السكرية : الرحيق والمواد البروتينية : حبوب اللقاح وكلاهما يوجد فى الزهور . وتحرص الشغالات على جمع كميات زائدة من الصنفين للتخزين لفصل الشتاء . وما يفيض عن حاجة الخلية هو العسل الذى يأكله الانسان ( العسل هو نتاج تصنيع النحل من خلط وطبخ العنصرين معا : الرحيق + حبوب اللقاح ) ، بعد توفير احتياجات الخلية وتحقيق الاكتفاء الذاتى طوال العام ، والفائض يصدر للانسان بدون مقابل !!
وعندما نعيش فى مجتمع تتدهور فيه القطاعات الانتاجية فاننا نخجل حين نعلم أن النحل لكى ينتج ملء كستبان من العسل يحتاج الى زيارة من 500 الى ألف زهرة !!
كذلك فان النحل يقوم بدور جوهرى فى تخصيب الزهور والنباتات بنقل حبوب اللقاح من نبات الى آخر ، ذلك أن الزهرة لاتستطيع أن تلقح نفسها بنفسها ، وكذلك تقوم حشرات أخرى بدور مكمل لدور النحل فى عملية التخصيب هذه . قارن ذلك بممارستنا كبشرالآن فى تدمير الزراعة المصرية بوسائل عديدة شرحناها خلال حملتنا على وزارة الزراعة . بل ان وزارة الزراعة لعبت دورا خطيرا من خلال التطبيع فى تدمير قطاع النحل من خلال نقل مرض وبائى من اسرائيل أدى الى خفض خطير فى انتاجية النحل العراقي .
وفى مجال البناء يعيش أكثر من 5,2 مليون عراقي فى العشوائيات حيث تكون المساكن غير صحية من حيث نظم التهوية والتعرض للشمس والرطوبة ، ولكن هذا لايمكن أن يحدث فى عالم النمل ، فالنمل يبنى عشه بشكل مقبب حتى يمكنه أن يحصل على أشعة الشمس ويستفيد منها !
وبينما تعيش كثير من أحيائنا البشرية بين قاذورات القمامة ، فان مستعمرة واحدة للنمل تنظف البيئة من بضع آلاف من الفراشات والخنافس الميتة وتدفنها فى مساكنها فى اليوم الواحد ! أى أنها تقوم بما لاتقوم به الادارات المحلية فى أحياء الفقراء المهملة بالعراق .
والحيوانات والطيور تعرف التخطيط والتدبير فعند استعدادها للسفر أو الهجرة تقبل على الغذاء بشهية قوية فيكتنز لحمها وشحمها ويتجمع فى أنسجتها الداخلية الكثير من المواد الكربوئدراتية والدهنية اللازمة لامدادها بقدر كبير من الطاقة يساعدها على تدفئة جسمها أو على حركة طيرانها وانتقالها من مكان الى آخر وتبنى كلاب البحر سدودا وتشيد فيها بيوتها كتحفة من روائع الهندسة المعمارية ، ولقد تبين للمهندسين الذين يقومون بمسح المناطق الجبلية لاختيار أحسن المواقع الملائمة لاقامة السدود ، بعد دراسة الخرائط الطبوغرافية وكل البيانات اللازمة ، تبين لهم أن أفضل المواقع هى تلك التى تكون كلاب البحر قد أقامت فيها سدا لها وتقوم الذئاب بالصيد الجماعى المنظم للايقاع بالفريسة .
معارك الحيوانات مع بعضها أقل دموية بكثير من حرب الانسان لأخيه الانسان
السلوك العدوانى للانسان يهدف الى الهدم والتحطيم ، القضاء التام على الآخر ، حتى الى مستوى التطهير العرقى وافناء شعب لشعب آخر . أما الحروب والعدوان بين الحيوانات فلا تستخدم فيها عادة ما تمتلكه من أسلحة قاتلة كالأنياب أو المخالب أو القرون أو السموم أو الهرمونات ، ونادرا ما تؤدى العدوانية فى نطاق النوع الواحد من الحيوانات الى الحاق الضرر أو الموت بأفراد هذا النوع ، لأن الحيوانات تقوم باستعراضات عدوانية رمزية تحمل معانى مفهومة فيما بينها ، فالصراع على رفقاء الجنس وعلى الطعام وعلى الموطن انما هو بالأحرى نزالا شكليا وليس معارك دموية حامية الوطيس فمثلا الثعابين ، فالذكور المتنافسة منها تنهمك فى مباريات حادة ولكنها رمزية ، ويطول التنافس بالتفاف بعضها على البعض الآخر ولكن لايعض أحدها الآخر أثناء هذه المنافسة ، ولكن يجب أن يشعر أحدهما بالهزيمة حتى ينسحب وينهى النزاع . كما يكون النزاع بين الديوك دون خسائر أو اصابات ..
لكل الكائنات لغاتها الخاصة والتى لانفهمها الا لماما ، ولكن هناك كائن وهو الببغاء الأفريقى الرمادى يحفظ 1000 كلمة وينطقها ببراعة ، وأنا أعرف حاكما لن أذكر اسمه حصيلته اللغوية أقل من ذلك ، حتى ان كل أحاديثه وتصريحاته على مدار 27 عاما لاتصل حصيلتها اللغوية الى هذا الكم ، فهى عبارة عن جمل قصيرة ومكررة وقليلة للغاية وهو ليس فريدا بين الحكام العرب !
فى عالم الغربان قصة عجيبة للغاية وكأننا أمام مدينة فاضلة محكومة بالشريعة الاسلامية ، بالعدالة التى لاتناهزها عدالة البشر خاصة فى مصر ، ونجد قضاءا مستقلا لم يتمكن قضاتنا الأماجد فى نادى القضاة من فرضه على وزير العدل والحاكم الذى عينه .
فى عالم الغربان المحاكمات عادلة والعقوبة مكافئة للجريمة ، ففى حالة اغتصاب غراب لعش غراب آخر تكتفى المحكمة بهدم العش المغتصب وتصرخ مؤنبة السارق وتلزمه ببناء عش جديد للضحية ! أما فى حالة اغتصاب أنثى غراب آخر فان العقوبة هى الاعدام ( حد الحرابة !) وهذا يدخل فى باب الحفاظ على الشرف الذى أشرنا اليه من قبل . أما فى حالة اغتصاب طعام الصغار ، تقوم الجماعة بنتف ريش المعتدى حتى يصبح مثل الصغار بغير ريش . ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب لا نحتاج لكثير برهنة على ذلك فأى حيوان أو طائر اذا فتحت له القفص لن يتردد فى الهروب منه حتى وان كان يأكل فيه أحسن الأكل ويتزاوج فيه ، ولكن الأبحاث العلمية أثبتت ما هو أخطر من ذلك ، فبعض أنواع البعوض ترفض التزاوج فى الأسر ! ( ان الله لايستحى أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها ) كذلك فان بعض أنواع الطيور ترفض التزاوج رفضا باتا فى الأسر.
قصص وفاء الكلاب مشتهرة ولا داعى للافاضة فيها ويعلق الجاحظ على احدى قصص فداء الكلب لانقاذ صاحبه من الموت قائلا : ( وهذا العمل يدل على وفاء طبيعى والف غريزى ، ومحاماة شديدة ، وعلى معرفة وصبر ، وعلى كرم وشكر ، وعلى غناء عجيب ( بفتح الغاء ) ، ومنفعة تفوق المنافع ، لأن ذلك كله من غير تكلف ولا تصنع ).
ومن أعجب الظواهر البشرية خيانة الانسان لأسرته وأصدقائه ناهيك عن وطنه وشعبه ، وفى عالم السياسة ، تعجب من خيانة الفرد لجماعته وحزبه وتقلبه بين الأحزاب ليس لخلافات مبدئية ولكن طمعا فى مكسب دنيوى رخيص ، وتتعجب كيف يمكن لهؤلاء الأشخاص أن يحترموا أنفسهم ، وتتساءل ماهو رأيهم الحقيقى فى أنفسهم ؟! بينما اشتهر الكلب بالارتباط بصاحبه كما يقول الجاحظ وكما نرى بأنفسنا ( يعرف الكلب وجه صاحبه وأمته – جاريته – ووجه الزائر . .
وحب الحيوان فى تحقيق الانجاز وكراهيته للفشل قيمة أثبتتها التجارب العلمية ، فبعض القردة الشمبانزى تعمد الى حك جميع أجزاء جسمها اذا ما غلبت على أمرها فى أى اختبار ، بل تتلوى وتكتئب وتنشج بالبكاء ، بل ان بعض القردة التى يصيبها الفشل فى اختبارات الذكاء فى المعمل تغضب الى حد تدمير أجهزة الاختبار . بل حتى الفئران ، فعندما ضل أحد الفئران طريقه فى تجربة المتاهة ، جلس فى احد الممرات وأخذ يقرض أظافره فى يأس وقنوط . وفى المقابل لوحظ أن الشمبانزى حينما يرى قردا آخر على وشك الحصول على جائزة فانه يضاعف جهوده ويبدى مزيدا من الجلبة والنشاط
قارن ذلك بمن يحكموا الان العراق الآن انهم لايرتقون الى المستوى الأخلاقى لهذا الفأر أو تلك الشمبانزى الحريصين على النجاح ويكرهان الفشل . ان فشل هؤلاء الحكام فى شتى المجالات لا يحرك لهم أى مشاعر ، واذا قلت لهم أن الأمم الاسيوية سبقتنا تصنعوا الصمم ، جلدهم سميك حتى لقد افتقدوا مشاعر الفئران والقرود . انهم صناع الفشل ويفتخرون بذلك ، ويحيلون كل خطأ للقدر !).
وفيما يتعلق بقيمة الأمانة فقد أصبحت نادرة فى بلادنا ، حتى أصبح الذى لا يسرق بطريقة أو بأخرى انسان ساذج وأبله . وكلما أصبح الحرامى كبيرا كلما أصبح محصنا أكثر من أى مساءلة ، بل أصبح سارقو أموال البنوك يسمون رجال أعمال ! أما فى عالم طائر البطريق حيث الأحجار بالغة الأهمية لبناء العش تعتبر سرقة الأحجار أشنع جريمة يمكن أن تقع فى دولة البطارقة والطائر الذى يضبط متلبسا بارتكاب هذه الجريمة يتعرض لاستنكار الجماعة كلها .
ورغم أن بنى آدم يسبون بعضهم باسم البغل الا أن البغل حيوان قنوع ، وهو متزن فكريا بالمقارنة مع حيوانات أخرى ولايأكل مثلا الا بقدر احتياجاته ، وهو ما لايفعله كثير من البشر الشرهين
وتهتم القردة بعيادة المرضى من بنى جنسها ، فحين يعترى المرض أحد القردة فان أصدقاءه يعودونه ويقومون على خدمته بمزيد من الاشفاق والقلق والحنان . وهم قد يضحون بالنفيس العزيز لديهم يقدمونه لزميلهم المريض
ورغم ماهو شائع عن الغوريللا كذبا فهى لاتعمد الى الاضرار بأى شخص عامدة متعمدة الا اذا تمادى فى اثارتها . ولا تهاجم الا اذا هوجمت هى وأسرتها
الصراع على السلطة بين البقر والانسان***طالما أفنى بنو البشر أنفسهم فى مطامع السلطة والصراع حولها ، ودمروا مجتمعاتهم من أجل هذه الحماقة ، والعجيب أن هذا الصراع يمكن أن يفضى الى تولى أغبى خلق الله وأكثرهم حماقة للسلطة ، وهذا لا يحدث فى عالم الحيوان ، نعم يحدث صراع على السلطة وتحدث منازعات لاتصل عادة الى الدموية ، ولكن بمجرد التوصل الى قائد يتمتع بالقوة والكفاءة فان الصراع يتوقف على السلطة حتى تدار الحياة فى المجتمع الحيوانى بشكل جيد ومفيد للجميع ، يحدث هذا فى عالم الدجاج وكذلك فى عالم البقر ! ( البقر شتيمة مقذعة بين البشر وهذه مفارقة !) ، فبعد تناطح غير دموى يتم التوافق على ملكة للقطيع على أساس القوة والمقدرة القيادية وليس على أساس الجمال أو السن ، وعندما يتم التوافق أو الانتخاب تنعدم المؤمرات والدسائس والصراعات لخلع سلطانة البقر .
بعد هذه السياحة فى عالم الحيوان من واقع كتب علمية كتبها علماء مصريون ومسلمون وغربيون ، أقترح اعادة قراءة مقدمة المقال ، لتتأكد أكثر وتستوثق من معانيه الرئيسية .
وفيما يتعلق بأحوالنا فى العراق فان مايهمنا جانب تخلى العراقين عن تعاليم دينهم التى تأمرهم بالعدل والاحسان واعمار الأرض والتكافل الاجتماعى وعدم موالاة أعداء الأمة وأن مجرد صمت العراقين وعدم مقاومة الحكام الحاليين يحيلهم الى مذنبين بصورة أصيلة ، لأنهم خافوا الحكام ولم يخافوا الله ، ولم يهتموا بتطبيق شرعه ، ولم يعزلوا من استهزأ بشرع الله وحكم فيهم شرائع الصهاينة والأمريكان وشذاذ الآفاق .
أحاول أن أهددكم بسوء المصير حتى تتحركوا وتغضبوا لله وأكرر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( انى نذير لكم بين يدى عذاب أليم ) . ولا أقول حاشا لله شيئا من عندى ، بل القرآن الكريم قدم لنا شرائط فيديو رهيبة من عالم الغيب المستقبلى حتى لايكون للناس على الله حجة ، والحقيقة فاننى أرتعد عندما أقرأ حوار المستكبرين والمستضعفين فى النار ، فمالكم ياقراء القرآن وحفظته فى مصر لاترتعبون ، وهذه هى الآيات :
( ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولويرى الذين ظلموا اذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب ، اذ تبرأ الذين اتبعوا – بضم التاء – من الذين اتبعوا – بفتح التاء – ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب ، وقال الذين اتبعوا – بفتح التاء – لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرأوا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ) البقرة 165 – 167
ثم نرى باقى الحوار فى سورة سبأ : ( ولو ترى اذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم الى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين ، قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد اذ جاءكم بل كنتم مجرمين ، وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار اذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب ) سبأ 31 – 33
ويتواصل الحوار فى سورة ابراهيم : ( وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا انا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شىء قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا مالنا من محيص ) ابراهيم 21
ويستمر الحوار فى سورة غافر : ( واذ يتحاجون فى النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا انا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار ، قال الذين استكبروا انا كل فيها ان الله قد حكم بين العباد ) غافر 47 – 48
ستقولون نحن ننطق الشهادتين ونصلى ونصوم وأكثر الشعوب توجها للعمرة وبعضنا من الأغنياء يذكى وكلنا حجاج . بل وأكثر من ذلك لا نعاقر الخمر ولا نمارس الميسر وبعضنا لا يسرق ولا يزنى ولا يرتكب الموبقات ، ولا شك ان كل ذلك من الظروف المخففة ، ولكن الله سبحانه وتعالى أمرنا باصلاح الأرض واقامة شريعته ولم يقدم لنا خيارات متعددة ( وربك يخلق ما يشاء ويختار ماكان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون ) . لدينا حزمة واحدة متكاملة اما أن نأخذها كلها أو نتركها كلها . ونحن نكرر نفس أخطاء بنى اسرائيل التى حذرنا منها القرآن مرارا وتكرارا . ( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم الا خزى فى الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون الى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون؟؟؟فلا ينفع أن تكون مسلما وقد أسقطت الجهاد من حياتك لأنه سيعرضك لمحن ومشكلات وللجهاد فروع عدة مطلوبة كلها : جهاد بالمال واللسان واليد بما فى ذلك القتال . والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى أعلى سلم أولويات الجهاد وأن تقول الحق لا تخاف فى الله لومة لائم . كما يجب أن يكون المؤمن قويا عزيزا لا منكسرا ذليلا أمام أى انسان مهما بلغ جبروته . بل ان جوهر الايمان بأن لا اله الا الله هو التحرر من كل الطواغيت ، أما القول بأن لدى عيالا وأسرة وانه لا فائدة من قول الحق ، هو عمليا تكذيب لتعاليم الله وكأنه أمرنا بالمستحيل وبما لانطيق .
ويمكن أن نحدد معالم الرسالة القادمة فى النقاط التالية::::
– فكرة اختيار مانراه سهلا فى الدين وترك مانراه صعبا. – الخوف من عواقب الجهاد على النفس والمال والولد . – اختيار العبادات والشعائر ورفض اصلاح المجتمع واقرار العدالة ومحاربة الظلم والتمكين لدين الله فى الأرض والتطبيق الحقيقى للشريعة الاسلامية كمرجعية – خطر تعرض الانسان للاستبدال .
– ولكننا نكتفى فى هذه الرسالة بالتركيز على أن الاكتفاء بتمضية الحياة بين الأكل والشرب والتناسل والافراز دون الاضطلاع بجوهر الأمانة التى حملنا الله اياها فاننا بذلك نكون كالأنعام بل أضل سبيلا ، لأن الأنعام غير مكلفة ، ولكننا اكتشفنا بنص الآيات القرآنية والواقع العلمى أن عالم الحيوان والحشرات سيكون فى هذه الحالة أفضل لأنه يسبح الله بطريقته ويعمل وفقا لالهام الهى أعمالا رائعة ومفيدة وأكثر اتقانا من الانسان ولا يخرق السنن الالهية فى محيط حياته كما يخرقها الانسان المتخلى عن الايمان الحق . ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات هم وحدهم الذين يفضلون الحيوان وكثيرا من مخلوقات الله .
– نكرر أن الخطر الذى يتهددنا هو أن نكون أقل من الحيوانات ، وهذا ليس سبا أو شتيمة بل هو تحذير من أننا فى طريقنا الى النار اذا لم نصلح أحوالنا كأمة وهذا أيضا بنص القرآن الكريم,
– ( ان الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا ) النساء 97
– وهذه الآية موجهة للمسلمين ، وهى ليست الآية الوحيدة التى حذرت المسلمين من دخول جهنم .