عالجت الإطالة بالوصف ، واهتمت بالمضمون
استفادت من تقطيع المشاهد لتوصل مفهوم السرد للقارئ
حملت كلماتها عنصر التشويق وتعاملت بواقعية مع النص
اتخذت بتول الخضيري من الأزمات التي مر بها العراق مادة حية لرواياتها، نقلت عبر سطورها واقعا مريرا عاشه العراقيون معاناة طويلة ربما امتدت حتى الحاضر، وعكست واقع الخلاف الحضاري بين الأمم ، أو بين الشرق والغرب ، حتى وإن حاول البعض أن يركنه أو يزوق الكلمات ليخفي ذلك التناقض والاختلاف الذي بينته بتول واضحا عبر كلماتها ، وجسدته كحقيقة واقعة لا تقبل الجدل.
اعتبرت رواياتها التي نقلت وترجمت الى لغات عدة أبرزها الفرنسية ، عملية توثيق حضاري للتاريخ الحديث للعراق عبر نقلها لمجريات ما حدث أبان العدوان الذي شنته الولايات المتحدة الأمريكية على العراق ، واستطاعت بتول أن تخلق نوعاً من الترابط من خلال كتاباتها لتنشئ جسوراً بين متناقضين أزليين.
ركزت في سردها على واقعية الحدث ، ولازمت هموم الناس أبان فترة عصيبة، حتى كانت رواياتها تعكس صورة حية لمجريات الأحداث خلال فترة حربين كبيرتين مرتا في تاريخ العراق، كتبت بتول روايتها ” كم بدت السماء قريبة” لتمنحنا تصوراً فضفاضاً يتيح لنا التخيل من خلاله إن من الممكن أن يكون العالم أجمعه تحت أبصارنا ، كصورة تخيلية ممزوجة بالحلم الى ما لانهاية، لكنها ليست مستعصية على الفهم بل بسيطة ممكنة الاستيعاب عبر تراكيبها التي يتخللها السرد لكن بصورة واقعية.
جاءت حبكة الرواية متقنة بصورة دقيقة ، واستفادت بتول من تقطيع التناضرات والمشاهد لتوصل ولو بشكل ضمني مفهوم السرد للقارئ بصورة لايستعصي فهمها، ومن خلال التراكيبية التي مازجتها بواقع حياتي مؤلم ، أخذت بتول القارىء نحو عالم الحلم الذي يصطدم بواقع الألم ليخلق صورة مشوشة في ذهنية المتلقي ، ومنها يبدأ الجدل الفلسفي ، الذي أرادته بتول سؤالا كبيراً دون إجابة ، أو تركت مهمة هذا السؤال للمتلقي ، ليجيب على استفهامات تلك الأحداث التي تناولتها الرواية.
رشاقة أسلوبها الذي اعتمد في اغلب نصوصها على جزئية السرد الذاتي ، حملت كلماتها عنصر التشويق الذي يبحث عنه القارىء دائماً ، وإضفاء الواقعية على السرد هي أكثر صفة يمتاز بها الكاتب قرباً من المتلقي حين يحس إن هذا النص قد خرج من أعماق البيئة التي ينتمي إليها ، بل من واقعه المباشر، وهو ما كرسته بتول في نصوصها بذكاء.
جمعت تنوع المجتمع في حيز صغير لكنه معبر عن تقلبات المزاج الجمعي ، فأرادت بتول الوصول لفكرة التنوع في بوتقة الجمع ، ومنه أزاحت عن نصها الحرج لتظهر تناقضات التعايش ، واختلافات التوجهات والمضامين بين رافض ومؤيد ، وما تحمله النفس البشرية من تناقضات ساعة أن يكون الخطر داهم، هي أنشأت مجتمعها الذي يعكس واقعاً ، وليس صورة مفرطة ابتدعتها لتخلق لها المدينة الفاضلة، على العكس جسدت بتول الخضيري السرد الواقعي بدقة حين كرست روايتها عن هذه العينة التي اختارتها.
استخدمت بتول تقنيات السرد واشتغلت بحرفية واضحة وعالية بتوظيفها عناصر الزمان والمكان والحوار وانتقاء اللغة والشخوص، وهي العناصر الضرورية في استيفاء مكونات السرد، وبغيرها مؤكد سيحدث خلالا واضحا في بنية النص الروائي الذي يتشكل ضمنياً على ركيزة الحدث بوصفه الجامع للعناصر الفنية التي ذكرناها.
من خلال الاستدلال بتلك العناصر تقاس التجربة السردية ، ويحكم عليها بالإضافة الى عناصر أخرى تحكم شكل النص وتمنحه المقبولية لدى المتلقي، كما أن اللغة المكتوبة يجب أن تتوفر فيها حدود معقولة من الرقي، وهي ما لمسناه بأسلوب بتول الذي يقدم المتعة والإقناع والجمال
ترجمت رواية “كم بدت السماء قريبة”من العربيّة إلى الإنكليزيّة والإيطاليّة والفرنسيّة والهولنديّة وكانت موضوع دراسة وتحليل في الدرس النقدي الأدبي في عدد من الجامعات العالمية.
تعاملت بتول الخضيري باسلوب محكم في السرد ، وكان اختيارها لشخوص روايتها يتميز بالدقة ، وكأنها عملية انتقاء وليس اختيار، أحكمت تفاصيل روايتها وحصنتها بلغة أيضا تعبت بانتقائها، عالجت الإطالة بالوصف ، واهتمت بالمضمون لتغطي مشكلة تقطيع الأحداث، بحيث غطت على عيوب الرواية التي لا تكاد أن تذكر من خلال اهتمامها كما ذكرنا بالتفاصيل.
ضمنت بتول الخضيري روايتها بعض من الكوميديا التلقائية على لسان إبطالها ، وهو ما يدخل أيضا في التشويق وطرد الملل من ثنيات النص ، فجاء نصها نقياً ، فضفاضا مفتوحاً على أفق الحدث ، ومنحته صفة القبول عند المتلقي حين تعاملت معه على الواقع وبصورة سلسة.
يعاب على بتول إنها لم تعالج جزئية مهمة في الرواية تتعلق بالمرأة ، وهي بديهة ثابتة في المجتمع ، إن المرأة الشرقية عمرها لم تكن سهلة المنال ، كما اتخذت منها بتول في أجزاء من نصها ، وذلك ربما يعود الى تربيتها الغربية التي اعتادت
من خلالها على مشاهدة مثل تلك الحالات ، فشكلت في عقلها الباطن ربما صورة نمطية عن المراة عموماً ، لكن كان عليها أن لا تعمم ، فالاختلاف والتباين بين المجتمعات يترك اثأرا ثابتة ، لا تمحوها السنين أو التغيرات الحاصلة إن كانت طارئة أو حتى مكرسة للثبات.
وفي غياب روايتها الثانية ذهبت بتول لتجسيد صورة نمطية من الواقع ، أشبه ما تكون سينمائية لتعكس صراعاً من اجل البقاء تحت ظل ظرف قاهر، وفق تصور سردي واقعي للحدث وتخيلات أو هلوسات تعبيرية لشخصيات بنت بتول عالم روايتها على تكويناتها ، لترسم صورة من عاش هذه التجربة ( رواياتها) وهو يتخبط في تفاصيل لا علاقة لها بالتنظيم المرتبط بالحياة، والذي منحته استمرارية ديناميكية لتواصل سير روايتها على منواله حتى تصل الى أن تترك لدى القارىء تصورا ثابتاً بان تخريبا من نوع ما وراء ما يحدث، المستهدف منه هو المجتمع ببنيته الاجتماعية والتكوينية قبل أي شيء أخر.
الواقع الذي جسدته بتول الخضيري برواياتها رغم قلتها ، لكنها أفرزت إبداعاً افرد لها مساحتها على الساحة الأدبية بشكل عام ، وحجزت مكانها بين الأسماء التي سبقت والتي ستلحق في هذا الحقل الأدبي الواسع والكبير.
ولدت بتول الخضيري في بغداد سنة 1965 وحصلت على بكالوريوس في الأدب الفرنسيّ من الجامعة المستنصريّة وهي من أب عراقي وأم اسكتلندية.
صدرت لها ببيروت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر رواية” كم بدت السماء قريبة” بطبعتها عام 1999 ، ثم لطبعتين أخريين عامي 1999و2003. كما صدر لها عن دار نشر الجامعة الأمريكية بالقاهرة رواية “غايب”.
بتول الخضيري
عالجت الإطالة بالوصف ، واهتمت بالمضمون
استفادت من تقطيع المشاهد لتوصل مفهوم السرد للقارئ
حملت كلماتها عنصر التشويق وتعاملت بواقعية مع النص
اتخذت بتول الخضيري من الأزمات التي مر بها العراق مادة حية لرواياتها، نقلت عبر سطورها واقعا مريرا عاشه العراقيون معاناة طويلة ربما امتدت حتى الحاضر، وعكست واقع الخلاف الحضاري بين الأمم ، أو بين الشرق والغرب ، حتى وإن حاول البعض أن يركنه أو يزوق الكلمات ليخفي ذلك التناقض والاختلاف الذي بينته بتول واضحا عبر كلماتها ، وجسدته كحقيقة واقعة لا تقبل الجدل.
اعتبرت رواياتها التي نقلت وترجمت الى لغات عدة أبرزها الفرنسية ، عملية توثيق حضاري للتاريخ الحديث للعراق عبر نقلها لمجريات ما حدث أبان العدوان الذي شنته الولايات المتحدة الأمريكية على العراق ، واستطاعت بتول أن تخلق نوعاً من الترابط من خلال كتاباتها لتنشئ جسوراً بين متناقضين أزليين.
ركزت في سردها على واقعية الحدث ، ولازمت هموم الناس أبان فترة عصيبة، حتى كانت رواياتها تعكس صورة حية لمجريات الأحداث خلال فترة حربين كبيرتين مرتا في تاريخ العراق، كتبت بتول روايتها ” كم بدت السماء قريبة” لتمنحنا تصوراً فضفاضاً يتيح لنا التخيل من خلاله إن من الممكن أن يكون العالم أجمعه تحت أبصارنا ، كصورة تخيلية ممزوجة بالحلم الى ما لانهاية، لكنها ليست مستعصية على الفهم بل بسيطة ممكنة الاستيعاب عبر تراكيبها التي يتخللها السرد لكن بصورة واقعية.
جاءت حبكة الرواية متقنة بصورة دقيقة ، واستفادت بتول من تقطيع التناضرات والمشاهد لتوصل ولو بشكل ضمني مفهوم السرد للقارئ بصورة لايستعصي فهمها، ومن خلال التراكيبية التي مازجتها بواقع حياتي مؤلم ، أخذت بتول القارىء نحو عالم الحلم الذي يصطدم بواقع الألم ليخلق صورة مشوشة في ذهنية المتلقي ، ومنها يبدأ الجدل الفلسفي ، الذي أرادته بتول سؤالا كبيراً دون إجابة ، أو تركت مهمة هذا السؤال للمتلقي ، ليجيب على استفهامات تلك الأحداث التي تناولتها الرواية.
رشاقة أسلوبها الذي اعتمد في اغلب نصوصها على جزئية السرد الذاتي ، حملت كلماتها عنصر التشويق الذي يبحث عنه القارىء دائماً ، وإضفاء الواقعية على السرد هي أكثر صفة يمتاز بها الكاتب قرباً من المتلقي حين يحس إن هذا النص قد خرج من أعماق البيئة التي ينتمي إليها ، بل من واقعه المباشر، وهو ما كرسته بتول في نصوصها بذكاء.
جمعت تنوع المجتمع في حيز صغير لكنه معبر عن تقلبات المزاج الجمعي ، فأرادت بتول الوصول لفكرة التنوع في بوتقة الجمع ، ومنه أزاحت عن نصها الحرج لتظهر تناقضات التعايش ، واختلافات التوجهات والمضامين بين رافض ومؤيد ، وما تحمله النفس البشرية من تناقضات ساعة أن يكون الخطر داهم، هي أنشأت مجتمعها الذي يعكس واقعاً ، وليس صورة مفرطة ابتدعتها لتخلق لها المدينة الفاضلة، على العكس جسدت بتول الخضيري السرد الواقعي بدقة حين كرست روايتها عن هذه العينة التي اختارتها.
استخدمت بتول تقنيات السرد واشتغلت بحرفية واضحة وعالية بتوظيفها عناصر الزمان والمكان والحوار وانتقاء اللغة والشخوص، وهي العناصر الضرورية في استيفاء مكونات السرد، وبغيرها مؤكد سيحدث خلالا واضحا في بنية النص الروائي الذي يتشكل ضمنياً على ركيزة الحدث بوصفه الجامع للعناصر الفنية التي ذكرناها.
من خلال الاستدلال بتلك العناصر تقاس التجربة السردية ، ويحكم عليها بالإضافة الى عناصر أخرى تحكم شكل النص وتمنحه المقبولية لدى المتلقي، كما أن اللغة المكتوبة يجب أن تتوفر فيها حدود معقولة من الرقي، وهي ما لمسناه بأسلوب بتول الذي يقدم المتعة والإقناع والجمال
ترجمت رواية “كم بدت السماء قريبة”من العربيّة إلى الإنكليزيّة والإيطاليّة والفرنسيّة والهولنديّة وكانت موضوع دراسة وتحليل في الدرس النقدي الأدبي في عدد من الجامعات العالمية.
تعاملت بتول الخضيري باسلوب محكم في السرد ، وكان اختيارها لشخوص روايتها يتميز بالدقة ، وكأنها عملية انتقاء وليس اختيار، أحكمت تفاصيل روايتها وحصنتها بلغة أيضا تعبت بانتقائها، عالجت الإطالة بالوصف ، واهتمت بالمضمون لتغطي مشكلة تقطيع الأحداث، بحيث غطت على عيوب الرواية التي لا تكاد أن تذكر من خلال اهتمامها كما ذكرنا بالتفاصيل.
ضمنت بتول الخضيري روايتها بعض من الكوميديا التلقائية على لسان إبطالها ، وهو ما يدخل أيضا في التشويق وطرد الملل من ثنيات النص ، فجاء نصها نقياً ، فضفاضا مفتوحاً على أفق الحدث ، ومنحته صفة القبول عند المتلقي حين تعاملت معه على الواقع وبصورة سلسة.
يعاب على بتول إنها لم تعالج جزئية مهمة في الرواية تتعلق بالمرأة ، وهي بديهة ثابتة في المجتمع ، إن المرأة الشرقية عمرها لم تكن سهلة المنال ، كما اتخذت منها بتول في أجزاء من نصها ، وذلك ربما يعود الى تربيتها الغربية التي اعتادت
من خلالها على مشاهدة مثل تلك الحالات ، فشكلت في عقلها الباطن ربما صورة نمطية عن المراة عموماً ، لكن كان عليها أن لا تعمم ، فالاختلاف والتباين بين المجتمعات يترك اثأرا ثابتة ، لا تمحوها السنين أو التغيرات الحاصلة إن كانت طارئة أو حتى مكرسة للثبات.
وفي غياب روايتها الثانية ذهبت بتول لتجسيد صورة نمطية من الواقع ، أشبه ما تكون سينمائية لتعكس صراعاً من اجل البقاء تحت ظل ظرف قاهر، وفق تصور سردي واقعي للحدث وتخيلات أو هلوسات تعبيرية لشخصيات بنت بتول عالم روايتها على تكويناتها ، لترسم صورة من عاش هذه التجربة ( رواياتها) وهو يتخبط في تفاصيل لا علاقة لها بالتنظيم المرتبط بالحياة، والذي منحته استمرارية ديناميكية لتواصل سير روايتها على منواله حتى تصل الى أن تترك لدى القارىء تصورا ثابتاً بان تخريبا من نوع ما وراء ما يحدث، المستهدف منه هو المجتمع ببنيته الاجتماعية والتكوينية قبل أي شيء أخر.
الواقع الذي جسدته بتول الخضيري برواياتها رغم قلتها ، لكنها أفرزت إبداعاً افرد لها مساحتها على الساحة الأدبية بشكل عام ، وحجزت مكانها بين الأسماء التي سبقت والتي ستلحق في هذا الحقل الأدبي الواسع والكبير.
ولدت بتول الخضيري في بغداد سنة 1965 وحصلت على بكالوريوس في الأدب الفرنسيّ من الجامعة المستنصريّة وهي من أب عراقي وأم اسكتلندية.
صدرت لها ببيروت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر رواية” كم بدت السماء قريبة” بطبعتها عام 1999 ، ثم لطبعتين أخريين عامي 1999و2003. كما صدر لها عن دار نشر الجامعة الأمريكية بالقاهرة رواية “غايب”.