أحلام تموت قبل أن تولد
كنت على إتصال بأهلي في العراق اليوم, وقد سمعت منهم بأن سيارة مفخخة قد أنفجرت أمس في بداية الشارع حيث يبعد أقل من مئتين متر عن بيتنا. بالقرب من مكان السيارة المفخخة التي أنفجرت توجد هناك ساحة ترابية صغيرة يلعب فيها الأولاد كرة القدم بأقدام عارية تنكث التراب حين تضرب في الأرض جريا ً وراء الكرة ليختلط ذلك الغبار بصوت المولدة الكهربائية ودخانها الذي يؤرق كل رئة تمر بالقرب منه ومئات من الأسلاك الكهربائية قبيحة المنظر فضلا ً عن خطورتها على الإنسان والحيوان على السواء. تحيط بتلك الساحة أعواد من القصب الأخضر ومياه آسنة تستوطن بين بيوت العشوائيات البسيطة والتي يسكن فيها أناس فقراء. أما في ركن الشارع فهناك دكان صغير أعرف صاحبه جيدا ً خرجت منه فتاة صغيرة تبلغ من العمر عشر سنين وهي تحمل الحلوى لتختفي بعد لحظات! تقول أمي بأن أهل الفتاة جاءوا يبحثون عنها بعد الإنفجار ولكنهم لم يجدوا لا أصبع ولا أظفر ولاحتى خصلة شعر. لقد تلاشت تلك الفتاة الصغيرة وتلاشى جسدها الضئيل مع عصف تلك السيارة المفخخة لتتحول إلى ذرات تختلط بلون التراب ودخان المولدة الكهربائية. لقد تلاشت وإختفت معها كل أحلام الطفولة التي لم يتحقق منها شييء, أمنيات العيد الذي كان بانتظارها لتقطف منه إبتسامة, تبخرت في أرض تقتل أحلام الصبية وتحرق ضفائر الصغيرات بنار المفخخات ولهيب العبوات الناسفة. لا أعرف أسم تلك الطفلة ولا أهلها ولاشكلها ولا لونها ولكني أعرف شيئا ً واحدا ً فقط نقلا ً عن أمي بأن هناك فتاة كانت تحمل الحلوى وقد أختفت من على وجه الأرض بقدرة قادر وكأنها مارد دخل فانوسه السحري. أما نشرات الأخبار فتقول أن هناك سيارة قد أنفجرت وقد قتلت فتاة على أثر هذا الإنفجار, إلى الآن لاتعرف نشرات الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي أسمها أو شكلها أو عنوانها! لا أعرف لماذا تذكرت هذا الفيديو عند سماعي بقصة تلك الفتاة:
http://www.youtube.com/watch?v=0D2hbtf0Tk4&sns=em
سجن أبو غريب
تمتلئ الصحف هذه الأيام بقصة الاسباني العراقي دانيال غالفان الذي أغتصب 11 طفل وطفلة من مدينة القنيطرة في المغرب وقام بتصويرهم فحكم عليه بعشرات السنين في السجن, إلا أن عفوا ً ملكيا ً جعله خارج السجن ليثير الرأي العام المغربي لتستعيده المغرب بعدها من اسبانيا لتطيح ملابسات تلك القضية بمدير سجون المغرب. أما في العراق فقد خطط تنظيم القاعدة لتهريب عشر سجناء خطرين من سجن أبو غريب في عملية كبيرة أعد لها منذ شهور ويعرف بها القاصي والداني بوثائق رسمية ومن مختلف الجهات الأمنية تنذر وتحذر من وقوع ذلك الهجوم, حتى أن بائع السكائر في باب السجن كان يعرف بالعملية فأقفل بسطته ليعود لبيته. النتيجه هي أن هروبا ً جماعيا ً قد حدث ويقدر عدد من فروا من السجن بالألف سجين من عتات القاعدة بجيليها الأول والثاني. المهم, لم نسمع بإستقالة مسؤول كبير ولاصغير ولم يتحمل أحد مسؤولية الحادث ولو حدث الذي حدث بأي دولة تحترم نفسها لوجدنا رئيس الحكومة أول المستقيلين لتقصيره بحفظ دماء أبناء البلد. لا أعرف لماذا لايعترف المسؤولون السياسيون والأمنيون في العراق بفشلهم بدل الاتهامات التي يلقوها هنا وهناك بأن هناك جهات خارجية وأن هناك بعض المتعاونين ممن يعملون في سجن أبو غريب ممن سهل لعملية الهروب الكبير. كل يوم يغيرون خططهم الأمينة وقادتهم الأمنين وكل يوم تنفجر العشرات من المفخخات ولايعترفون بفشلهم فمتى يفعلون ذلك؟ أن الهروب الجماعي لسجناء أبو غريب سوف تكون له آثار وخيمة على الوضع الأمني في العراق وسوريا ومصر وبعض الدول التي ينشط بها الإرهاب لأن من هربوا يشكلون صفوة أمراء القاعدة المتهمين بمئات العمليات الإرهابية التي طالت المدنيين العراقيين. كنت أعتقد بأننا بحاجة لتغيير استراتيجية التعامل مع الإرهاب بدل تغيير القادة الأمنيين ولكني الآن على يقين بأننا بحاجة لتغيير عقلية السياسيين الذين يديرون العملية السياسية برمتها للتعامل مع خطر الإرهاب الذي يعطل حياة العراقيين كل يوم ويحولها إلى جحيم.
عزت الشابندر
لقد تهجم النائب والناطق بإسم دولة القانون على المرجعية الدينية بتدخلها وتقييمها لسياسة الحكومة بعد سلسلة من الفشل المتواصل وعلى جميع الصعد. لقد أتهم النائب المرجعية بتدخلها بشؤون الدولة وتسائل عن الأموال التي تدخل تلك الحوزات والتي لارقابة عليها. وبعد موجة الإنتقادات التي طالت النائب وعزله عن منصب الناطق الرسمي بأسم دولة القانون قال عزت الشابندر أن الكل متفقون وموافقون على ماقل لكنهم يخافون سطوة رجال الدين لذلك يفضلون السكوت. أقول: أن كلمتك هي حق يراد به باطل! فالحق هو أن لاتدخل لرجال الدين من المرجعية وغيرها في شؤون الدولة وباقي المؤسسات المستقلة كالقضاء والبرلمان وأن رجل الدين لامكان له في الدولة التي يحكمها نظام ديمقراطي, ولذلك على المشرع أن يعلن علمانية الدولة لفصل الدين عنها وحمايته من السياسيين الإنتهازيين. أما الباطل في قولك فهو أن لانقد للدولة من رجل الدين وأقول هنا أن من حق أي فرد أن يقيم العمل الحكومي ويراقبه. لانريد أن يتدخل رجل الدين في شؤون الدولة ولكن, تفعلون ماتفعلون وكل فشلكم بوجود رجل الدين فماذا لو صمت رجل الدين أيضا ً! لقد جعلتمونا نؤمن بدور رجل الدين لأنكم عطلتم كل الجهات الرقابية التي من واجبها مراقبتكم كحكومة ومؤسسات.
العراف
لقد وصل عادل أمام بمسلسله الرمضاني العراف لحلقاته الأخيرة, فبعد هروبه من السجن أسقط كل التهم الموجهة أليه بالنصب والإحتيال ليدخل عالم السياسة فيصبح خبيرا ً إستراتيجيا ومفكرا ً اقتصادياً وتنمويا ً تتسابق الفضائيات لاستضافته ليشتري جريدة ويرشح للإنتخابات الرئاسية مما أثار حفيظة كل من عرفوا تاريخه الأسود المليء بالنصب والإحتيال. في المسلسل يتسائل المشاهد هل يمكن أن يحدث هذا في الواقع ام هي مجرد تخيلات للكاتب يوسف معاطي! في الحقيقة كلما شاهدت عادل أمام تذكرت بان لدينا بعض السياسيين ليسوا نصابين فحسب بل هم قتلة ومجرمين وسفاكي دماء. كلما شاهدت المسلسل والكوميديا السوداء التي يعرضها للمشاهد أتذكر بان كل شيئ ممكن حتى ذلك الخيال الذي نعتقد انه لايمكن أن يحدث في يوم من الأيام, حتى أن الخيال يفوق الواقع في مأساته!