الصمت السياسي للسيستاني الذي أعلن عنه في خطبة الجمعة لا يعني أنه كان ناطقاً بالعدل والصلاح ولا يعني أنه ليس شريك فاعل ومؤسس لزمر الفساد السياسي كل ما في الأمر ان ما يذكره في الخطبة السياسية عبارات مكررة ورتيبة ومملة ليس فيه جديد ولا بادرة لمشروع , عبارات تطالب من الفاسدين الصلاح ومن الكاذبين الصدق ومن الخونة الأمانة , نطق بها السيستاني قهراً واضطراراً وليس اختياراً بل مجاراة وبسبب واقع حال فرض عليه ذلك للتخلص من الحرج اذا بقي صامتاً وباعتباره أنه السبب الأول لوصول هؤلاء الزمر الفاسدة !
والآن بعد ان سجل موقفاً فحواه أن المرجعية قالت ونطقت وطالبت !! رجع الى الوراء الى عادته القديمة الصمت ! لكن بشكل مؤقت , فلماذا بشكل مؤقت ! فمفهوم هذا الكلام أنها ستتدخل وتنطق يوماً ما ! ولكن متى ؟ رغم كل التكهنات والتوقعات والآراء وخصوصاً ما صدرت من قبل المغرر بهم وممن تمر عليهم أبده البديهيات الذين لم تردعهم المواعظ ولم يستفيقوا من التجارب , يبقى الراي الأدق والأصوب هو إعلان موقف الحياد من السيستاني من طرفي الصراع في العراق والمنطقة عموماً وبما أن العراق يمثل المحور والمركز لساحة الصراع وانقسام مكوناته السياسية واحزابه وكتله بالتأييد لهذا الطرف أو ذاك فيوجد من يسير بفلك أمريكا ومن معها سراً وعلانية ويوجد من يسير بفلك ايران ومن معها ويوجد من يظهر الولاء لأمريكا لكنه عبد مطيع لإيران وبالعكس , فمرجعية السيستاني لها قنوات استخباراتية ممثلة بشخصيات دينية مقربة من السيستاني تعمل في مؤسساته في الداخل والخارج ترتبط مباشرة مع صانعي القرار في أمريكا وبريطانيا بالتحديد ولذا فقد علمت مسبقاً أن العراق مُقبل على تغيرات بالمشهد السياسي يلازمه أحداث وفتنة ومحاولات انقلاب تقوم به المليشيات والأحزاب التابعة والموالية لإيران كرد فعل انتقامية وتخريبية بعد تيقن الانهيار والتجرد من السلطة والتسلط والتحكم بالمشهد السياسي والأمني لصالح أمريكا وتحالفها الذي بدأت بوادره واضحة من خلال دخول قوات أمريكية برية للعراق ورسائل تبويخية وتحذيرية للعبادة لأنهاء مهمة الحشد وأمريكا نفسها قد أبلغت السيستاني بهذا الأمر وباتفاق أن لا يكون بطريقة يسبب الحرج وموقف سلبي تجاه السيستاني مدارة للفضل الكبير الذي قدمه للمحتل الأمريكي , فالمنطقة عموماً والعراق خصوصا مقبل على تغيرات وأحداث وفق المعطيات والتحالفات وخصوصا الإسلامية العسكرية ومبادرتها الأخيرة بالاستعداد للتدخل في سوريا وتراجع نفوذ ايران وانحسار أذرعتها , والسيستاني أدرك ذلك ليس بحكمته ولكن بما يصل إليه سراً , وصمته الآن مقيد بانتظار الكفة التي ستترجح قريباً وهو يعلم بها مسبقاً لكن ينتظرها أن تكون واقعاً ملموساً , وهنا سياتي إليه الأمر برفع الحظر والنطق والتدخل بوجه آخر مناسب للمرحلة مادح و مؤيد ومبارك وضامن لبقاء واجهة ومنصب مرجعية السيستاني وعندها ستصدر التأويلات والتصحيحات والتعديلات لهكذا موقف وسيُعد من الإصلاحات والحكمة والتخطيط لتغيير الوجوه الفاسدة التي لم تسمع او تصغي للمرجعية ! يقول المرجع العراقي العربي السيد الصرخي الحسني في خطبة له قبل سنتين (ان المنطقة تشهد تحولات و أحداثا متسارعة ستشهد تغيرا آخر في مواقف نفس الرموز، و لذلك بدأوا بالتجرأ على الحكومة و شن الهجوم عليه للتهيؤ لاستقبال السادة الجدد! فقد أحسوا بالخطر يقترب منهم و هم يحسون الآن بأن موازين القوى ستختلف، و سأذكّركم بانهم سيقولون ان ايران عدوة و انهم صفويون و انهم اجتهدوا في التخلص من تأثيرات الصفويين في العراق! بل و أكثر من ذلك سأكون انا المتهم بالعلاقات مع ايران و مودتها . وأكد قائلا ان : “الاحداث تتسارع في المنطقة .. الامور تتسارع .. الفتن تقترب .. الخطر بدأ
يداهم .. الكفة بدأت تميل للجانب الآخر. فالآن سنسمع دعوات و صيحات ’الوحدة‘ و ’اهل البلد‘ و ’الوطنية‘ … و ’المرجع الوطني، و ’العراقي‘ … كلهم سيكونون من ’العراقيين‘ .. كلهم سيكونون من المرجعية العربية … و سأقول لكم اكثر من هذا … الآن نحن من يحكى علينا باننا ضد المذهب و ضد ايران و ضد الحكومة الاسلامية. و لكنني الان اخاطب الحكومة الاسلامية.. بان الفتاوى التي قطعت رأس صدام اقتربت بانها ستسخَّر و تسيّر لقطع رقاب من يتصدى او محاولة قطع رقاب من يتصدى في ايران”….)
قرار السيستاني الآن بالصمت سيجنبه ويعطيه العذر مسبقاً بعدم تأييد هذا الطرف أو الوقوف بالضد من ذاك الطرف في مرحلة الصراع وقبل انجلاء الغبرة لذا وقتوا هذا الصمت الى ما بعد انجلاء الغبرة !!