29 ديسمبر، 2024 3:12 ص

بالَ حمارٌ فإستبالَ أحمرة

بالَ حمارٌ فإستبالَ أحمرة

يقول الأستاذ سلام الراسي : من تقاليد العرب أن الحمار لا يدفع مهر عروس , ولا يكون مركوب عريس أو عروس , ولا يستوفى دية قتيل , ولا يكون هدية أمير , ولا يمشي بمأتم , ولا يربط قرب مسجد , لأن الحمار مشهور بقلة لياقته في التعبير عن ذاته , ولأن أنكر الأصوات أصوات الحمير , ومن عادة العرب أن المقتول برفسة حمار لا يندبه النادبون لأنه يكون قتيل عار . كما إن من تقاليد العرب أن يُطاف بالزانية أو الزاني في شوارع المدينة على ظهر حمار بالمقلوب بحيث يكون وجه المطوفة أو المطوف إلى ناحية ذيل الحمار , وذلك إمعانا في تحقيرهما .
في وقتنا الحاضر يوصف الإنسان الأحمق والبليد والغشيم وقليل الاعتبار بكلمة ( حمار ) فهذا احد الشعراء لا يجد وصفا للأحمق غير تشبيهه بالحمار فيقول :
يبطر الأحمق في نعمائه فإذا ولت , تولاه الحنق
كحمار السوء إن أشبعته رفس الناس , وإن جاع نهق
تقول العرب أن الحمار قليل مروءة فما إن يعبر فوق ما جار حتى حرن ووقف وشرب على مهله , ثم ما لبث أن بال بالماء , وإذا بال حمار في مكان ما , بال كل حمار آخر يمر فيه , ولذلك صار العرب يقولون مثلا ( بال حمار , فاستبال أحمرة ) , وهذا المثل يقال في جماعة مثل الحمير يتبع بعضهم بعضا ولو كانوا على خطأ .
وما أكثر حميرنا في العراق من ساسة وإعلاميين فما إن بال أحدهم حتى بال الجميع خلفه , ومشكلتهم أنهم يكذبون الكذبة ويصدقونها فينبري من ينبري بالتحليل والفحص وكأن احدهم خبير ( المنكطعة ) ويطبل لكذبة صاحبه الحمار الأول ويزيد عليها كذبة جديدة فما هي إلا ساعات وترى الكذبة صارت حقيقة في وسائل إعلامنا ومواقع التواصل الاجتماعي وفي أذهان الناس البسطاء وفق منطق ( ثقافة القطيع ) , وما أخبار الانقلاب التركي ألا خير دليل على ذلك فما أن حدث الانقلاب على حكومة الخليفة اردوكان الإسلامية الحاكم بأمر الله حتى أنبرى ساستنا الأفاضل وإعلامنا الحكومي بتصريحات لا أساس لها فهذا يقول إن القوات التركية انسحبت من ارض العراق وذاك يقول إن الحكومة الجديدة اعتقلت الدواعش الجرحى الذين يتعالجون في المستشفيات التركية وأصبح الجميع مصابين بإسهال التصريحات السياسية والمشكلة أنهم سياسيين وإعلاميين وللسياسة والإعلام أعراف وأصول والتي يبدو ان جماعتنا لا يعرفونها .
القاعدة الذهبية في السياسة التي تعتمدها جميع الأنظمة والحكومات في الأرض حسب تشرشل رحمه الله هي : لا يوجد صداقات دائمة ولا عداوات دائمة وإنما هناك مصالح دائمة . ومصالحنا الدائمة وحسب العرف السياسي تتطلب من ساستنا أن يجاملوا ويقيموا علاقات تركيا والسعودية وقطر ودول الخليج العربي رغم التحفظات الكثيرة على سلوكية هذه الدول مع العراق لان المصلحة تقتضي ذلك , كما ينبغي التحرر من النفوذ الإيراني المتنامي يوما بعد يوم
في العراق لأنه لم يجلب للعراق سوى الخراب ( ولحد يتعيقل براسي ويهمبل ويكول تاج راس العراق إيران وإيران حمت أعراض العراقيات لأني سأقول له إن ابن الجنوب العراقي الشريف هو الذي حمى أعراض العراقيات هو وأخيه ابن العشائر العربية الأصيلة من الغربية الذين ينزفون لحد اللحظة على تراب العراق لطرد حثالات الأرض داعش من أرضنا ) وحيث إن الأمن القومي الإيراني عند ولاية الفقيه وعند الجنرال سليماني أهم من كل دماء العراقيين فلا نستغرب ( فزعة ) إيران في حربنا ضد داعش , ولكن هذا لا يعني أن تكون إيران السيد المطاع في العراق في ظروف إقليمية غاية بالخطورة تتطلب منا مد علاقات حتى مع الشيطان للحفاظ على الأرض العراقية والدم العراقي .
السادة أعضاء الحكومة , السادة الإعلاميين , قطرة ماء نحصل عليها من تركيا نسقي بها ارض العراق أهم من هرائكم الذي لا يعرف الحدود والقوانين . والسياسة عند الاوادم لا تعرف الطائفية ولا تعتمد لغتها وإنما تعرف وتتعامل وفق لغة المصالح والمصالح فقط وهذا ما تنتهجه إيران التي تقدسوها إلى درجة البراكماتية في تعاملها مع الجميع فبالأمس كانت تتعامل مع أمريكا وفق نظرية الشيطان الأكبر واليوم تتعامل معها وفق معاهدات الاتفاق النووي ووفق قانون المصالح .
اكرهوا تركيا وخليفتها اردوكان والسعودية وملكها سلمان وقطر وتميمها ولكن كونوا دبلوماسيين وساسة حقيقيين واحسبوا أموركم وفق ميزان الفوائد والخسران .
اعشقوا إيران وتغنوا بحب ولاية الفقيه ولكن كونوا ساسة يهمهم أمر بلدهم ولا تكونوا تبعا لأحد .
اعتذارنا للحزب الجمهوري الأمريكي الذي يستخدم الحمار كرمز من رموزه , واعتذارنا لحزب الحمير الكردستاني الذي يعتز بالحمار ويحترمه بحيث جعل اسم الحزب يقترن به , ونقول كما قال بعض وجهاء الدروز في الشام في مدح الحمير : ( قيل للجمل من أنت , قال : حامل الأثقال , وللحصان من أنت , قال : مقتحم الأهوال , وللحمار من أنت , قال : مركوب الأجاويد والعقال ) . ولكن حميرنا تختلف عن كل حمير الأرض.
[email protected]