23 ديسمبر، 2024 9:53 ص

بالوثائق: داعش وسقوط الموصل بين البارزاني وأردوغان

بالوثائق: داعش وسقوط الموصل بين البارزاني وأردوغان

أثارت الأزمة الأخيرة التي عصفت بالعراق العديد من علامات الإستفهام التي لم تقتصر على المشهد العراقي والواقع السياسي لما وراء أحداث الموصل أو الفراغ الإقليمي والتزاحم بين القوى الإقليمية لملأ هذا الفراغ، بل المشهد الدولي وتحديدا الدور الأمريكي في التأثير على مستقبل الأحداث في المنطقة والعالم.

حيث يُعد موقف الادارة الأمريكية هو الأبرز في هذه الأزمة لما إعتراه من تردد وتبدّل سريع في المواقف بما جعل مصداقية الولايات المتحدة على المحك، خاصة وان العراق يرتبط معها بإتفاقية الاطار الاستراتيجي التي لم تجد طريقها للتنفيذ في هذه الفترة أو حتى مسبقا فيما يتعلّق منها بتزويد العراق بما هو في حاجة اليه لتأمين قدرات جوية كافية لإسناد قطعاته البرية.

ويعكس مثل هذا التردد حجم المعلومات المضللة والتقارير الأمنية الكاذبة التي تزج بها الدول الحليفة التي لازالت تعمل بشكل وثيق مع الأجهزة الاستخبارية والقيادة المركزية الأمريكية ومن تلك الدول قطر والسعودية وتركيا والتي تدّعي تعاونها مع أمريكا لمحاربة الإرهاب… رغم أن عمل هذه الدول الحليفة للولايات المتحدة مُنصب على (إدارة الارهاب) وليس محاربته في المنطقة.

ومع أن الجميع لا ينكر الأدوار القذرة التي لعبتها السعودية في الساحة السورية والعراقية أيضاً، في دعمها للإرهاب سواء عبر ارسال الانتحاريين وتوظيف المال السعودي أو الحرب السياسية على الحكومة العراقية، ألا أن السعودية في تقديرنا لا مصلحة لها في تقسيم العراق، الأمر الذي يلقي الضوء في الهجمة البربرية الأخيرة التي تسببت في سقوط الموصل على المحور السلجوقي (قطر – تركيا – البارزاني – آل النجيفي – ودويلات أخرى)، والذي أخذ على عاتقه التعامل مبكرا مع (شرق أوسط ما وراء أمريكا) ليضع الجميع أمام الأمر الواقع.!

لقد رسم المحور السلجوقي لنفسه (خارطة طريق) خاصة به ترتكز بصورة أساسية على القوى الإرهابية المتمثلة في (داعش) والتي تهدف بالدرجة الأساس لتقسيم العراق وسوريا عبر (شيطنة سُنة العراق) وتصويرهم للعالم أجمع بأنهم قوى متطرفة لا يعني لها العراق شيئاُ.

لذلك كانت عملية سقوط الموصل بإشراف مباشر من عائلة النجيفي (المتحدثة على الدوام بإسم – سُنة العراق) وبالتعاون الوثيق مع مسعود البارزاني، فقد كان اصرار آل النجيفي على انشاء الاقليم جزءاً لا يتجزأ من الخطة الرئيسية أو الخطط المرحلية البديلة، وكذلك الحال فيما يخص انشاء ما يسمى بـ (قوات الإقليم) وهذا ما تعكسه المطالبات المتكررة من آل النجيفي بإخراج الجيش العراقي والقوى الأمنية من الموصل وتشكيل (لجان شعبية) تكون في نظرهم النواة الأولى لـ (قوات حماية الإقليم) المأمولة. وكما أكد النجيفي مرارا ..(“اي تشكيل عسكري جديد في محافظة نينوى يجب ان يقتصر على أبناء المحافظة كما يجب ان يستبعد ما يسمى بالصحوات والتشكيلات التي استخدمها المالكي سابقا “).

لقد أثبتت الأحداث مدى البشاعة والخسة التي يتصف بها هؤلاء في سبيل تحقيق مآربهم، واستكمالا للحرب النفسية المعتمدة من قبل هؤلاء لـ (شيطنة الأهالي) في عملية التحضير لإسقاط الموصل إعتمدوا في ليلة 6/6/2014 قصفا عشوائيا على الجانب الأيمن من المدينة تسبب في وقوع مجزرة رهيبة (كانت قذائف الهاون قادمة من الجانب الأيسر) تسبب الحال في ضجيج الأهالي وإرتفاع أصوات التكبير من المساجد (مع تثبيت الإعتقاد لدى الأهالي بأن الجيش العراقي هو من قام بالقصف) وقد استنفروا بذلك أقصى حالات الغضب الشعبي الذي تسببت خطابات النجيفي في إشعاله بعد أن كان يصف أفراد الجيش العراقي بــ (الغرباء) في أحاديثه المتلفزة. وفي اليوم التالي وحتى يوم السقوط 10/6/2014 إعتمدوا الحرب النفسية المدروسة على قوات الجيش (وكما يصف أحد أفراد الجيش العراقي لإذاعة العراق الحر) حيث نشروا أعدادا كبيرة من القناصة في المدينة مهمتها تقتصر على استهداف اطارات أي سيارة عسكرية دون قتل السائق، فإمتلأت شوارع المدينة بهذه الظاهرة والتي يعود السائق على أثرها الى وحدته مذعوراَ ليدب الرعب في أفراد وحدته أيضا، ذلك في فيما يخص النهار، أما في الليل فيعمدون خلال تلك الليالي الى إشعال الأجواء بالرصاص المذنب (المتوهج ليلا) وحتى الصباح كجزء من الحرب النفسية للقوات العسكرية والأمنية مع قصف بنفس الهاونات على المقرات العسكرية… لقد كان للقصف الدموي وخطابات المحافظ وقعا كبيرا على الرأي الشعبي المعبأ أصلا نتيجة أحداث مماثلة سابقا، وأوامر أصدرها المحافظ الى دوائر الدولة بعدم التعاون مع الأجهزة الأمنية ( ومنها ما هو منشور على صفحته الشخصية في الفيس بوك).. لذلك لم يجد (الداعشيون) ممانعة كبيرة من الأهالي (كونه جيش المالكي) في استخدام بيوتهم الواقعة خلف معسكرات الجيش في عملية الضربة الأخيرة ليل 9/6/2014 ليسقط وفي عملية مدروسة (الجانب الأيمن من المدينة) ليكونوا قد فتحوا بذلك طريق الهروب الشخصي لهم الى (إقليم كردستان- قوات البارزاني) لضمان عدم حصول انسحاب من الجهات الأخرى وليتمكنوا من وضع ايديهم على الآليات والأسلحة بأنواعها (الخفيفة والمتوسطة والثقيلة)!! .. ولمن هو على علم بسيط بجغرافية وديموغرافية مدينة الموصل، يدرك بسهولة بأن سقوط الجانب الأيسر (المحادي لقوات البارزاني) بات أمرا حتميا أيضا!

السؤال الأهم هنا والمتعلق بعنوان المقال : ما هو دور البارزاني في هذه العملية؟ .. فذلك ما يُجيب عليه الفيديو المرفق في أدناه، والذي يوضح، الأوامر الصادرة من البارزاني لأفراد البيشمركة التابعة له، وكيفية استحواذهم على معدات الجيش العراقي وأمور كثيرة أخرى..! وما تُجيب عليه أيضا خطاباته وتصرفاته بعد أحداث الموصل.!

لقد قلنا مرارا بأن الإستهداف المتكرر للمالكي هو جزء من خطة اسقاط الموصل وتقسيم العراق، فقد كان الجعفري كذلك، وقدعملوا بما استطاعوا لإزاحته عن السلطة بـ (سلاح الشراكة/ ما عندنا لنا وما لديكم نحن شركاء فيه) وكذلك مع المالكي اليوم (مع الفارق في الظروف)، فإنهم يريدون شخصا لاتعني له وحدة العراق ولا وحدة الشعب شيئا وليس لديه أية خبرة بالعمل العسكري ولا علاقة له بالقادة العسكريين والأمنيين، ليبدأ بتكوين خبرته من الصفر، والى ذلك الحين وحتى  يتم تشكل خبرته، تكون داعش قد نقلت ساحات الكر والفر الى العُمق الشيعي وربما تكون قد رفعت راياتها على ضفاف بحر النجف (ليضيع بذلك الشيعة والسُنة والأخوة المسيحيين والصابئة بل والكرد معاً)… لقد أدركها مبكرا المرجع الأعلى (دام ظله) وقد حقق بفتواه توازن القوى وأعاد الأمور الى نصابها فإكملوا معا فصولها المتبقية، ولا تضيعوا الفرصة مجددا بالتخبط هنا وهناك، والتذلل لهذا وذاك كما فعلها مؤخرا البعض ممن تسكّعوا أذلاء على أبواب البارزاني.