18 ديسمبر، 2024 9:11 م

بالنسبة للعراق إسرائيل وايران وجهان لعملة واحدة

بالنسبة للعراق إسرائيل وايران وجهان لعملة واحدة

ان إسرائيل متورطة بتدمير العراق منذ الحرب العراقية الإيرانية (١٩٧٩ – ١٩٨٨) حيث امدادها ايران بالأسلحة الإسرائيلية التي كانت يقتل بها العراقيون. و حسب اعترافات وزير الخارجية البريطاني آنذاك (جاك سترو) فأن إسرائيل كانت هي المورد الغربي الوحيد الذي يمد أيران بالأسلحة اثناء تلك الحرب. و قد اشتهرت فضيحة (ايران كونترا) التي من خلالها تم تزويد ايران بأسلحة تنقل مباشرة من إسرائيل والتي تورط بها المقبور جورج بوش الاب الذي كان حينها نائب لرونالد ريغان الرئيس الأمريكي آنذاك. كما كان هناك العديد من الصهاينة مشتركون في ذلك إضافة الى اركان النظام الإيراني الجديد مثل هاشمي رفسنجاني وأبو الحسن بني صدر. انظر الرابط ادناه:

https://ar.wikipedia.org/wiki/إيران_-_كونترا

 

وحسب تصريحات (جاك سترو) كذلك فأن ايران زودت إسرائيل بصور جوية عن ضرباتها الفاشلة لمفاعل تموز النووي العراقي في بغداد مما تسبب بقيام إسرائيل بضربة تصحيحية تم من خلالها تدمير المفاعل النووي العراقي. ولم تكن إسرائيل ولا ايران غائبة عن الاشتراك المباشر او غير المباشر في حرب عام ١٩٩١ و بالخصوص في حرب عام ٢٠٠٣ فكلاهما يريد اسقاط نظام الحكم العراقي بل واسقاط الدولة العراقية وابقائها ضعيفة ولعل كلاهما يطلب صدام حسين ثأرا مباشرا. و لا ننسى دور كلاهما في تفعيل واستمرار الحصار البربري على العراق ودورهما في اغتيال العديد من العراقيين من الأساتذة والضباط والطيارين بعد دخول قوات المرتزقة الصهيونية الامريكية الغازية عام ٢٠٠٣ ودورهما المترادف في ادخال داعش.

 

ان ايران وإسرائيل كلاهما مشتركتان في تدمير واحتلال العراق الا ان الأولى تعمل الان بشكل علني والثانية عملت وتعمل بشكل سري و علني. فقد عملت إسرائيل تدمير العراق وبالخصوص منذ عقد السبعينات ثم اتفقت أهدافها نحو العراق مع ايران فيما بعد عام ٢٠٠٣ وقد صرح حول ذلك (آفي ريختر) وزير الامن الصهيوني الأسبق في محاضرة القاها في معهد الامن القومي الإسرائيلي حيث قال: (ليس بوسع أحد أن ينكر أننا حققنا الكثير من الأهداف على هذه الساحة (العراق) بل وأكثر مما خططنا له وأعددنا في هذا الخصوص. يجب استحضار ما كنا نريد أن نفعله وننجزه في العراق منذ بداية تدخلنا في الوضع العراقي منذ بداية عقد السبعينات من القرن العشرين. هدفنا الاستراتيجي كان وما زال عدم السماح لهذا البلد أن يعود إلى ممارسة دور عربي وإقليمي، لأننا أول المتضررين من هذا الدور، لذلك نعمل على إيجاد ضمانة لبقاء العراق خارج دائرة الدول العربية) (نضع ثلاثة خطوط تحت: إيجاد ضمانة لبقاء العراق خارج دائرة الدول العربية —- أي ان هذه الضمانة هي وضعه تحت سيطرة الفرس!). وهذا ما حصل ويحصل في هذا الوقت بالذات وذلك بجعل العراق بعيدا عن محيطه الطبيعي العربي والقائه في حضن ايران تمتص خيراته وتبقيه تحت السيطرة الفارسية وللأسف فان العرب غفلوا عن ذلك او تغافلوا وشاركوا في حصار العراق وتجييش الجيوش له في حرب عام ١٩٩١ وفيما بعدها دون محاولة حل قضية الكويت بشكل سلمي لا يتعرض به العراق الى اضعاف المقصود به هو الامة العربية جمعاء كما حصل ويحصل فلولا اضعاف العراق ما صارت حرب اليمن ولا تدمير سوريا ولا غيرها. فالمقصود هو اضعاف العرب جميعا وخلق الفتن والبؤر الموجودة حاليا ليس للعراق وحده بل في المنطقة العربية كافة.

 

ويضيف وزير الامن الصهيوني السابق (آفي ريختر) قائلا: (نحن نتفاوض مع الأمريكان من أجل قطع الطريق أمام عودة العراق ليكون دولة مواجهة مع إسرائيل … والإدارة الأميركية حريصة على ضمان مصالحنا وعلى توفير هذه الضمانات عبر وسائل مختلفة. ان المعادلة الحاكمة في حركتنا الاستراتيجية في البيئة العربية تنطلق من مزيد من تقويض حزمة القدرات العربية في دولها الرئيسية من أجل تحقيق المزيد من الأمن القومي الإسرائيلي). ويضيف هذا الوزير الصهيوني قائلاً: (إن العراق تلاشى كقوة عسكرية وكبلد متحد، وخيارنا الاستراتيجي الان ينصب بقوة على ابقاءه مجزّأً، كما أن تحييد العراق عن طريق تكريس أوضاعه الحالية يشكل أهمية استراتيجية للأمن الاسرائيلي في المرحلة القادمة). وهذا القول والاستراتيجية الصهيونية ليس بالشيء الجديد ولكن اصبح على العلن الاتفاق بين الأهداف الصهيونية والفارسية لإبقاء العراق بعيدا عن عمقه العربي وضعيفا منقسما في داخله.

 

وكانت بدايات الخطط الصهيونية لتقسيم العراق قد ظهرت منذ الثمانينات والتي كشف عنها أنذاك (عوديد يينون) الموظف السابق في وزارة الخارجية الإسرائيلية مستندا الى احدى وثائق الخارجية الإسرائيلية المسربة، وأهم ما جاء فيها: (ان العراق الغني بالنفط من جهة، والذي يكثر فيه الانشقاق والأحقاد في الداخل من جهة اخرى، هو المرشح المضمون لتحقيق أهداف اسرائيل. إن تفتيت العراق هو أكثر أهمية من تفتيت سورية لأن قوته تشكل في المدى القصير خطرا على إسرائيل اكثر من أي خطر آخر. وحرب عراقية سورية، أو عراقية ايرانية سوف تفتت العراق و تؤدي به الى انهيار في الداخل قبل أن يصبح في إمكانه التأهب لخوض صراع على جبهة واسعة ضدنا وكل مواجهة بين الدول العربية (مع بعضها بعضا) تساعدنا على الصمود في المدى القصير، وتختصر الطريق نحو الهدف الأسمى وهو تفتيت العراق الى شيع مثل سورية ولبنان. وفي العراق سوف يكون التقسيم لإقليمي والطائفي متاحا،كما كان الوضع في سورية في العهد العثماني). ولهذا السبب فقط أعطت الصهيونية الامريكية الضمانات والضوء الأخضر للرئيس الراحل صدام حسين (رحمه الله) لدخول قواته الكويت على انها ارض عراقية بحيث كان هو لايتوقع الحرب حتى آخر لحظة وهذا هو الخطأ الذي ارتكبه صدام لانه كان المفروض به عدم إعطاء الذريعة للعدو لضرب العراق الذي يعني ضرب العرب جميعا بشكل او باخر.

 

هذه الأهداف الصهيونية الامريكية هي نفسها الأهداف الفارسية التي اوصي بها خميني قبل وفاته والتي لخصها بثلاثة اهداف منها بل أولها هو احتلال العراق. وقد اصبح من الواضح للقاصي والداني كيف اجتمعت الصهيونية وامريكا والفرس على هدف اضعاف العراق مما سهل لهم التمدد واضعاف واستهداف الدول العربية الأخرى.

 

الصهاينة لا يهمهم الشيعة ولا السنة ولا الاكراد دون العرب ولكن يهمهم ان يبقى هؤلاء منقسمون لهذا جاء الصهيوني بول بريمر بدستور طائفي كتبته ايدي الذين تم جمعهم من الشوارع واصبحوا حكام لصوص في يوم وليلة وحسب اعتراف بول بريمر نفسه وسيده المجرم الصهيوني جورج بوش. إسرائيل سوف لن ولم تتخلى عن دورها وأهدافها المخربة تجاه الشعب العراقي بكافة اطيافه و لابد ان يكون ما سمي بمؤتمر السلام في أربيل لبنة صهيونية أخرى على مسار تدمير العراق و منع الشعب من استرداد وطنه المغتصب وتكريس التقسيم الطائفي والعرقي. اننا لا نثق على الاطلاق بإسرائيل بسبب دورها المخرب في العراق وان إسرائيل غير مستعدة للاعتذار للعراق عن تدخلاتها السابقة وبالخصوص تدمير مفاعل تموز النووي السلمي ودورها في الحرب العراقية الإيرانية وحرب عام ٢٠٠٣ وما تلاها؟.