الحياة هي مواقف و حكايات فمنذ ان بدأت الحياة البشرية على وجه البسيطة فانها تجري دون توقف و الانسان يواصل سعيه من أجل لقمة العيش و لا يكاد يأتي موقف و أصبح الموقف السابق جزءاً من الماضي أما السعيد أو المرير و سمي الانسان انساناً لكثرة نسيانه كما يقال .
و أن الحياة تقاس بالمواقف فعلى الرغم من ملايين السنين فلا يذكر منها الا المواقف المتعددة لأناس سجلوا تاريخاً لهم و لبلدانهم سواء في الناحية السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية و حتى الثقافية و الفلسفية .
و الشعب الكوردي كجزء من البشرية مر بما مر به الجميع و عرف عنه الكرم و الشجاعة و الفداء و قوة الارادة و في مراحل عديدة تمسك بزمام الامور في منطقتهم باسماء و عنواين متعددة من الدولة و الامارة و الجمهورية ولكنهم في احيان اخرى كانوا هدفاً لاطماع الشعوب القوية .
و في تاريخنا الحديث دافع هذا الشعب بكل بساله عن حقوقه القومية المشروعة في بناء كيان سياسي مستقل له يشعر في ظله بأنسانيته و دوره في بناء الحضارات الانسانية و قام بالثورات و الانتفاضات و سجلوا اروع الامثلة في الشجاعة و الفداء .
و نتيجة للتطورات السياسية و الاقتصادية و العسكرية التي تمر بها العالم اجمع و الشرق الاوسط على وجه الخصوص عملت القيادة السياسية الكوردستانية بكل جهوده من اجل الحصول على الدعم الدولى المطلوب للاعلان عن دولة الحلم و أصبح موقفاً سجل في التاريخ بحروف من الذهب و لكن في الجانب الاخر ترفع اصوات من هنا و هناك داخل الجبهة الداخلية بعدم احقية هذا الشعب و عدم ملائمة الظروف للاعلان عن دولته بحجج و براهين واهية ففي حين اعلن الرئيس (مسعود بارزانى) عن الأستعداد لاجراء استفتاء قانوني لأقرار مصيره و ان الشعب الكوردى أصبح على أبواب الاعلان عن دولته و الظروف مناسبة إلا أن موقف العديد من
الاتجاهات السياسية و الاشخاص تظهر على حقيقتها و تعلن رفضها و عدم مناسبة الضروف لاتخاذ مثل هذه خطوة حتى وصلت الحاله الى الاعلان عن اقامة دعوة قانونية بحق حامل راية الدولة الكوردية السيد (مسعود البارزاني) و ضرورة البقاء مع العراق كدولة و لكن التاريخ لا يرحم فكل المواقف تسجل و ان من يخدم شعبه و يناظل من اجل حقوقه سيدخل التاريخ على اوسع ابوابه و الاخرون ايضاً سيذكرهم التاريخ و لكن مع الاختلاف في التقييم و هكذا فان المواقف الصعبة التي تكشف عن حقيقة النفس البشرية و ما تحفيه من اسرار و مكامن , ممثلما ان المعادن تظهر حقيقتها بالصقل و الضرب فان الانسان بالمواقف يظهر على حقيقته .
ان القضية الكوردية التي أصبحت الشغل الشاغل في الوقت الحاضر على المستويين الدولي و الاقليمي و اتخاذ المواقف تجاه هذه القضية يظهر العديد من الاطراف الداخلية و الخارجية على حقيقتها بين سلبية و ايجابية و لكن يبقى من يناظل من اجلها بارادة صارمة مدافعاً عنها حتى تصل الى مستقرها و بر الامان و ان الطريق نحو بناء الدولة الكوردستانية لايخلو من الصعاب و تعدد المواقف و لكن وفق كل المعطيات الدولية و الداخلية باتت قريبة من المنال .
فأن ماء النهر تشق طريقها رغم العوائق و ان نور الشمس لا يحجبها غيمة مؤقتة فشمس الدولة تلوح في الافق و الامل معقود بالنظال و الارادة القوية و تحمل الصعاب فان الازمات المالية و السياسية يكشف العديد من الحقائق و الاسرار .