تتبارى المجتمعات والدول, وتتنافس فيما بينها, من خلال ما توصلت إليه من التطور العلمي, والذي يعد أساس التقدم البنيوي لكل بلد, في مختلف الاتجاهات.
العلم ميزان التميز للمجتمعات, ودائما ما نرى إن المجتمعات المتطورة, هي أكثرها رعاية للعلم والعلماء.
الرسالات السماوية حثت على العلم والتعلم, والاستزادة منه, قال تعالى “وقل ربي زدني علما” وحث أيضا على ذلك, معلم الإنسانية الأول, رسول الله محمد (صلى الله عليه واله وسلم) إذ قال “اطلبوا العلم ولو كان في الصين” “اطلب العلم من المهد إلى اللحد”.
كل هذا المأثور, يدل على الحرص على طلب العلم, والنهوض به.
لا يمكن النهوض بالعلم, ولا يمكن أن نشكل نقلة نوعية, في ارتقاء سلم المجد, إلا من خلال دعم المؤسسات التعليمية, ووضع الخطط والبرامج المشجعة على التعلم.
لغرض أن نبني مجتمع متحضر, وفي مصاف الدول المتقدمة, يجب على الدولة أن تهتم بتطوير المؤسسات التعليمة, من خلال إنشاء بنى تحتية ذات قيمة نوعية.
يستلزم لأجل ذلك, بناء مدارس نموذجية, ذات قدرة على استيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة.
نستغرب كثيرا, إن هذه الميزانيات الضخمة والتي تجاوزت مئات المليارات من الدولارات, يقابلها واقع مزري للمدارس, فلازلنا نجد المدارس الطينية والمدارس المبنية من القصب.
كذلك, نجد المدارس المزدوجة, فالأمر جدا معيب على وزارة التربية, وعلى الحكومة, أن نجد بناية مدرسة واحدة, فيها ثلاث مدارس تتناوب على الدوام, بوقت اقل, الأمر الذي يؤثر حتما على قيمة المادة العلمية المستقاة من الدرس.
حتى وصل الأمر من شدة ازدحام المدارس, نجد في الصف الواحد, أكثر من خمسين تلميذ, في حين إن المواصفات القياسية, لخبراء التربية, هي إن الصف يجب أن لا يضم أكثر من عشرين تلميذ, لغرض أن يحصل الجميع على المادة العلمية.
هذا الأمر يجعل التلاميذ يفترشون الأرض, لعدم وجود مقاعد جلوس دراسية كافية.
الأغرب من هذا كله, الصمت الحكومي عن هذا الموضوع.
فمع تردي الواقع التربوي, ومع سوء الأحوال الاقتصادية والفقر, نجد أن تسرب الطلبة صار مألوفا في العراق, حتى وصل الأمر إلى إن العراق, يمتلك أكثر من ستة ملايين أُمي, حسبت الإحصاءات.
لم تتخذ الحكومة للان, أي خطوات عملية للنهوض بالواقع التعليمي في العراق, الم يسمع المسؤول العراقي عن المهاتير محمد رئيس ماليزيا الأسبق وعرَّاب نهضتها.
مهاتير محمد ذاك الطبيب الفقير, الذي حينما تسنم مهام إدارة دفة البلد, كان صريحا مع شعبه وواضحا معهم, فقد وضع خطة 2020 أو ما تسمى عشرين عشرين, وهو الخط الزمني, لجعل ماليزيا في مصاف أول خمس دولة ناهضة على مستوى العالم.
كانت خطة مهاتير محمد, لنهوض ماليزيا, تنص في أول خطها, بجعل ميزانية الدولة لمدة خمس سنوات مخصصة للبعثات العلمية, ثم بعدها تشرع ماليزية بنهضتها, تلك النهضة نجدها اليوم متجسدة على ارض الواقع.
لقد جعل مهاتير من ماليزيا, البلد الفقير, والمعتاش على الزراعة, جعله بلدا يعانق السحاب ويشار له بالبنان.
إذا أردنا أن نعانق نحن السحاب كذلك, ونشيد بناء وطننا, فعلى حكومتنا القادمة التوجه لبناء المؤسسات التعليمية, على مستويين: أولهما البنى التحتية, وثانيهما النوعية في المادة العلمية, لكي يزدهر البلد ويعانق السماء رفعةً.