20 ديسمبر، 2024 7:20 ص

بالعراقي الفصيح : خطاب الطائفة والدولة (باسم الدين باكونا الحرامية )!!

بالعراقي الفصيح : خطاب الطائفة والدولة (باسم الدين باكونا الحرامية )!!

ما زال الخطاب السياسي في عراق اليوم لا يتجاوز نبرته الطائفية في التعامل مع غضب الشعب على قادته الممثلين له في مجلس النواب والحكومة والسلطة التشريعية ” شلع قلع” كما عبر عنها زعيم التيار الصدري ، لكن كل ذلك لم يؤسس لخطاب وطني عراقي يمكن ان ينتهي الى عقد اجتماعي جديد يؤسس لسياسات عامة وطنية تعمل على إيجاد الحلول العراقية للازمة الوطنية دون الالتفات الى وصايا إقليمية او دولية ، كل منها يريد مصالحه الوطنية فأميركا او ادول الاتحاد الأوربي ودول الجوار بأجمعها تتفق مع مقولة السياسي البريطاني ونستون تشرشل ” لا توجد عداوات دائمة او صداقات دائمة بل توجد مصالح دائمة ” .
السؤال المطروح: هل قادة العراق في فعالياته الاجتماعية والدينية والسياسية غير قادرة على فهم هذه الحقيقة وتجاوز الطائفية السياسية والتعامل مع العراق بحقائق موضوعية تتماهى مع مصالح الجميع ؟؟
يمكن ان ينبري الكثير من المعلقين بان هؤلاء جاهدوا طغيان نظام صدام الدكتاتوري، وان أمواج من الشهداء والسجناء السياسيين هم نبراس الحرية في عراق اليوم والتي تجعل مثلي يكتب دون ان يخشى عقاب ، لكن دعونا نتساءل في المقابل كيف انتهى العراق اليوم الى امقت صورة طائفية وصل الى تفريق حتى الأزواج بعد سنوات بسبب الطائفية ومدها الملتهب في التصريحات والخطابات السياسية بل وحتى عبر المنابر الدينية المعروفة بنعيقها الطائفي المقيت من جميع الأطراف .
أي تحليل موضوعي لخطاب الدولة والطائفة لابد وان يميز بين نموذجين معروفين في العقد الاجتماعي ، ويبدو ان الاجندات الحزبية لمن كتب الدستور العراقي بمقاسات انتهت الى جعله يتعامل مع مكونات اجتماعية وليس مع شعب كامل ، ومنهم من يحمل شهادات عليا في القانون الدستوري ، لم يضع امامه حقيقة الوصول الى صيغة تواصل اجتماعي على اقل تقدير بين اطراف الشعب بتنوعاته المذهبية ، لان الواقع الصحيح هناك فوارق ما بين المواطن وحرياته المكفولة بموجب الدستور وبين واجبات المواطنة في تعامله مع الدولة وقوانينها النافذة هذا النموذج من العقد الاجتماعي مغيب كليا عن السياسات العامة لتطبيق الدستور في نصوصه الجميلة ، لتنتهي الى تطبيقات طائفية تحاكي الاجندات الحزبية التي قدمت ليس على موجة الشهداء بل سحقت حقوقهم وانتهت الى بيدق على رقعة شطرنج المصالح الخارجية التي تمول احزابهم والتي تمزق البلد وتشتته بحرب لم تنته حتى الان تحت عناوين شتى ، مرة باسم الحرب على البعث واجتثاثه في وقت كان من الاجدر على الدولة الجديدة استيعاب الجميع ومناهضة الأفكار وليس الأشخاص ، مرة أخرى تحت عنوان حقوق المكون الأكبر ، لكن الاكراد ردوا على ذلك بعدم مواقفتهم على دكتاتورية المكون الشيعي الأكبر ، وأخرى تحت عنوان حقوق تاريخية استحضرت شتات التاريخ في موارد تفرق الامة ولا تجمعها ، وأخرى تحت عنوان الانتقال الى نظام السوق ، فانتهى العراق الى سوق مفتوحة لكبار السراق والنهابين !!
واي مناقشة لما وصل اليه عراق اليوم من نتائج مأساوية، يأتيك الجواب متعجلا ، بان أسوأ أنواع الديمقراطية افضل من الدكتاتورية ، فهل قيمة الديمقراطية اليوم صحيحة في نتائجها ام ان هذه النتائج ليست اكثر من خديعة لشعب عرف فيه الجهل بحقوقه اكثر من معرفته بقادته الذين يبحثون فقط عن مصالحهم في مظاهر انتهت الى عودة نظام العشيرة ورجل الدين بعد غياب الدولة وقانونها ؟؟
الجواب الأكيد ان أي مقارنة بين نتائج الانتخابات العراقية والاستفتاء على الدستور العراقي ، يمكن ان تختلف فيه النتائج ما بين لجان المراقبة الدولية وبين النتائج المعلنة لأسباب دولية وإقليمية ، وهنا تكمن الطامة الكبرة في الخطاب الطائفي ، بانه قائم ومتنفذ لان جهات إقليمية ودولية تضعه ضمن مخططاتها ، فيما يقتل العراقيون في التفجيرات والحرب العبثية بوجود الإرهاب الداعشي ، فقط لان قادة البلد الجدد القادمين على ظهر الدبابة الامريكية ، ديدنهم فقط المحافظة على امتيازاتهم ومواكبهم الرئاسية ، دون الالتفات لمستقبل العراق ، فهناك من يروج الخطاب الطائفي تحت عنوان نصرة المذهب ، شيعي كام ام سنيا ، فيا كلا المذهبين براء من هذه الدعوات الطائفية ، لان قول الرسول الكريم ” اختلاف امتي رحمة ” يتنافى مع أي خطاب طائفي ، والاختلاف في التفسير المذهبي لم يكن محل خلاف مجتمعي يصل حد الاقتتال الا في عهود السلاجقة والبويهيين والدولة الفاطمية ،ثم تجسد بوضوح في الصراع ما بين الدولة الصوفية والدولة العثمانية على احتلال العراق وحكمه باسم الطائفة ، فهل يمكن لأصحاب المنابر توعية الناس بحقيقة النزعة الطائفية التي ظهرت في القرون الوسطى ” بعد غيبة الامام المهدي عجل فرجه الشريف ” كما سبق وان فعل الدكتور علي شريعتي في كتابه المعروف ” التشيع العلوي والتشيع الصوفي ” هل يمكن لمكاتب
تقريب المذاهب ان تعقد مؤتمرات متتالية فقط للانتهاء من الخطاب الطائفي وإيجاد ميثاق إسلامي يضع الأمور في نصابها الصحيح للامتناع عن الغاء الاخر فقط لاختلاف مذهبه ؟؟
بمعنى أوضح لم تكن هناك اقتتالات طائفية الا في نزعة الثورة على الدولة بعنوان الإصلاح، وليس بعنوان الحق في السلطة لطائفة معينة، ولم يكن هناك أصلا في التاريخ الإسلامي وفي سيرة اهل البيت الاطهار عليهم السلام أي نموذج من الدعوة للاقتتال مع الاخر بعنوان ” ناصبي” فكيف ظهرت هذه النزعة اليوم التي تستحضر موروث جهات لها نزعتها القومية فارسية كانت ام تركية لكي تعبث بالفكر الإسلامي في القرن الحادي والعشرين، عصر التنوير المعرفي ما بعد الحداثة ؟؟
وهل كانت أفكار ابن تيمية الا أفكارا لوقتها وعلى ما عصره يتطلب، حتى يقتل المرء اليوم باسم هذا التراث عبر الفكر الوهابي فقط لأنه من الطرف الاخر ؟؟
كل ذلك يتطلب ان تعاد قراءة الفكر الإسلامي وليس الدين الإسلامي، لان الدين لله تعالى واسمى واعظم من إعادة قراءته، لكن الأفكار التي جعلت العراقي يرفع شعاره الكبير ” باسم الدين باكونا الحرامية ” هي التي تتطلب إعادة القراءة والتحليل المنطقي .
الخطاب الطائفي افة اجتماعية، وسياسات المحاصصة وترويجها داخل مؤسسات الدولة، السبب المباشر في حماية الفاسدين والمفسدين ، فهل هناك مرجعية دينية تستنهض همتها لعكس صورة الإسلام الصحيح في التصريح والتطبيق سؤال مطروح امام الجميع لعل عناك من يرد !!

أحدث المقالات

أحدث المقالات