23 ديسمبر، 2024 12:25 ص

بالحبر الأبيض ـ سيرةٌ صحفيةٌـ (١٨) / تحت عباءة الدكتاتور!

بالحبر الأبيض ـ سيرةٌ صحفيةٌـ (١٨) / تحت عباءة الدكتاتور!

وجَّه المناوئون للوضع الجديد بعد التغيير النيساني سنة ٢٠٠٣ م ثلاث رسائل دموية خلال عشرة أيامٍ استهدفت رموزاً دولية ، ودينيةً، وسياسيةً، كان هدفها سحب الغطاء الدولي عن البلد، واظهاره بيئةً غير آمنةٍ.
إبتدأ أول هذه الرسائل ظهيرة يوم الثلاثاء الموافق ٢٠٠٣/٨/١٩ م حين وقع انفجارٌ هائلٌ لشاحنة سمنت ملغمة في مقر الأمم المتحدة في فندق (القناة) شرقي بغداد أسفر عن مقتل اثنين وعشرين شخصاً ، وجرح نحو مئة آخرين .
كان من بين القتلى مبعوث الأمم المتحدة في العراق : البرازيلي سيرجيو فييرا دي ميللو.
يعود عمل دي ميللو (٥٥ عاماً)  في الأمم المتحدة إلى أكثر من ٣٠ عاما قضاها في مناطق صراع ، وكانت له جهودٌ متميزةٌ في إرساء دعائم السلام أينما حل ، فقد كان رئيساً لإدارة الأمم المتحدة الانتقالية في تيمور الشرقية، وساعدها  نحو تحقيق الاستقلال، كما عمل في كوسوفو، وبنغلاديش والسودان، وقبرص، وموزمبيق، وبيرو في مهمات حفظ السلام ، فضلاً عن عمله مع مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف، وفي مقر الأمم المتحدة بنيويورك وكيلاً للأمين العام للشؤون الإنسانية ، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ ، وقد عيَّنه كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة ممثلاً عنه بعد حرب تحرير العراق سنة ٢٠٠٣م.
استخدم فندق القناة مقراً للأمم المتحدة منذ عام ١٩٩١ م إذ كان يشغله نحو ٣٠٠ من أفراد الأمم المتحدة من مجموع ٦٤٦ شخصاً يعملون في العراق .
كانت المؤرخة الدكتورة عالية أحمد سوسة  من بين الضحايا وقد  كانت تعمل موظفةً في منظمة البنك الدولي ، وهي من مواليد بغداد سنة ١٩٤٩م، وحاصلة على شهادة البكالوريوس من الجامعة الأمريكية ببيروت ، والماجستير من جامعة لندن ، والدكتوراه في التاريخ من جامعة السوربون بفرنسا ، ودرَّستَ في قسم التاريخ في كلية الآداب بجامعة بغداد للمدة من سنة ١٩٧٦م ـ ١٩٩٠ م ، ووصلت إلى درجة أستاذة مساعدة ، ثم طلبت إحالتها على التقاعد،  كما عملت خبيرةً في المجلة الدولية لدراسات الشرق الأوسط في واشنطن ، ومحررةً للقسم الإنكليزي في مجلة المؤرخ العربي في الثمانينيات.
قال الدكتور موفق الربيعي لإذاعة الـ(بي بي سي) مساء الأربعاء الموافق ٢٠٠٣/٨/٣٠ م :  ( إنَّ دي ميللو كان عراقياً أكثر من العراقيين، وكان يعمل أكثر من ست عشرة ساعة في اليوم) .
رثى الشاعر والمترجم الدكتورعبد الهادي فنجان الساعدي دي ميللو بقصيدةٍ عنوانها (مرثيةٌ إلى شهيد السلام دي ميللو) (وهي القصيدة الوحيدة التي كُتبت في حق هذا الرجل العظيم على حد علمي) يقول فيها : ( دي ميللو / يا رسول السلام / أين تسكن الدموع/ هاهو جسدك المسجى/ ينضح دماً أحمر/ إلا يدك../ فهي بيضاء / كقلبك النابض بالحب /.. دي ميللو/ أيها الفدائي المسالم العظيم/ لقد تقاسمت الموت معنا / فخذ ضغثاً من تراب العراق / كي تتوسده في القبر) .
أما الرسالة الدموية الثانية فقد وصلت إلى السيد محمد سعيد الحكيم حفيد المرجع محسن الحكيم ؛ فقد تعرض يوم الأحد الموافق ٢٠٠٣/٨/٢٤ م إلى محاولة اغتيال بقنبلةٍ ربطت بقنينة غاز ألقيت على بيته أودت بحياة اثنين من مساعديه ومواطناً ،وأُصيب السيد بجروح طفيفة،ودمُر جزءٌ من البيت.
يأتي ذلك بعد اسبوعين من تعرض ابنه (محمد حسين) إلى محاولة اغتيالٍ فاشلةٍ ، وتحمل كلتا العمليتين بصمات أتباع النظام السابق.
لنعد قليلاً إلى الوراء فنعرف شيئاً عن مكانة عائلة الحكيم تلك المكانةٌ  المتميزةٌ لدى العراقيين خاصةً المرجع السيد محسن الطباطبائي الحكيم (١٨٨٩م ـ ١٩٧٠م) وكان من كبار المراجع الدينية ، وهوالذي أفتى بحرمة قتال الكرد بتاريخ ١٩٦٥/٧/٥م ، برغم ما تجره عليه مثل هذه الفتاوى من مشكلات لتعارضها مع سياسة الحكومة ، وكانت البيوت لا تخلو من صوره معلقةً على الجدران، حتى صار مرآها معتاداًعندنا منذ الطفولة.
يذكر من عاش تلك الحقبة كيف كان صوت المرجعية الدينية قوياً برغم قوة المد القومي والمد اللاديني . وحين توفى محسن الحكيم رحمه الله لف الحزن العراق كله، وظلت تجوب المناطق الشعبية على مدى ثلاثة أيام من وفاته مسيرةٌ كبيرةٌ لشبابٍ متحمسين ، كانوا يضربون على صدورهم ويهتفون:
يا لها من نكسةٍ فاجعةٍ
بأبيها القائد الفذّ الحكيم
كانت الرسالة الثالثة دمويةً، ومدوّيةً بإمتياز، ولعلَّ الرسالتين السابقتين كانتا تمهدان لهذه الرسالة ؛ فقد نجحت المحاولة الثامنة  في سلسلة المحاولات لاغتيال السيد محمد باقر الحكيم (١٩٣٩ م ـ ٢٠٠٣ م) منذ عودته إلى النجف يوم ٢٠٠٣/٥/١١ م بعد غربةٍ استمرت ٢٣ سنة.
وقعت الحادثة في يوم الجمعة الأول من رجب /١٤٢٤م الموافق ٢٠٠٣/٨/٢٩ م ( وهو أول يومٍ في الشهر الحرام) وهي الجمعة الرابعة عشرة التي يؤدي فيها الحكيم صلاة الجمعة في الصحن الحيدري، قرب مرقد الامام علي في النجف الأشرف ، وقد ذكر في خطبته الأخيرة قبيل اغتياله ـ كما نقلت ذلك قناة (سحر) الإيرانية ـ قضية استهداف بقايا النظام للمراجع الدينية.
قال لي الصحفي عدنان محمد قاسم وكان من زملائي في جريدة (العراق) : إنَّه كان يوم الحادث مع عائلته في مرقد الامام علي ، وحضر الصلاة ، وخرج من الباب المقابل لباب الطوسي الذي خرج منه السيد الحكيم ، فحدث الانفجار المروع ، وكان دويُّه مسموعاً حتى لمناطق بعيدة عن محيط النجف ـ كما ذكر قادمون فيما بعد ـ ولم يجد عائلته إلا بعد بحثٍ مضنٍ في الساعة السادسة مساءً.
وقد اعترف (أبو أنس الشامي) (عمر يوسف جمعة صالح)  (فلسطيني الأصل ، أردني الجنسية، مولودٍ في الكويت)
( ١٩٦٩ م ـ ٢٠٠٤ م)  وهو المفتي الشرعي لتنظيم التوحيد والجهاد، ونائب  الزرقاوي على مواقع التواصل الاجتماعي أنَّ منفذ عملية اغتيال السيد محمد باقر الحكيم هو شخصٌ أردنيٌّ يدعى (ياسين جراد)، وهو والد الزوجة الثانية للزرقاوي ، وقد لغَّم سيارة إسعاف ، وفجرها بُعيد خروج السيد الحكيم من الصحن مباشرةً  ظهيرة الجمعة.
أمّا مخطط العملية فهو ضابطٌ سابقٌ بالحرس الجمهوري يُدعى ( ثامر مبارك الريشاوي) ، وقد قُتل في معارك الفلوجة بقصفٍ أمريكيٍّ  مطلع شهر نيسان سنة ٢٠٠٤ م ، وهو شقيق (ساجدة الريشاوي) التي أُدانتها محكمة أردنية سنة ٢٠٠٦م بتهمة الاشتراك بتفجير أربعة فنادق أردنية شهر تشرين الثاني سنة ٢٠٠٥ م في عمان راح ضحيته نحو ستين شخصاً في حفل زفافٍ، من بينهم : المخرج العالمي مصطفى العقاد. لكنَّ حكم الإعدام لم ينفذ الا بعد عشر سنوات  في فجر يوم الأربعاء الموافق ٢٠١٥/٢/٤م ؛ رداً على إحراق تنظيم داعش للطيارالأردني (معاذ الكساسبة) بعد سقوط طائرته في الرقة شمال سورية يوم ٢٠١٤/١٢/٢٤ م ، وبعد أن فشلت المفاوضات بين التنظيم والأردن بشأن صفقة تبادل الريشاوي بالكساسبة ورهينة ياباني،؛ فانتهت المفاوضات بإحراق الكساسبة ، وقطع رأس الرهينة الياباني ، وإعدام الريشاوي مع أربعة آخرين من المدانين من بينهم زياد الكربولي !
أُقيم للحكيم تشييعٌ جماهيريٌّ مهيبٌ كبيرٌ، وقد سار المشيعون مع الجنازة نحو مئتي كيلو متر راجلين، و راكبين من بغداد إلى كربلاء ثمَّ النجف الأشرف حيث دُفن في ساحة ثورة العشرين .
كنتُ حاضراً مع المشيعين أمام جامع براثا في منطقة العطيفية ببغداد ، وكانت الإجراءات الأمنية مشددةً ؛ تحسباً من وقوع تفجيرات أُخرى ، ومع ذلك سار المشيعون هاتفين:
ياعلي أعذرنا إحنا مقصرين
لا نصرنا الصدر لا ابن الحكيم
وكانت مجاميع أخرى تهتف :
يا ويلي على المظلوم
جسمه من الغسل محروم
وقد رثى الشاعر الشعبي خضير هادي ( ١٩٦٢ م ـ ٢٠١٩م) الحكيم بقصيدةٍ مؤثرةٍ جرى تلحينها وانتشرت على نطاقٍ واسعٍ ، وفُسرت على أنَّها محاولةٌ من الشاعر لتصحيح المسار، تقول كلماتها :
يلله صبو دمــوع من دم علحكــيم
حيل كسرو ضلوعكم دگ علحكـيم
يرحــم الله آيـًــــــة الله الحكــيم
ريـــت إيـــد المسته مشلولـــة
…نتاني بيك سنين تشفي جراحنا
احنا مَنْ شيعك نشـــيع أرواحنا
متنا بعدك والفرح مـــا لاحنا
يا حـكـــيم أرواحــنا مكـتولة
في مساء الأحد الموافق ٢٠٠٣/٨/٣١ م أعادت قناة المنار اللبنانية حواراً مع السيد محمد باقر الحكيم طوله ساعتان إلا ربعاً ، ضمن برنامج عنوانه (منتصف الطريق) كان قد عرض يوم ٢٠٠٣/٢/٢ م في القناة نفسها ، ولم نحظ وقتها بمشاهدته ؛ لأنَّ الستلايت كان محظوراً علينا إلا في دوائر محدودة من بينها الصحف الحكومية، ولأشخاصٍ محددين ، وكنتُ حين أصعد إلى غرفة الإنصات في الطابق الثالث لمبنى جريدة (العراق) أتابع بدهشةٍ  النشرة الخبرية لقناة الجزيرة التي تركز على الأحداث لا الشخصيات، وحين أعود إلى البيت لا أحتمل متابعة النشرة الخبرية لقناة (العراق) التي تتصدرها  أخبار (القائد) ، فأهرع إلى المذياع ، ولا أجد بُغيتي إلا في إذاعة الـ(بي بي سي) التي كنت أُسميها فضائية الفقراء!
أعود إلى المقابلة التي أجرتها قناة المنار للسيد محمد باقر الحكيم ، ومما جاء فيها قول السيد : إنَّه أول من أعلن صراحةً معارضته لصدام سنة ١٩٨٢م، وتحداه أن يجري استفتاءً  في العراق لبيان من هو الأجدر بالرئاسة مما أدى إلى أن يذكره صدام في حديثٍ تلفزيوني، لكنَّه بدلاً من أن يُجري استفتاءً اعتقل عائلته، وقتل ستةً من إخوانه، وسبعةً من أولاد أخيه ، حتى وصل شهداء آل الحكيم من العلماء إلى سبعةَ عشرَ شخصاً، ومن العائلة كلها وصل عدد الشهداء إلى اثنين وستين شهيداً!
وبشأن رؤيته لحكومةٍ اسلاميةٍ قال : إنَّ هدف الأنبياء هو إقناع الناس بتطبيق أحكام الله فإذا لم يقتنعوا فإن حسابهم على الله !
وسأله المُحاور : هل هناك تغيير في سياسة أمريكا ؟
ردَّ قائلاً : إنَّ سياسة أمريكا كانت تقوم على إشعال الحرائق، وبعد الحادي عشر من أيلول /سبتمبر /٢٠٠١ م وجدوا أنَّ الحرائق وصلتهم ؛ فاعتمدوا سياسة إطفاء الحرائق !
في مساء الإثنين الموافق ٢٠٠٣/٩/١م بثت قناة الجزيرة مقطعاً من شريطٍ منسوبٍ للرئيس العراقي المخلوع نفى فيه مسؤوليته عن قتل الحكيم ، وردَّ عليه الشيخ (أسد محمد قصير) في برنامج (معاً على الهواء) على قناة (سحر) الإيرانية بالقول  : إنَّ هذا يدل على وحشية هذا العمل وفظاعته إلى درجة جعلت السفاح صدام يتبرأ منه !
أما السيد حسن نصر الله فقد قال في قناة (المنار) اللبنانية يوم الثلاثاء الموافق ٢٠٠٣/٩/٢م  : إنَّ فرضية ضلوع أنصار صدام في حادث التفجير منطقية لما له من سوابق في تصفية العلماء، والمراجع.
ظلت شهية الإرهاب مفتوحةً إلى المزيد من القتل ، والتخريب ففي مساء الاثنين الموافق ٢٠٠٣/٩/٨م بثت قناة الجزيرة خبراً عن نجاة المرجع بشير النجفي من محاولة اغتيال قام بها مسلحون الليلة الماضية، وقد جرح ثلاثة أشخاص، وألقي القبض على أحد المهاجمين واعترف أنَّه من فدائيي صدام.
في اليوم نفسه نشرت صحيفة ( اليوم الآخر) في عددها (٣٠) الصادر يوم الاثنين الموافق ٢٠٠٣/٩/٨ م مقالاً عن تسلم سعد البزّاز مليون دولار للمساهمة في إنتاج فلمٍ إيطالي قصير يزعم تقطيع أوصال أسيرٍعراقيٍّ بسحبه بسيارة إيرانية مطلع الثمانينيات، وقد كتب المقال كاتبٌ يُدعى (وجيه عباس)!!
وكانت الكذبة السينمائية الملونة قد بنيت على معركةٍ حقيقيةٍ وقعت في محافظة البصرة يومي ٢٨ و٢٩ /١١/ ١٩٨١ م سميت بمعركة (البسيتين) حين أسرت القوات الإيرانية أكثر من ثلاثة آلاف ضابط وجندي عراقي من اللواء المدرع ٢٦ من الفرقة الآلية الخامسة في الجيش العراقي .
وأظهر الفلم المفبرك عسكرياً عراقياً  يفترض أنَّه أسر في معركة البسيتين بالبصرة، وجرى تقطيع أوصاله ببشاعة وترتب على ذلك اختيار يومٍ هوالأول من كانون الأول من كل عام للاحتفال بيوم الشهيد.  لكنَّ تلفزيون إيران ردَّ على هذه الكذبة الكبرى بعرض كواليس إنتاج هذا الفلم القصير فاتضح أنَّ شركةً ايطاليةً أنتجت هذا الفلم، وباعته للعراق، أمّا الممثلون فهم ايطاليون وليسوا عراقيين ( هل هناك شبهٌ بين الطليان ، ومَنْ  تنطلي عليه هذه الكذبة ؟) ، ويظهر الجندي الممثل الذي قُطعت أوصاله، وهو يضحك لأنه أخفى يده في معطفه وركبت له يدٌ صناعيةٌ !!
التقيت في جريدة (التآخي) يوم الثلاثاء الموافق ٢٠٠٣/٩/١٦ م الصحفي والمترجم والشاعر الموصلي في النمسا (بدل رفو المزوري) (بدل محمد طاهر)، وقد تكرر لقائي به، وهو مراسل جريدة (الزمان) من دون مقابل: كما يقول ، ويشعر بالاحباط لأنَّ وجوه البعثيين هيَ هيَ لم تتغير، خاصةً في نقابة الصحفيين !
وبرغم جهود رفو كمراسل للزمان في النمسا، واجرائه حوارات مهمة منها حوار مع النجم الشهير (فرانكو نيرو) الا أنَّه لا يتقاضى أي أجر، وقد قابل سعد البزاز وحثه على إعطاء أحد المراسلين المحتاجين مبلغاً فأمر البزاز بصرف مئتي دولار له !
يقول بدل رفو: قلتُ للبزاز : إنَّ مبلغ مئتي دولار لا ينفع من يعيش في دولةٍ أوربية إنَّما قد يفيد من يعيش في العراق أو موريتانيا !!
وبشأن انطباعه عن النمساويين قال :إنَّ الشعب النمساوي
شعبٌ مثقفٌ يعتقد أنَّ ألمانيا يمكن أن تعود إلى النمسا يوماً ما!
أضاف : إنَّ الفدرالية مطبقة هناك بنجاح بحيث أنَّي لم أحتج العاصمة طوال أربع سنوات من اقامتي في المدينة التي ولد فيها هتلر، وهو نمساوي الأصل !
أضاف : إنَّ الرئيس النمساوي يمشي بلا حماية ، وأنَّ الشعب يتحدث الألمانية ، ويحب الأجانب الذين يتكلمون لغته ويعرفون شيئاً عن حضارته .
مع تسارع وتيرة الأحداث، واتخاذها الحلول الدموية صرتُ على يقين بأنَّ البلد مازال تحت عباءة الدكتاتور، وأنَّ  الآراء التي صدرت من بعض المسؤولين، وصدمتنا كانت بعيدةً عن الأحلام ، وقريبةً من الواقع ، ومنها أنَّ وزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد كتب مقالاً في صحيفة وول ستريت جورنال في ٢٠٠٣/٥/٢٧م عنوانه (مبادئ جوهرية لعراقٍ حر) أعادت نشره جريدة (التآخي) في عددها الصادر يوم الاثنين الموافق ٢٠٠٣/٦/٢ م جاء فيه : (إنَّها الآن مجرد سبعة أسابيع منذ تحرير العراق ، والتحديات هناك ، وكما قال توماس جيفرسون :علينا الا نتوقع بأن ننتقل من الطغيان إلى الحرية على فراشٍ وثيرٍ)
قص عليَّ الصديق عبد الهادي فنجان الساعدي هذه الحكاية المعبرة إثر جدل يدور بشأن التعاطي الأفضل مع  داعمي النظام السابق.
قال : سرق لصٌ سيفاً ورداءً لأحد شيوخ العشائر، فلما فظفروا به وجاءوا به إلى الشيخ ، إستشار أصحابه بنوع العقوبة.
فقال الأول  : نقتله !
هتف اللص : ثياب !
قال الثاني : نقطّعهُ بالسيف !
صاح اللص: ثياب !
قال الثالث :  نحبسه !
هتف اللص : ثياب!
قال الرابع  : بل يعطيه الشيخ السيف، والرداء، ويعيده إلى أهله حتى يقال : إنَّ الشيخ عفا عنه ، وأكرمه.
فهتف اللص : ثياب !
وهنا استشاظ الشيخ غيظاً ، ورفع سيفه، وصاح باللص : سأقتلك ، إنْ لم تقل لي معنى كلمة ثياب !
ردَّ اللص بالقول : لقد سمعتَ إجابات الذين استشرتهم بشأني  وكل واحد منهم كان يعبّر عن ثوبه !
( السيرةُ مستمرةٌ، شكراً لمن صبر معي.. يتبع)
شروح صور
١. سيرجيو دي ميللو
٢. محمد باقر الحكيم
٣.عبد الهادي فنجان الساعدي
٤. بدل رفو المزوري